ilboursa.com

 

 

أصدر المعهد الوطني للإحصاء (حكومي) مؤخرا نسبة التضخم لشهر مارس 2025 والتي بلغت 5.9 بالمائة بزيادة طفيفة عن شهر فيفري اين تم تسجيل 5.7 بالمائة ولكن المتأمل في نسب تضخم اهم المواد المكونة للنسبة العامة للتضخم يلاحظ بالتأكيد انها تصل الى رقمين وتجاوزت 20 بالمائة.

وتطرح هذه المسالة جدلا قائما منذ عدة سنوات حول كيفية احتساب المعهد الوطني للإحصاء نسب التضخم في وقت تعرف فبيع العديد من أسعار المواد الغذائية المؤطرة والحرة ارتفاعا متزايدا.

ويعتر عدد من المواطنين انه شتَان بين ما يتم الإعلان عنه من تحكم في التضخم وتراجعه وبين الواقع الملموس وحقيقة الأسعار المستعرة في تونس، بتسجيل مستويات قياسية لحزمة كبيرة من أصناف الغلال والخضر والمواد الغذائية"، تصريح للسيد الهادي المحواشي المتسمَر أمام محل لبيع الخضر والغلال في أحد أحياء تونس العاصمة.

لا أثر لتراجع التضخم على جيوب التونسيين

وتشهد أثمان العديد من المنتوجات في تونس في الفترة الأخيرة زيادة هامة جعلت عددا كبيرا من التونسيين يتذمرون من الغلاء اللافت ويطلقون نداءات متكررة الى اعلى سلطة في البلاد رئيس الدولة للتدخل مباشرة لوقف نزيف اهتراء القدرة الشرائية وتوفير منتوجات بأسعار مقبولة تضاهي قدرتهم الاستهلاكية الاخذة في التدني من سنة الى أخرى.

فرق شاسع

بين البيانات الرسمية الصادرة عن المعهد الإحصاء الحكومي في تونس حول التحكم في نسب التضخم واواقع المعيش للتونسيين، بون شاسع وهوة كبيرة بين ما هو مجرد ارقام ومعطيات وحقيقة الأسعار المتداولة في اغلب أسواق البلاد.

ولئن تؤكد بيانات معهد الإحصاء تراجع نسبة التضخم في تونس من 10.4 بالمائة فيفري من السنة الماضية الى 5.9 في بالمائة في مارس من سنة 2025، فإن واقع التونسي مغاير تماما بتسجيله لمستويات مرتفعة لأثمان جل المواد التي صعدت بشكل هام خاصة في رمضان من السنة الحالية وان معاناتهم صارت مضاعفة بسبب غلاء الأسعار واختفاء المواد الأساسية من الأسواق.

ويجزم عدد هام من المواطنين أن تكاليف المعيشة تعرف ارتفاعا متواصلا وانه لا صحة لما يتم تداوله بشأن تراجع مستوى التضخم في تونس، اذ يعتبرون أن الأسعار صارت مستعرة في تونس مع بداية العام الجديد وتعمقت أكثر في شهر رمضان مندهشا من بلوغ سعر الكلغرام واحد من لحم الضأن مستوى تاريخي بلغ 60 دينارا  لم يعد التونسي المتوسط مثل حاله أن يتجرأ أو أن يجازف باقتناء 1 كلغ من لحم الضأن.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية

التناقض الصادم والملفت للانتباه ان معهد الإحصاء الحكومي يقول ان نسبة التضخم العامة بلغت 5.9 بالمائة في الشهر الفارط ما يعد في نظر المشرفين والمسؤولين أمرا محمودا لكن مع مزيد التمعن والتعمق في الأرقام والمؤشرات تبرز مسالة غير طبيعية.

فكيف يتم تسجيل نسبة تضخم اقل من 6 في المئة بينما بقية مجموعات الاستهلاك والمنتجات تعرف ارتفاعا لافتا بلغ رقمين. في غضون ذلك يرى معهد الإحصاء أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أسهم في عودة التضخم الى مستويات ارفع من الاشهر الفارطة ببلوغه 5.9 بالمائة خلال مارس 2025 مقابل 5.7 بالمائة في فيفري من نفس السنة.

وأكد أن تطور أسعار المواد الغذائية تزامن مع شهر رمضان، شهر الاستهلاك بامتياز، إذ بلغت نسبة تضخم مجموعة المواد الغذائية في شهر مارس الفارط نسبة 7.8 في المئة مقابل 7 بالمائة خلال شهر فيفري من هذه السنة ونسبة التضخم مجموعة الملابس والأحذية نسبة 11.7 بالمائة مقابل 9.7 بالمائة خلال شهر فيفري الماضي.

ولئن ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 7.8 بالمائة فإن أسعار لحم الضأن زادت بنسبة 21.9 بالمائة وأسعار الخضر الطازجة بنسبة 20 بالمائة وأسعار الغلال الطازجة بنسبة 15 بالمائة وأسعار الأسماك الطازجة بنسبة 14.1 بالمائة وأسعار الدواجن بنسبة 13.9 بالمائة مقابل تراجع أسعار الزيوت الغذائية بنسبة 19.9 في المئة بسبب نقص توريد هذه المادة فلي الأشهر الأخيرة.

التضخم الملموس

ويؤكد رضا الشكندالي أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية أن الارتفاع الفعلي للأسعار يُقاس من خلال سلة المواد الأساسية التي تجاوزت نسب الزيادة فيها 20 بالمائة وهوما يشكل وفق رايه التضخم الحقيقي الملموس من قبل المواطنين

وصرَح أن ارتفاع نسبة التضخم، خلال شهر رمضان، ليست بالأمر الجديد، في تونس، إذا ما علمنا أن النسبة زادت، أيضا، خلال مارس 2024، الذي وافق شهر رمضان في ثلثيه، وقدّر التضخم حينها ب7.5 بالمائة، وكان ارتفاع هذه النسبة طفيفا خلال مارس 2025، بعد تراجعها خلال فيفري والأشهر السابقة.

وأردف بالقول" هذا لا يعني أن المستوى العام للأسعار قد انخفض بل العكس صحيح، خاصّة، إذا علمنا أن المقدرة الشرائية للمواطن تواصل انحدارها من رمضان إلى آخر".

واعتبر في تحليله أن نسبة التضخم، التّي تمّ تسجيلها، خلال مارس 2025، والبالغة 5.9 بالمائة، لا انعكاس لها على واقع المستهلكين في تونس، بل انه لا يصلح إلا لرسم سياسات الاقتصاد الكلّي، في الوقت الذي يهتم المواطن، كثيرا، لما ينفقه يوميا، نظير الحصول على المواد الأساسية على غرار الموّاد الغذائية والخدمات الضرورية مثل الخدمات الصحيّة والتعليم، وهي سلّة خدمات استهلاكية أسعارها أعلى بكثير من المعدل العام للتضخم.

محرار حقيقي

ويتابع الشكندالي تحليله بالتأكيد على أن تضخم اسعار المواد الأساسية يعد المحرار الحقيقي، الذي يقيس به المواطن التونسي، الارتفاع الفعلي للأسعار، وبالتالي تدهور مقدرته الشرائية.

ويتحسس المواطن وفق رايه هذا الارتفاع من خلال أسعار لحم الضأن، التّي زادت ب21.9 بالمائة، والخضر الطازجة، ب 20 بالمائة، والغلال الطازجة، بنسبة 15 بالمائة، والأسماك الطازجة، ب14 بالمائة، والدواجن، بنحو 14 بالمائة.

 

مهدي الزغلامي

 

تم النشر في 11/04/2025

الأكثر قراءة