تُؤكَد جلَ المؤشرات والتوجهات ان شهر رمضان لعام 2022 سيكون استثنائيا في تونس من حيث تسجيل ارتفاع لافت في أسعار المواد الاستهلاكية والمنتوجات الفلاحية الطازجة (خضر وغلال) وكذلك اللحوم الحمراء والبيضاء علاوة على إمكانية تسجيل نقص حاد في توفر العديد من المنتجات.
وأضحى شهر رمضان في تونس يُشكَل موسما استهلاكيا بامتياز وترتفع خلال الحركية التجارية بشكل لافت اذ يقدر المعهد الوطني للاستهلاك ارتفاع نسق الاستهلاك في شهر الصيام ما بين 15 و20 بالمائة بالمقارنة مع الأشهر العادة للعام.
ومما سيزيد في مزيد تعقيد وضعية توفر المنتوجات في رمضان (مبدئيا يوم 2 افريل 2022) وخاصة ارتفاع الأسعار ما تشهده البلاد في الوقت الرهان وقبل اقل من شهر عن رمضان، من نقص حاد في عدة مواد استهلاكية على غرار دقيق الفارينة والسميد والأرز والزيت النباتي المدعم والمعجنات، ما أحدث ضغطا لافتا على مستوى العرض قابله ارتفاع الطلب خشية نفادها تماما في رمضان.
وحرصا على تامين التزويد وانتظامه بشكل انسيابي خلال شهر رمضان كثَفت وزارة التجارة وتنمية الصادرات مؤخرا من عقد عدة اجتماعات تحضيرية لأجل العمل على حسن تزويد السوق وتفادي الإشكاليات الحاصلة في هذه الفترة.
ووفق ما تحصل عيه "البورصة عربي" من معطيات رسمية بشأن الاستعدادات لشهر رمضان 2022، فان الوزارة اقرت بتواصل الاضطرابات والصعوبات الظرفية المسجلة في مادة الزيت المدعم بسبب تأخر توريد الشحنة المقررة لشهر فيفري.
كما يتم تسجيل اضطرابات في بعض أصناف مشتقات الحبوب (السميد والفرينة) والأرز والسكر بالرغم من استرجاع النسق العادي للتوزيع ووضع برامج خصوصية للإشراف على توزيع هذه المواد وتوجيهها خاصة بالمناطق التي تشهد نقص (إشكالية في تواصل الطلب المهني والعائلي المتزايد)
وبحسب الوزارة تعتبر مستويات الأسعار المسجلة خلال شهر فيفري مرضية إجمالا لمختلف المنتوجات، باستثناء التذبذب المسجل في أسعار الفلفل (ارتفاع كلفة الباكورات) وبعض أصناف الغلال (التفاح والإجاص) وبعض التجاوزات المتعلقة بمحاولات للترفيع في أسعار البيض (ارتفاع أسعار الأعلاف) والبطاطا (تقلص العرض).
الوضعية الاستشرافية للتزويد
وبحسب المعطيات المتحصل عليها فانه من المنتظر أن تتواصل الانتظامية في التزويد خلال الفترة القادمة أي خلال شهر رمضان باستثناء التذبذب المنتظر في مادة البطاطا بسبب النقص المسجل في حجم الإنتاج من جهة وتزامنها مع الفجوة الهيكلية الربيعية من جهة أخرى وعدم قدرة المخزونات على تغطية الطلب الإضافي.
وفي هذا الإطار تجدر الإشارة الى انه تمت زراعة حوالي 2200 هك (حوالي 45 ألف طن) للإنتاج ما قبل البدري والبدري مقابل إنجازات السنة الفارطة في حدود 2650 هك (53 ألف طن) وكميات متبقية من المخزون التعديلي من البطاطا لسنة 2021 تقدر بحوالي 9000 طن فقط مع دخول باكورة الإنتاج الفصلي بعد رمضان مع بداية شهر ماي 2022.
وبالنسبة الى مادة البيض تعتبر الوزارة انه نظرا لصعوبة استكمال تكوين المخزون التعديلي المبرمج (30 مليون بيضة) وضعف مستويات الإنتاج المبرمجة (141 مليون بيضة) سيبقى الوضع مرتبطا بالقدرة على تكوين كامل المخزون التعديلي لشهر رمضان 2022 (تم انجاز حوالي 14,5 مليون بيضة إلى غاية يوم 25 فيفري 2022) أو الترفيع في مستويات الإنتاج
وسيطال التذبذب ايضا الغلال بسبب تقلص العرض لتزامن شهر رمضان مع أوج الفجوة الربيعية وتراجع حجم المخزونات من الغلال وتراجع نسق عمليات التوريد (نظرا لارتفاع المعاليم الديوانية الجديدة التي اقرها قانون المالية لسنة 2022).
