يعيش قطاع الملابس المستعملة "الفريب" حالة "موت سريري" لم يسبق أن شهدها وذلك لأسباب خارجية مرتبطة بنقص المخزون من الملابس القادمة من أوروبا إضافة إلى تداعيات جائحة "الكوفيد-19"، هذا ما أكده رئيس الغرفة الوطنية لتجار الملابس المستعملة صحبي المعلاوي في حوار لـ"البورصة عربي".
ويضيف المعلاوي أن الأزمة الاقتصادية العالمية الناتجة عن جائحة كورونا كان لها تأثير مباشر على المواطن الأوروبي بسبب ارتفاع نسب البطالة وتدهور المقدرة الشرائية وهو ما جعله يلجأ إلى الملابس المستعملة ولم يعد يستهلك الملابس الجاهزة، وهو ما دفع الدول الأوروبية التي تعد المصدّر الأول لـ"الفريب"، تشجع ترويج الملابس القديمة في السوق المحلية الأوروبية.
نقص مخزون الملابس المستعملة القادمة من أوروبا
يعدد المعلاوي الأسباب التي ساهمت في تردي قطاع الفريب في تونس مشيرا إلى أن الحكومات الأوروبية أصبحت منذ الجائحة الأخيرة تشجع مواطنيها على استهلاك الملابس المستعملة وفتح المغازات الكبرى لبيع هذه الملابس في العواصم الأوروبية، وهو ما حدا بالشركات والمصانع التي كانت تجمّع الملابس المستعملة وتصدرها للخارج إلى تغيير توجهها نحو توزيع مخزونها في الأسواق المحلية الأوروبية عوض تصديره.
كما أشار محدثنا إلى أن عديد الدول التي ليس لها تقاليد في "الفريب" مثل مصر وتركيا ودول شرق أوروبا مثل روسيا وأكرانيا قد دخلت على الخط لتنافس تونس التي تملك تقاليد عريقة حيث أن "الفريب" دخل تونس منذ سنة 1944 أي منذ ما يزيد عن الـ80 سنة.
سنة 2025 قد لا نجد "الفريب"
يجزم رئيس الغرفة الوطنية لتجار الملابس المستعملة أنه بحلول سنة 2025 لن يوجد "الفريب" في تونس أو في أحسن الحالات ستصبح الملابس المستعملة عملة نادرة بسبب نقص المخزون القادم من أوروبا ملاحظا في هذا الصدد أن الكميات التي يتم بيعها الآن هي كميات مخزنة منذ سنوات وبمجرد نفاذها سيلاحظ المستهلك التونسي نقصا واضحا في كميات الفريب.
وأضاف أن من تداعيات هذه الأزمة أن المعامل المنتفعة بنظام المستودعات الصناعية التي تقوم بالفرز والتحويل والرسكلة صارت تشتغل أسبوعا واحدا في الشهر رغم أن شهري جانفي وفيفري يشهدان ذروة إقبال التونسي على الملابس المستعملة في العادة.
30 بالمائة فقط من "الفريب" في السوق الداخلية
تخضع الحاويات المخصصة للملابس المستعملة إلى رقابة شديدة من وزارة التجارة وجهاز الديوانة ولا يمكن إخراج الحاويات من الميناء إلا بعد حصولها على شهادة تعقيم للتأكد من خلوها من الفيروسات حرصا على سلامة التونسيين وفق المعلاوي.
ولا يخصص إلا 30 بالمائة من الملابس المستعملة الموردة للسوق المحلية بينما يتم تصدير 30 بالمائة نحو أسواق افريقية فيما يتم إتلاف نحو 20 بالمائة منها ويوجه 20 بالمائة المتبقية نحو معامل القص والمفروشات والنسيج.
94 بالمائة من التونسيين يقتنون ملابسهم من "الفريب"
يستغرب الصحبي المعلاوي إصرار الدولة على تخصيص 30 بالمائة من الملابس الموردة للتصدير نحو الخارج في حين أن السوق الداخلية تشهد نقصا كبيرا مطالبا في هذا الصدد بتقليص حجم التصدير لفائدة السوق المحلية ذلك أن الفريب دخل في عادات المواطن التونسي معتبرا أن 90 بالمائة من التونسيين يستهلكون ملابس من الفريب وهم من كافة الفئات الاجتماعية الضعيفة والمتوسطة وحتى ميسوري الحال، ويضيف بالقول "على الدولة التونسية أن تغير القوانين وترفع المناشير التي أضرت بهذا القطاع".
وترفع الغرفة الوطنية لتجار الملابس المستعملة عديد المطالب "العاجلة" منها إلغاء نظام الحصص أو النظام التوقيفي حيث تفرض الدولة على مزودي الفريب بيع بضائعهم في ولاية واحدة وتمنعهم من التنقل وبيع الملابس في ولاية أخرى، كما يطالب تجار "الفريب" بحصة من تجارة الجلود والأحذية بأنواعها.
وينفي الصحبي المعلاوي أن يمثل "الفريب" وخاصة الأحذية الجلود تهديدا للصناعات المحلية مؤكدا أن الكارثة الحقيقية التي تهدد الإنتاج المحلي هي السلع الصينية والتركية التي يتم تكديسها في السوق المحلية، مشددا أن الفريب اليوم صار يوفر للتونسي "الأمان الملبسي".
الفريب يوفر 200 ألف موطن شغل
وحسب إحصائيات تحصلت عليها "البورصة عربي" يوفر قطاع الفريب أكثر من 200 ألف مواطن شغل منها 8000 موطن لفائدة أصحاب الشهائد العليا، وتوجد اليوم 54 شركة تابعة لنظام المستودعات الصناعية التي تقوم بعمليات الفرز والرسكلة والتوزيع للملابس المستعملة منها 5 شركات تصدير كلي، وقد ساهمت الأزمة الصحية والاقتصادية في توقف نحو 25 مصنعا بمحاضر ديوانية.
وبلغت تكلفة تصدير الملابس المستعملة خلال سنة 2021 ما قيمته 267 مليون دينار فيما تم تصدير أكثر من 160 مليون دينار من الملابس المستعملة أغلبها نحو أسواق افريقية.
أمير البجاوي
تم النشر في 02/02/2022