ilboursa.com

تعيش حكومة هشام المشيشي  ضغوطا كبيرة لتعبئة موارد تمكّنها من الإيفاء بديونها وتغطية كتلة الأجور المرتفعة، وسط صعوبات اقتصاديّة غير مسبوقة. و تسعى الحكومة  التونسيّة، التي تستعد لمفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي،  إلى توفير اعتمادات  لسداد ديون مستحقة هذا العام بقيمة 16 مليار دينار  في ظل ضغوطات يفرضها المقرضون التقليديون لخفض كتلة الأجور و إلغاء الدعم و إجراء إصلاحات هيكليّة.

و تحتاج الحكومة حوالي 18,6 مليار دينار  لتمويل عجز ميزانية هذا العام، منها خمسة مليارات دولار من القروض الأجنبية، و 5,6 مليار دينار من السوق المحلية. و فاقم تأخّر وصول  لقاحات كورونا  أزمة الإقتصاد التونسي حيث أدّى الفيروس التاجي إلى تسجيل خسائر تتراوح بين 7 و 8 مليار دينار، وسط تأثير حاد خلفته إجراءات الحجر الصحي و حظر التجوّل على مختلف الأنشطة الاقتصادية.

وقبل أيّام، أبرز وزير المالية ، علي الكعلي، أنّ بلاده ستصدر هذا العام سندات قد تصل إلى ثلاثة مليارات دولار و صكوكا (سندات اسلامية) بالسوق المحلية بقيمة 300 مليون دينار في النصف الأول من العام، مرجّحا  إصدار صكوك بالسوق الدولية في وقت لاحق كجزء من حزمة إصلاحات عاجلة لإنعاش اقتصادها.

و كشفت تقارير صحفيّة أنّ  بنوكا تونسية وافقت على إقراض الحكومة 250 مليون يورو لتمويل ميزانية 2021. و يُبدي خبراء الاقتصاد تخوّفهم من ضبابية كلفة هذه القروض حيث لم تقدّم الحكومة أية تفاصيل حول  خطتها لتعبئة الموارد الخارجية أو مخرجات المفاوضات بشأن برنامج التعاون الجديد مع صندوق النقد الدولي.

وأشار الخبير المحاسب وليد بن صالح  ، في تصريح لموقع " البورصة"، إلى أنّ حكومة المشيشي وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه بسبب ارتفاع قيمة الديون إلى مستويات قياسية وانخفاض الموارد المتأتية من الجباية والقطاعات الحيويّة على غرار السياحة.

وأكد بن صالح أنّ غياب رؤية استراتيجيّة لتنفيذ إصلاحات عميقة بسبب قصر مدة الحكومات خصوصا في السنوات الأخيرة حدّ من قدرة الدولة على الحفاظ على كتلة الدين بنسب معقولة. و أضاف الخبير المحاسب أنّ المخيف في اللجوء إلى الاقتراض هو توظيفه لخلاص ديون أخرى أو دفع الأجور بدل إنفاقه لتحفيز الاستثمار وخلق الثروة.

من جهة أخرى، تواجه الحكومة ضغوطا عمّالية لإطلاق المفاوضات الإجتماعية في وقت تبتلع فيه كتلة أجور موظفي القطاع العام  أكثر من 20 مليار دينار هذا العام، من إجمالي ميزانية البلاد البالغة 52 مليار دينار.

و قال الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالوظيفة العمومية ، منعم عميرة،  على هامش انعقاد الهيئة الإدارية الوطنية لاتحاد الشغل أنه لن يتم التخلي أو تأجيل المفاوضات الاجتماعية مع الحكومة لسنة 2021.

و تابع عميرة في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، ان الاتحاد طالب الحكومة بالجلوس الى طاولة المفاوضات الاجتماعية المتعلقة بالوظيفة العمومية والمنشآت العمومية والقطاع الخاص، مؤكدا أنه لا يمكن بأي حال تأجيل المفاوضات في ظل غلاء الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية.

و رجّحت مجموعة البنك الدولي في تقرير نشرته أواخر شهر ديسمبر2020 أن يرتفع نمو الاقتصاد التونسي إلى 5.8% سنة 2021 ، مشيرة إلى أنّ الحكومة التونسية "لم تحدد بعد استراتيجية واضحة حول كيفية معالجتها للتحديات الاقتصادية والمالية العميقة ، حتى عندما وصلت تونس إلى مستويات غير مسبوقة في عجز في الموازنة العامة للدولة وتدهور الخدمات العامة".

أشرف الشيباني 

تم النشر في 08/02/2021

الأكثر قراءة