وفي سياق متصل ستعرف اللحوم الحمراء بدورها اضطرابا بسبب عدم القدرة على تعديل السوق بعمليات توريد اللحوم المبردة (ارتفاع أسعار التوريد) ودخول العجول المسمنة حيز التوزيع بالسوق بعد شهر رمضان.
وفيما يتعلق مشتقات الحبوب المدعمة والزيت النباتي، ستشهد بدورها اضطرابات بسبب العوامل الجيو سياسية بمنطقة البحر الأحمر والارتفاع القياسي للأسعار العالمية وصعوبة القدرة على فتح الاعتمادات البنكية لديوان الحبوب.
ضغوطات في الاسعار
توقعت وزارة التجارة وتنمية الصادرات تواصل الضغوطات في أسعار بعض المواد وارتفاعها خلال الفترة القادمة في ظل تداعيات الأسواق العالمية والعوامل الجيوسياسية والآثار المجرورة لارتفاع أسعار المحروقات وتزايد الطلب الداخلي (رمضان، الموسم السياحي) وتزامن الفترة القادمة مع فجوة الإنتاج الربيعي تشمل خاصة المنتجات الفلاحية الطازجة (الخضر والغلال، اللحوم البيضاء والحمراء، البيض)، ومدخلات الإنتاج الفلاحي (المواد الأولية لصناعة الأعلاف) والمواد الغذائية المصنعة والمواد الصناعية.
الإجراءات المتخذة
حرصا على تفادي مزيد تعكر الوضعية ولاسيما السعي الى تامين انتظامية التزويد خلال شهر رمضان المقبل اتخذت الوزارة بالتعاون مع بقية الوزارات والهياكل المعنية بعض الإجراءات تتعلق أساسا، ب التنسيق مع الوزارات والمؤسسات المعنية لتأمين انتظامية التزويد بالمواد الأساسية وتكوين المخزونات الاستراتيجية والتعديلية واستمرارية عمليات التوريد والتوزيع.
وتم اقتراح التنسيق مع المهنة لتعليق الزيادات المسجلة والمبرمجة في الأسعار، الى جانب مواصلة تنفيذ البرنامج الخصوصي للتصدي لعمليات تهريب العجين الغذائي والانطلاق في تنفيذ برنامج رقابي خصوصي مشترك للتصدي لعمليات ومحاولات الاحتكار وفتح أبحاث في شأن بعض الزيادات المسجلة في الأسعار.
الى ذلك التنسيق مع الوزارات المعنية لدعم الإمكانيات البشرية واللوجستية لمصالح المراقبة الاقتصادية فضلا عن وضع برامج خصوصية لتحسين وضع التزويد ومستوى العرض بالمواد الأساسية بالتنسيق مع المهنة والمؤسسات تحت الإشراف (السميد، الفارينة، الأرز والسكر).
تكليف الخواص بتوريد كميات من مادة البيض
من ضمن المقترحات التي ستطرحها وزارة التجارة في الفترة القادمة، العمل على توفير الاعتمادات الضرورية لتأمين النسق العادي لعمليات توريد المواد الأساسية والشروع في ترويج المخزون التعديلي المتبقي من مادة البطاطا بداية من شهر مارس 2022 خلال فترة تقاطع المواسم لتعديل العرض حسب تطور وضعية السوق.
كما تدعو المصالح المعنية بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري للقيام بمعاينات ميدانية لمواقع الإنتاج لتحديد مستوى الإنتاج الموازي لمادة البيض وذلك بداية من شهر مارس 2022 بالإضافة الى إقرار إمكانية تكليف الخواص بتوريد كميات من مادة البيض لتعديل العرض خلال شهر رمضان على ضوء المعطيات المحينة لمستويات الإنتاج والمخزون التعديلي و الإذن لشركة اللحوم بالعمل على توفير كميات من اللحوم الحمراء انطلاقا من الإنتاج المحلي بأسعار تتماشى مع القدرة الشرائية للمستهلك وتمكينها من استغلال محجوزات العجول المهربة لهذا الغرض مع التسريع في إصدار مرسوم مسالك توزيع منتوجات الفلاحة والصيد البحري,
مهدي الزغلامي
تم النشر في 07/03/2022