تنتظر تونس ثلاثة مواعيد استثمارية هامة في ظرف ستة أشهر يمكن اعتبارها مصيرية وعلى غاية من الأهمية لاستعادة ثقة صناع قرار الاستثمار في العالم في الوجهة التونسية التي عرفت في السنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا على مستوى استقطاب الاستثمارات الخارجية واحداث المشاريع الكبرى.
وتعول حكومة نجلاء بودن على انجاج هذه المواعيد الاستثمارية ليس من الجانب التنظيمي فقط بل من حيث الانتظارات ونتائج هذه المواعيد الثلاثة الهامة ليكون وقعها إيجابيا على مسار الحركة الاستثمارية والمساهمة في تنشيط الدورة الاقتصادية في السنوات المقبلة.
ويتمثل الموعد الاول في منتدى تونس للاستثمار الذي سينعقد في النصف الثاني من شهر جوان 2022 ويهم الموعد الثاني مؤتمر القمة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولي لتنمية افريقيا (تيكاد 8) في يومي 27 و28 اوت 2022، اما الموعد الثالث فسيكون مؤتمر اقتصادي رفيع المستوى عل هامش احتضان تونس قمة الفرنكفونية في نوفمبر 2022.
وتعتبر هذه المواعيد والتظاهرات الاقتصادية على غاية من الأهمية ومنعرج مفصلي لتونس لعرض مزاياها التفاضلية في مجال الاستثمار لا سيما وان البلاد تستعد لإعداد مخطط إنعاش اقتصادي يتضمن جملة من الإجراءات من اوكدها إعطاء الدفع اللازم للاستثمار بإلغاء التراخيص وتعويضها بكراسات شروط علاوة على السعي الى تبسيط الإجراءات الإدارية وتسهيلها امام المستثمرين.
وتتزامن هذه التظاهرات الاقتصادية والترويجية مع شروع تونس في اعداد مخطط تنموي جديد خلال الفترة 2023/2025 والذي سيتضمن حزمة من الإجراءات والمشاريع الهامة تتصدرها إنعاش الاستثمار.
كما ان هذه المواعيد الاستثمارية الثلاثة تستمد أهميتها من تلافي الإخفاقات التي رافقت تنظيم تونس لقمة 20/20 التي احتضنتها في سنة 2017 لتمويل الاقتصاد والتي توفقت تونس حينها في جمع تمويلات بقيمة 34 مليار دينار، ولكن متابعة التمويلات عرفت فشلا ذريعا اذ لم يقع حسن توظيف الوعود الدولية بالتمويل لتعرف القمة فشلا ذريعا.
ويأتي احتضان تونس لهذه التظاهرات الاقتصادية العالمية في فترة قد يكون فيها العالم قد بدا التعافي بشكل كبير او التخلص من تداعيات جائحة فيروس كورونا والدخول في فترة هامة من التعافي الاقتصادي العالمي الذي قد يعرف عودة الحركة الاستثمارية، وهي نقطة يجب على تونس حسن توظيفها من منطلق ان نسبة كبيرة من الشعب التونسي (أكثر من 6 ملايين) قد اتموا عمليات التلقيح ما يجعل البلاد وجهة امنة من الجانب الصحي.
ولعل المسالة البارزة من احتضان تونس لثلاثة مواعيد اقتصادية بارزة تزامنها مع مرحلة حساسة يمر بها الاقتصاد التونسي والذي سيكون بحاجة الى جرعة كبيرة من "الاكسجين" للخروج من مرحلة الانكماش الاقتصادي عبر حسن توظيف هذه المواعيد وخاصة الاستفادة من التمويلات ونوايا الاستثمار التي قد تصدر عنها وتحويلها الى مشاريع اقتصادية حقيقية، لا ان تظل مجرد اعلان نوايا.
وبالنسبة الى منتدى تونس للاستثمار فقد تم تأجيل الدورة 21 لمنتدى تونس للاستثمار الذي دأبت على تنظيمه وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي في شهر جوان من كل سنة ومرّة كلّ سنتين منذ سنة 2015، نتيجة للظرف الصحي الاستثنائي الذي تعيشه تونس على غرار مختلف دول العالم.
وقد كان من المفروض تنظيمه في جوان من السنة الماضية ليقع تأخيره الى هذه السنة. ويمثل منتدى تونس للاستثمار، أهم التظاهرات الترويجية والحدث الأبرز في مجال الاستثمار والأعمال والمرسّخ في الأجندة الاقتصادية العالمية لأغلب المستثمرين والمجمّعات الاقتصادية الدولية.
