قال عبد الرحمان اللاحقة أستاذ الاقتصاد والتصرف بالمعهد الأعلى للتصرف بتونس إن هذه الزيادة الرابعة في أسعار المحروقات في تونس التي دخلت حيز التطبيق منذ يوم الاحد لم تكن مفاجأة ومنتظرة بالنظر الى تطور الأسعار العالمية وتأثيرها على التوازنات المالية لموازنة الدعم.
وفسر في تصريح "البورصة عربي" أن الحكومة ارتكزت على معدل سعر برميل النفط لكامل عام 2022 ب 75 دولارا للبرميل غير ان معدل الأسعار منذ بداية العام الى الان بلغ 95 دولارا. ولتدارك الفارق بنحو 20 دولارا سارعت الحكومة إلى اجراء التعديل الرابع في المحروقات نافيا أن يكون لهذه الزيادة علاقة بسياسة الحكومة في رفع الدعم عن المواد البترولية وانه مجرد تعديل فقط يندرج في إطار تعديل لانخرام ميزانية دعم المحروقات التي تضاعفت بثلاث مرات.
ولاحظ أن الحكومة ولاعتبارات سياسية لها صلة بإنجاز الاستفتاء حول الدستور الجديد في جويلية 2022، أرجأت إقرار الزيادات لتعود في سبتمبر مرجحا ان يتواصل نسق الزيادات الى نهاية العام الحالي. وبالمقال شدد عبد الرحمان اللاحقة على ان حكومة نجلاء بودن تجرَأت وقامت بالترفيع في أسعار قوارير الغاز المنزلي بزيادة بنحو 20 بالمائة لأول مرة أكثر من عقد ما لم تقم به الحكومات السابقة.
وبالمقابل حذَر أستاذ الاقتصاد والتصرف بانه في حال تواصل هذا النسق من الزيادات فإن الامور ستكون خطيرة ولها تداعيات كبيرة على التضخم وخاصة مزيد اهتراء المقدرة الشرائية للتونسيين. كما نبَه أيضا من انه في حال تواصل أيضا نسق الزيادات بصفة عامة وخاصة في المحروقات في العام المقبل فان الأمور سوف تزادا صعوبة على التونسيين والدخول فعليا في مرحلة رفع الدعم.
وأعلنت وزارتا الصناعة والمناجم والطاقة والتجارة وتنمية الصادرات مساء يوم السبت، في بيان رسمي، عن الترفيع في أسعار بعض المواد البترولية وقوارير الغاز المنزلي بداية من يوم الاحد 18 سبتمبر 2022 على الساعة صفر. وارجعت الوزرتان قرار التعديل في الاسعار الى تواصل ارتفاع أسعار المحروقات في السوق العالمية نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، وما تشهده أسواق الطاقة من اضطرابات تتعلق بتقلص الإمدادات وارتفاع كلفة المواد البترولية وسعيا لتغطية مختلف حاجيات السوق المحلية من هذه المواد بصفة منتظمة.
ووفق البلاغ اصبحت الاسعار كالتالي:
- البنزين الرفيع الخالي من الرصاص : 2400 مليم اللتر الواحد أي بزيادة 70 مليما
- الغازوال بدون كبريت : 2080 مليما اللتر الواحد أي بزيادة 70 مليما
-الغازوال العادي : 1860 مليما اللتر الواحد أي بزيادة 70 مليما
كما تم أيضا لأول مرة الترفيع في قوارير غاز البترول المنزلي ليصبح ثمنها 8800 مليم للقارورة بسعة 13 كلغ مقابل 7700 مليم في السابق. وأكدت الوزارتان أن هذه المادة لم تسجل أي تعديل في الأسعار منذ سنة 2010 وان سعرها الحقيقي من دون الدعم يبصل الى 28 دينارا.
من جهة أخرى وبالنسبة للأصناف الرفيعة من المحروقات التي لا يتجاوز استهلاكها نسبة 1 % من الاستهلاك الجملي للمحروقات على غرار البنزين الخالي من الرصاص الممتاز" والغازوال بدون كبريت " الممتاز" تم إقرار تعديل في أسعارها في حدود 5 في المئة ولم يكشف البيان الحكومي عن أسعار هذه المنتوجات.
كما ببرت وزارتا الصناعة والتجارة الزيادة الرابعة لأسعار المحروقات بأن معدل السعر بالنسبة لخام البرنت ارتفع منذ بداية السنة إلى اليوم إلى مستوى 107 دولارات للبرميل، مشيرتان إلى أن كل زيادة بدولار واحد في البرميل يترتب عنها حاجيات تمويل إضافية لمنظومة المحروقات والكهرباء والغاز بحوالي 140 مليون دينار في السنة.
زيادة لها تبعات
وما إن تم الإعلان عن الزيادة الرابعة في أسعار المواد البترولية حتى شرع العديد من التونسيين سواء أصحاب السيارات او غيرهم في استباق الأوضاع المعيشية من خلال اجماعهم على ان هذه الزيادة سيكون لها تبعات على غلاء أسعار العديد من المنتوجات على مستوى الإنتاج والتفصيل.
وعلى الرغم من تبريرات الحكومة فإن كل تحريك في أسعار المواد البترولية يتبعه رفض شعبي واسع من المواطنين، خصوصاً أصحاب السيارات والشاحنات التجارية وأصحاب المصانع الذين يرون في التعديل تأثيرات في قدرتهم التنافسية، لما سيتبعها من ترفيعات في أسعار العديد من المنتجات المرتبطة بالمحروقات فضلا عن إمكانية مساهمة هذه الزيادة في الترفيع المتواصل لنسب التضخم التي بلغت مستويات قياسية لتصل الى مستوى 8.6 في المئة في شهر اوت الماضي.
ومن غير المستبعد ان يتحرك الناشطون في قطاع النقل الخاص بالمطالبة بالترفيع في تعريفات النقل على غرار أصحاب التاكسي الفردي والجماعي وأصحاب شاحنات نقل البضائع.
التضخم سيزيد
وتعليقا على الزيادة الجديد في أسعار المواد البترولية في تونس قال لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك إن هذه الزيادة الجديدة سيكون لها تداعيات كبيرة على نسق الأسعار في تونس. وأبرز" للبورصة عربي" أن مستوى التضخم سيزيد في الارتفاع في الأشهر القادمة جراء هذا التحريك الجديد لأسعار المحروقات نظرا لارتباط العديد من المنتوجات ونسق الإنتاج في البلاد بالمواد البترولية.
كما أكد ان هذه الزيادة الجديدة في المواد البترولية تترجم جليا مضي الحكومة في تنفيذ مخططها في الرفع التدريجي للدعم عن المحروقات والكهرباء بإقرار زيادات متتالية الى حين بلوغ الأسعار العالمية في افق سنة 2024 وفق ما التزامها مع صندوق النقد الدولي في الغرض.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 20/09/2022