قدم قسم الدراسات والتوثيق بالاتحاد العام التونسي للشغل رؤيته الإصلاحية لعدد من المجالات الاقتصادية في ردة فعل على برنامج الإصلاحات التي تستعد حكومة نجلاء بودن تنزيلها على ارض الواقع اثر عرضها على صندوق النقد الدولي قصد الحصول على قرض جديد تأخر كثيرا واثر على خروج تونس على الأسواق المالية الدولية لتعبئة الموارد الضرورية للميزانية.
واكد الاستاذ الجامعي المختص في الاقتصاد والخبير بقسم الدراسات بالاتحاد العام التونسي للشغل، عبد الرحمان اللاحقة، ان رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات، الذي اقترحته الحكومة في برنامجها الاصلاحي الموجه الى صندوق النقد الدولي، سيتسبب في زيادة معدل الفقر في تونس بـ 4 نقاط مئوية وسقوط ما يزيد عن 450 ألف شخص في دائرة الفقر، اضافة الى مزيد تفقير الفئات التي ترزح تحت خط الفقر.
وأضاف اللاحقة، في قراءة نقدية تحت عنوان "برنامج الإصلاحات الحكومية للخروج من الأزمة: الملاحظات والخيارات البديلة للإصلاح"، ان "نصف نفقات الدعم التي وصلت قيمتها الى 7 مليار دينار بسبب الحرب الروسية في اوكرانيا، لا توجه الى العائلات وتستفيد منها المؤسسات والمهن الصغرى وغيرها".
ويقترح في خطة اصلاح منظومة الدعم، الاسراع بوضع المعرف الاجتماعي الذي لا يقتصر على العائلات المعوزة فقط بل يشمل كل المواطنين التونسيين، مشيرا الى ان مثل هذا التمشي سيمكن من التقليص من نفقات الدعم بنسبة تصل الى 50 بالمائة دون المساس بالقدرة الشرائية للعائلات ولا سيما للأُجراء، والمتدهورة اساسا، حسب توصيفه.
كما لاحظ ان نفقات الدعم الموجهة الى المؤسسات الاقتصادية والمقدرة ب 5000 مليون دينار لا تقل أهمية عن نفقات دعم المواد الاساسية والمحروقات، مطالبا الحكومة بضرورة مراجعتها ودراسة مدى جدواها في الرفع من مستوى الاستثمار والتشغيل.
اصلاح حقيقي للمنظومة الجبائية
ولدى تطرقه الى ملف الجبائية أبرز عبد الرحمان اللاحقة ان "الاصلاح الجبائي يجب ان يكون على راس الاصلاحات التي على الحكومة الانطلاق في تنفيذها بصفة استعجالية ولا سيما في مقاومة التهرب الجبائي"، مقترحا مراجعة نسبة الاداء على الشركات واعفاء اصحاب الدخل السنوي الذين لا يتجاوز دخلهم 8000 دينار من الضريبة على الدخل عوض 5000 دينار.
واوصى بمراجعة نسبة الآداء على أنشطة التجارة وفي المساحات التجارية الكبرى ومراجعة الحوافز الضريبية اذ أن 80 بالمائة غير فعَالة وفرض ضريبة على الثروة وضريبة أخرى على الأرباح العقارية والمالية من اجل تعبئة موارد إضافية للدولة تغنيها عن التداين المشط.
اصلاح عاجل للمؤسسات العمومية
وأفاد في قراءته ان برنامج الاصلاحات المقدم من اتحاد الشغل يقترح الشروع في برنامج الإصلاحات العاجلة للمؤسسات العمومية حالة بحالة حسب خصوصياتها وبعث صندوق للإصلاح المالي للمؤسسات العمومية واجراء مراجعة للإنفاق العام للديون وكيفية انفاقها.
ويتضمن برامج الاتحاد خطة لإنعاش القطاعات الاستراتيجية كالفسفاط والطاقة والبناء والفلاحة والسياحة والاحاطة بالمؤسسات الاقتصادية الناشئة وضمان التواجد في ليبيا والجزائر وافريقيا جنوب الصحراء وتحسين المناخ الاستثماري من خلال مراجعة قانون الاستثمار وغيرها.
هندسة أفضل للديون
وفي مجال معالجة الديون يقترح الخبير لدى اتحاد الشغل مراجعة هيكلة الدين العمومي عبر ترشيد اللجوء إلى المديونية الخارجية حسب الحاجات الحقيقية واعتماد سياسة نقدية أكثر مرونة لإعادة التمويل(على حساب تضخم مالي مرتفع نسبيّا) الى جانب استكشاف الإمكانيات التي توفرها السوق المالية المحلية والصكوك في الخارج مع تطوير سوق الأوراق المالية الثانوي المحلي لجذب المستثمرين في رقاع الخزينة: التمويل المباشر للدولة من البورصة بدلاً من المرور عبر البنوك التي تفرض هوامش ربح عالية (معدل BTA 9 ٪ مقابل نسبة فائدة للادخار بنسبة 5٪).
ومن ضمن المقترحات الاخرى، إنشاء وكالة تونس للخزينة لضمان تصرف أكثر نجاعة وشفافية لديون الدولة وخزينتها علاوة على النّظر في دراسة مدى فاعلية اعادة تصنيف الديون عبر تمديد آجال الاستحقاق وتسهيل الدفوعات لا سيما وأن الدين الخارجي التونسي هو في الغالب متعدد الأطراف وثنائي. وبالتالي يتم التعاقد مع المانحين بشروط ميسرة (أسعار فائدة منخفضة وآجال طويلة).
ترشيد النفقات
ويرى قسم الدراسات والتوثيق باتحاد الشغل انه من الضروري الالتزام بالحفاظ على تطور كتلة الأجور عند مستوى أقل من نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي ويساوي على الأقل نسبة التضخم محافظة على القدرة الشرائية (بما يبقي على القدرة الشرائية للمواطنين ويحافظ على مكاسب وحقوق الأجراء)، وكذلكالتفاوض بشأن الزيادات خاصة من خلال الإصلاح الضريبي (مراجعة الإعفاء الضريبي البالغ 5000 دينار تونسي) مع إطلاق حوار من أجل إصلاح عميق للوظيفة العمومية وتحديثها
مهدي الزغلامي
تم النشر في 02/09/2022