وتسعى الوكالة من خلال هذه التظاهرة الاقتصادية إلى استقطاب أكبر عدد من المستثمرين ورجال الأعمال وصانعي القرار على المستوى العالمي، فضلا عن نخبة من المسؤولين والفاعلين في مجال الاستثمار من تونس، بهدف تقديم المزايا التفاضلية الداعمة لتنافسية موقع تونس وجاذبيته ضمن رؤية استشرافية تدعّم الانتماء إلى سلاسل القيمة العالمية وعبر فسح المجال للتباحث حول فرص الاستثمار المُمكنة ومن خلال تتويج المؤسسات الأجنبية التي ساهمت في تحقيق التنمية في تونس.
يُشار إلى أن دورة 2019 تميزت بحضور 1320 مشاركا موزعين بين 1059 تونسيا و261 أجنبيا من 38 دولة شقيقة وصديقة. اما مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية بأفريقيا " تيكاد 8" سينعقد يومي 27 و28 اوت 2022 بتونس فهو يعد من اقوى التظاهرات الاقتصادية العالمية التي تنعقد بالتداول بين اليابان واحد الدول الافريقية مرة كل سنتين.
واعتبر اليابان، ان الوقت حان، بالنظر الى التأثير الاقتصادي والاجتماعي الهام لجائحة كوفيد على افريقيا، من اجل العمل المشترك على الصعيد الدولي، وستساعد اليابان من خلال مؤتمر " تيكاد 8″ على دفع مجهود التنمية في افريقيا من خلال رسم سبيل للتنمية بالقارة في مرحلة ما بعد كوفيد.
ويعتبر " تيكاد " مؤتمرا متعدد الأطراف يجمع المنظمات الدولية والدول الشريكة في التنمية والمؤسسات الخاصة والمنظمات والمجتمع المدني المهتمة بالتنمية في على مستوى القارة الافريقية.
علما وان " تيكاد 7 " جمع قرابة 42 رئيس دولة وحكومة سنة 2019، وخصصت اليابان خلال " تيكاد 7″ مبلغ 20 مليار دولار لدعم الشركات والمشاريع ذات القيمة المضافة ضمن المحور الثلاثي المتكون من افريقيا واليابان وتونس.
وفيما يتعلق بالموعد الاقتصادي الثالث فهو المنتدى الاقتصادي الذي سينعقد على هامش احتضان تونس للقمة الفرنكوفونية بجربة في نوفمبر 2022، ويعد فرصة لتعزيز الشراكة في الفضاء الفرنكفوني
وتحت شعار " من أجل تنمية تشاركية داخل الفضاء الفرنكوفوني" تحتضن جزيرة جربة، في نوفمبر 2022، "المنتدى الاقتصادي للفرنكوفونية" الذي ينتظم على هامش فعاليات الدّورة 18 للقمة الفرنكوفونية التي تستضيفها تونس.
ويهدف "المنتدى الاقتصادي للفرنكوفونية دورة جربة 2022" إلى مناقشة قضايا التنمية استنادا إلى أهداف الاستراتيجية الاقتصادية الفرنكوفونية وإلى البحث عن رؤى شاملة ومبتكرة استجابة للتحديات الاقتصادية التي يعيشها العالم عموما وأغلب بلدان الفضاء الفرنكوفوني بصفة خاصّة بسبب الوضع الوبائي وتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية.
وتسعى تونس من خلال تنظيم هذا الحدث الاقتصادي الدولي الهام إلى توفير ارضية للحوار بين رجال الأعمال والمؤسسات وأصحاب أفكار المشاريع والخبراء وصناع القرار ممثلين عن تونس وعن أكثر من 50 دولة بين عضو قار وعضو مُلاحظ بهدف مزيد تعزيز التعاون والشراكة بين دول الفضاء الفرنكوفوني وخارجه في عديد المجالات، من أبرزها الشراكة والاستثمار والرقمنة.
وينتظر ان يتضمّن "المنتدى الاقتصادي للفرنكوفونية دورة جربة 2022" لقاءات شراكة متعددة القطاعات لتعزيز التكامل الاقتصادي مع رجال الأعمال من مختلف بلدان الفضاء الفرنكوفوني.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 10/02/2022