ilboursa.com

احتدم الجدل خلال آخر شهر جانفي المنقضي بعد تسجيل تأخر في موعد صرف رواتب الموظفين للشهر الثاني على التوالي حيث لم يتمكن موظفو قطاع التربية والتعليم العالي من الحصول على مرتباتهم إلا بعد دخول شهر فيفري وهو ما اعتبره متابعون أمرا خطيرا ينذر بإمكانية عجز الدولة عن صرف أجور أكثر من 600 ألف موظف يعملون في القطاع العام خلال الأشهر القادمة.

ورغم تطمينات وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية ان اجور الموظفين خلال الاشهر القادمة غير مهددة وان ما يشاع حول لجوء الدولة لمدخرات البريد التونسي لسداد اجور شهر جانفي هو من قبيل المغالطات إلا أن تخوفات الموظفين على رواتبهم باتت معقولة خصوصا مع تزايد الضغوطات على المالية العمومية وعجز الدولة عن الحصول على التمويلات الداخلية والخارجية الضرورية لتأمين نفقاتها.

ويوضح أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية رضا الشكندالي في هذا الخصوص أن نفقات الدولة يتم تأمينها عبر الموارد الجبائية أساسا واللجوء إلى التمويل المباشر من البنك المركزي أو التعويل على البنوك، كما يمكن للدولة أن تخصص الموارد التي تتم تعبئتها من الخارج لتمويل النفقات ومنها خلاص الأجور.

ويضيف الشكندالي في تصريح لـ"البورصة عربي" أن حساب الخزينة لدى البنك المركزي خلال الشهر المنقضي لم يكف لتمويل الأجور وهو ما دفع الدولة إلى اللجوء للبنوك التي عبرت عن قلقها من الضغوطات المتزايدة عليها لتمويل نفقات الدولة وخشيتها من عجز الحكومة على سداد هذه المبالغ العالية.

يذكر ان الرئيس السابق للجمعية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية أحمد الكرم، كان قد أكد في تصريح اعلامي أن البنوك أصبحت تواجه ضغوطات كبيرة بسبب موازنات الدولة، وأصبحت تُوجّه أغلب مواردها لتمويل المؤسسات العمومية وخزينة الدولة مباشرة.

ويشير رضا شكندالي إلى أن الحكومة لجأت إلى البريد التونسي لتمويل مصاريف الأجور لشهر جانفي مستدركا أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها التعويل على الشبكة البريدية إلا أن الجديد بالنسبة لهذا الشهر هو حجم الأموال التي تجاوزت 700 مليون دينار وهو ما أثار مخاوف المدخرين في البريد التونسي.

وكانت مسؤولة بوزارة بابيّة قد أكدت في وقت سابق أنه تم التعويل على مداخيل الشبكة البريدية لتمويل الميزانية إضافة إلى 2.7 مليار دينار من الموارد الجبائية لشهر جانفي وتحويل القرض الجزائري بقيمة 300 مليون دولار إلى الدينار التونسي واقتراض داخلي بقيمة 115 مليون دينار.

وشدد الشكندالي على أن اللجوء إلى القرض الجزائري والشبكة البريدية يؤكد وجود صعوبات كبيرة تواجه الدولة في تمويل نفقاتها وقد تتضاعف هذه الصعوبات في حال فشلت الحكومة في امضاء اتفاق مع صندوق النقد الدولي إلى غاية شهر مارس رغم أن المفاوضات تتطلب على الأقل 4أو 5 أشهر في الأوضاع العادية، مؤكدا أن تونس يمكن أن تصل لمرحلة أنها تعجز عن صرف أجور موظفيها خاصة إذا ما فشلت في الحصول على التمويلات المالية الخارجية اللازمة وهو أمر وارد للغاية حسب اعتقاده.

وحسب ميزانية الدولة لسنة 2022 ستبلغ نفقات التأجير 21.5 مليار دينار وهو ما يعني ضرورة تخصيص 1800 مليون دينار كل شهر لخلاص أجور الموظفين، ويبدأ الشهر في الوظيفة العمومية لأغراض حسابية، يوم 16 وينتهي في 15 من الشهر التالي.

وحسب وثيقة حكومية فإن توزيع الأجور خلال شهر جانفي الفارط بدأ منذ 21 جانفي من خلال صرف أجور أعوان وزارتي الداخلية والدفاع وتواصل إلى غاية غرة فيفري عبر إتمام صرف أجور أعوان وزارة التربية.

أمير البجاوي

تم النشر في 03/02/2022

الأكثر قراءة