أكد محافظ البنك المركزي التونسي مروان أن مشروع مجلة الصرف الجديدة الجاري اعدادها بالتعاون مع الجهات المعنية هو مشروع واسع النطاق لتحديث المجلة وذلك بهدف تعزيز مسار تحرير العلاقات المالية مع الخارج وفق ما جاء في كلمته في مقدمة التقرير السنوي للبنك لسنة 2021
ومن المرتقب وفق اعتقاده أن يكون مشروع القانون الذي يجري العمل على صياغته مواكبا للتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية على الصعيد الدولي وأن يستجيب على أفضل وجه لتطلعات المتعاملين الاقتصاديين، في ظل بيئة تتسم بتسارع حركة رؤوس الأموال والسلع والأفراد عبر الحدود واحتداد المنافسة الدولية.
وأفاد ان عرض مجلة الصرف الجديدة على السلطات المعنية ستكون موضوع تشاور وتنسيق مع مختلف الأطراف الفاعلة، متحفظا عن ذكر تفاصيل تقنية في الغرض.
واكد المحافظ ان مشروع مجلة الصرف يرمي إلى مزيد تيسير اندماج تونس في المحيط الاقتصادي الدولي من خلال انفتاح المؤسسات التونسية على الأسواق الخارجية وذلك عن طريق رفع القيود المتبقية على عمليات الصرف مع تعزيز شروط الشفافية المالية والإعلام والإبلاغ مع مراعاة الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكلية.
وتابع بالقول" إن قيادة هذا المسار التحرري سيرافقه تعزيز نظام المعلومات بالبنك المركزي وتدعيم المراقبة الداخلية للبنوك في مجال تنظيم الصرف حتى تضطلع بمسؤولياتها على أفضل وجه بشأن التفويض الذي سيمنح لها للغرض".
وذكَر في مجال الصرف انه تم في عامي 2020 و2021 اصدار منشورات تتعلق بإجراءات التيسير الجديدة في مجال التسويات المالية لعمليات التجارة الخارجية وتغطية تكاليف الإقامة المهنية بالخارج ونفاذ الشركات المقيمة لمصادر التمويل الأجنبية. كما شملت هذه الإجراءات تطوير سير السوق النقدية بالعملة الأجنبية وأدوات التحوط ضد مخاطر الصرف ونسب الفائدة وأسعار المواد الأساسية
ومن جانب آخر أبرز العباسي في كلمته عدم قدرة الاقتصاد التونسي على التدارك، من تجاوز الانعكاسات الوخيمة للأزمة الصحيّة العالمية، بسبب ال ضعف هيكلي للاقتصاد الوطني. وأكّد أنّه من شأن تراكم الصعوبات، لعدّة سنوات، أن يجعل من التعافي أكثر صعوبة، وأيضا، أعلى كلفة وسيعمل ذلك على تسليط المزيد من الضغوطات على التوازنات المالية.
ورجّح تواصل تداعيات الجائحة الصحيّة ممّا سيؤدي إلى تحقيق نسب نمو ضعيفة اذ ان نقص الاستثمارات، بمعدل 16بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي الخام يشكل عقبة أمام تحقيق انتعاشة قويّة للنمو وذلك على غرار محدودية الادخار الذي بالكاد تفوق نسبته 9 بالمائة من إجمالي الدخل. وبالتوازي لا تزال سوق الشغل في وضعيّة هشّة مع إحداثات شغل صافية قدرها 53.4 ألف موطن شغل مقابل فقدان صاف لـ 133 ألف موطن شغل في 2020.
ورغم تراجع نسبة البطالة بشكل طفيف لتبلغ 16.2 بالمائة خلال الربع الأخير من سنة 2021، فإنها تظل أعلى بكثير من مستواها لما قبل جائحة كوفيد-19 (14.9 بالمائة سنة 2019). أمّا على مستوى القطاع الخارجي، فقد توسع عجز الميزان التجاري بـ27.1 بالمائة من سنة لأخرى.
وأفاد التقرير، بأنّ المبادلات التجارية عرفت انتعاشة، ولكن مع تسجيل نسق أكثر تسارعا للواردات مقارنة بالصادرات (22.2 بالمائة مقابل 5.20 بالمائة) وساهم العجز بعنوان الطاقة والمواد الغذائية بشكل كبير في هذا التطور نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية لهذه المنتجات. واستقرّ العجز الجاري في مستوى 9.5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي مقابل 6 بالمائة في العام السابق و6.8 بالمائة في المعدل خلال العقد المنقضي.
في المقابل، وبحسب التقرير، شهد ميزان العمليات برأس المال والعمليات المالية تقلصا ملحوظا لفائضه، نتيجة تزامن انخفاض رؤوس الأموال الأجنبية المعبأة (استثمارات أجنبية مباشرة وقروض متوسطة وطويلة الأجل) مع زيادة السداد للدين الخارجي.
وفيما يتعلق بالمالية العمومية، وبعد سنة 2020 التي شهدت صعوبات بالغة مع تسجيل عجز قياسي قدره 9.4 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، عرف الوضع سنة 2021 هدوء نسبيا إذ تراجع عجز الميزانية إلى مستوى 5. 7 بالمائة، وذلك بالخصوص بفضل انتعاش المقابيض الجبائية.
وبالمقابل اكد التقرير بأنّ بقاء هذا المستوى من العجز يظل مثيرا للقلق بالنظر إلى حجم النفقات غير القابلة للتقليص، وفتور النمو بما من شأنه تهديد استدامة المقابيض، وعلاوة على ذلك، فإن تمويل مثل هذا العجز يطرح تحديات حقيقية، علما وأن قائم الدين العمومي قد ارتفع بحوالي 5.10 مليار دينار، منها قرابة 9 مليار ذات مصدر داخلي مع اللجوء المتزايد للتمويل البنكي.
وفي هذا الصدد، كان حجم تعبئة الموارد الخارجية الضرورية لتغطية النقص على مستوى الادخار الوطني، أقل بشكل ملحوظ من حاجيات التمويل، وفق ما ورد بالتقرير.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 26/08/2022