ينتظر أن يتم خلال السنة القادمة انطلاق العمل بقانون الصرف الجديد الذي يهدف إلى المساهمة في تحسين مناخ الأعمال لحفز المبادرة واقتحام الأسواق الخارجية. وسيتم وفق وثيقة مشروع الميزان الاقتصادي للعام المقبل، العمل بالخصوص على تجاوز العوائق التي تجابهها المؤسسات وقطاع الأعمال فيما يخص المعاملات بالعملة الأجنبية وذلك من خلال تجسيم الإصلاحات العملية التي تمت دراستها ضمن مجالس مناخ الاعمال.
وستشمل هذه الإصلاحات بالخصوص مراجعة الآجال وتبسيط الإجراءات المتعلقة بفتح الحسابات بالعملة الأجنبية بالنسبة للمستثمرين والسماح وفق شروط للوسطاء المرخص لهم المقيمين باعتمادهم كضامن للبنوك الأجنبية وللفروع المفتوحة في الخارج بما يسمح بتنفيذ التمويل المطلوب من قبل المؤسسات المتعاملة مع الأسواق الخارجية.
وستسمح الإجراءات الجديدة للصرف بتحرير التحويلات المالية العائدة بعنوان التخلي عن الطلبيات وإرجاع السلع في حالة عدم استكمال عمليات التصدير وإلغاء رصيد تحويلات مالية جراء خطأ أو عدم توفر بالحساب البنكي أو إشكال في عملية الدفع الإلكتروني.
كما سيتم العمل على إقرار حوافز لفائدة المستثمرين قصد إيداع مدخرات ومداخيلهم لدى البنوك التونسية وكذلك استقطاب القطاع غير المنظم نحو مسالك التمويل الرسمية. وسيتضمن الإطار التشريعي الجديد للصرف تشجيعات لفائدة للبنوك من أجل استقطاب موارد الادخار والتحويلات بالعملة وفق شروط تفاضلية موحدة. وبالتوازي سيتم مراجعة الاجراءات المتعلقة بحسابات التداول في إطار النهوض بالصادرات وإحداث حسابات التجارة الدولية.
وفي نفس السياق ينتظر مزيد تقليص آجال الإجراءات بالتوجه نحو المراقبة البعدية ورقمنتها وتوفيرها على الخط والترفيع في الأسقف المعتمدة للتحويلات الجارية إضافة إلى تيسير التداول بالعملات الإفريقية بغرض مواكبة حاجيات المؤسسات المصدرة والمستثمرين والمؤسسات الناشئة والخبرات التي تتعامل مع السوق العالمية.
ومن جانب اخر ووفق مشروع الميزان الاقتصادي فقد شهد سوق الصرف خلال سنة 2022 مزيدا من الضغوطات بسبب التداعيات المباشرة للحرب الروسية الأوكرانيةعلى ميزان المدفوعات حيث تراجعت قيمة الدينار تجاه الدولار الأمريكي بنسبة جمليه ناهزت 14.1 بالمائة بين موفى جانفي واكتوبر 2022 لتبلغ 3.29 للدولار الواحد بالعلاقة مع التطورات المسجلة بسوق الصرف الدولية خاصة الترفيع في نسب الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي وكذلك نتيجة لتطورات الميزان الجاري لاسيما ارتفاع كلفة واردات المواد الغذائية والطاقية وارتفاع خدمة الدين الخارجي حيث تراجعت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية الى أقل من مائة يوم توريد
وفي هذا الإطار سيواصل البنك المركزي التونسي جهوده خلال السنة القادمة وفق سياسة صرف مرنة تمكنه من ادارة الموجودات من العملة الأجنبية للاستجابة لحاجيات الاقتصاد الملحة خاصة فيما يتعلق بالتعهدات المالية مع الخارج مع العمل على الحد من اختلال التوازنات الخارجية واستيعاب الصدمات على ميزان المدفوعات.
ويستدعي تحقيق هذا الهدف إحكام المتابعة الدقيقة ّ لتطورات سوق الصرف واتخاذ السياسات والتدابير اللازمة لتجنب التغيرات الحادة في قيمة الدينار من جهة والعمل على تطوير أنشطة مكاتب الصرف لدعم تعبئة السيولة من العملة الأجنبية من جهة أخرى.
ويتجه العمل خلال 2023 على تعزيز دور القطاع المصرفي في تأمين التمويلات اللازمة لاستعادة النشاط الاقتصادي مع العمل في ذات الوقت على المحافظة على استقرار أسسه المالية. وفي هذا الإطار سيتم المواصلة على تعزيز الرقابة على المؤسسات المصرفية والمضي قدما في مسار الامتثال لمعايير التصرف الحذر والمعايير المحاسبية الدولية.
كما سيتركز العمل على مواصلة تنفيذ استراتيجية التفويت في المساهمات العمومية غير الاستراتيجية في إطار إعادة هيكلة القطاع المصرفي الى جانب التقدم في إرساء بنك الجهات وتطوير خدمات مؤسسة الضمان بما يوفر رافعة مالية إضافية لدعم التمويل لفائدة المشاريع الاستثمارية.
وسيتم أيضا العمل على تعزيز مقومات الحوكمة وترسيخ ثقافة المخاطر وتعزيز مسؤولية مجالس الإدارة على مستوى القيادة الاستراتيجية للبنوك وترسيخ ثقافة الأداء والمسؤولية الاجتماعية فضلا عن إيلاء أكثر أهمية لليقظة التكنولوجية والسيبرنية لمواكبة التطورات الحاصلة لنماذج أعمال المؤسسات البنكية وتأمين سلامة منظوماتها المعلوماتية.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 12/12/2022