اتخذت رئاسة الحكومة مساء أمس ضمن مجلس وزاري 10 إجراءات جديدة وعاجلة ضمان الأمن الطاقي وتعزيز السّيادة الطاقيّة لتونس في وقت عرف فيه الميزان التجاري الطاقي عجزا لافتا وصل الى حوالي 9 مليار دينار مع أواخر اكتوبر وتراجع انتاج النفط بنسبة 14 بالمائة وكذلك التعويل بشكل ملحظ على توريد الغاز الطبيعي من الجزائر.
وتتمثل هذه الإجراءات العاجلة التي اقرتها حكومة كمال المدوري في عرض مشروع مجلّة المحروقات على أنظار مجلس وزاري في أقرب الآجال والإسراع في استكمال إعداد مشروع مجلّة الطاقات المتجدّدة سيما وان تنقيح مجلة المحروقات وتعديلها يعرف تأخرا كبيرا في ظل التراجع الهام في الاستثمار في قطاع الاستكشاف والتنقيب.
وقرَر المجلس الوزاري في الغرض إعداد برنامج للرفع من نسق الاستكشاف في قطاع المحروقات. كما تقرر تعزيز الحوكمة المالية للمؤسسات والمنشآت العمومية العاملة في مجال الطاقة والمحروقات وحسن متابعة الرخص والعقود ومختلف الالتزامات والحقوق المترتبة عنها والمشاريع الجارية أو المبرمجة والعمل على مراجعة الإطار الترتيبي لتنظيم المنشآت العمومية النّاشطة في المجال لتمكينها من المرونة الضروريّة للقيام بمهامّها وحتى يتلاءم نشاطها مع خصوصيّات القطاع الذي تعمل فيه.
ومن ضمن القرارات المعلن عنها، إيجاد الحلول الكفيلة بتسوية وضعية الأراضي الاشتراكية بما يتيح حسن توظيفها لإنجاز مشاريع طاقية وذلك بالتنسيق مع كافة مع الأطراف المتدخّلة الى جانب دعم تكوين مدّخرات عقاريّة لفائدة مشاريع الطاقات المتجددة ودعوة وزارة أملاك الدولة والشؤون العقاريّة إلى تثمين الرّصيد العقاري للدولة عبر تكوين مخزون يتمّ توظيفه لدفع المشاريع الطاقية من الطاقات المتجددة.
وتعلقت الإجراءات العاجلة كذلك بمزيد دعم استثمارات المؤسّسات في ميدان الطاقات المتجدّدة والنجاعة الطاقيّة والانطلاق فورا في تحيين الأمر المتعلق بصندوق الانتقال الطاقي، والتشجيع على إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسيّة بغرض الاستهلاك الذاتي.
هذا وتقرر أيضا إحداث فريق عمل يتولى دراسة الجوانب الاستراتيجية والإجرائية لإنجاز مشاريع وطنيّة في مجال تكرير النفط واللوجستية البترولية بما يمكن من فتح آفاق لتطوير نشاط المؤسسات العاملة في المجال ودعم وتشجيع فرص الاستثمار.
الى ذلك اقرت الحكومة النظر في اعتماد رخصة موحّدة لإسناد رخص إنجاز مشاريع الطاقات المتجددة عوض من نظام التراخيص واللزمات علاوة على التركيز على الابتكار والتجديد في الحلول الخاصّة بالتحوّل الطاقي بالاستناد على ما توفّره المؤسّسات الناشئة من حلول مجدّدة في المجال بالإضافة الى الإسراع في تعميم تركيز العدّادات الكهربائية الذكيّة (سمارت قريد) بما ييسّر عملية جمع المعطيات ويساعد في حسن برمجة مشاريع طاقية جديدة.
تجدر الإشارة الى ان مشروع سمارت قريد يشهد تأخرا كبيرا في ظل تعطل العديد من الصفقات المرتبطة بالمشروع والذي تحصلت الستاغ على قرض من الوكالة الفرنسية للتنمية في 2019 بقيمة 400 مليون دينار لإنجازه.
وبالمناسبة أكّد رئيس الحكومة كمال المدوري على ضرورة تحقيق مقوّمات السّيادة الطاقيّة وفقا للأولوياّت الوطنيّة وفي إطار مقاربة تنمويّة شاملة وانتقال طاقيّ عادل ومستدام وعلى ضرورة تنويع المنتجات الطاقيّة وتطوير مناخ الاستثمار وتبسيط الإجراءات وانجاز مشاريع جاذبة خاصّة في قطاعات مستدامة على غرار الطاقات المتجدّدة.
وشدّد على أنّ تعزيز الأمن الطاقي وتحسين الاستقلاليّة الطاقيّة للبلاد هي مسألة سيادة وطنيّة وأولويّة قصوى تستوجب توفير كافة المقوّمات والوسائل لدفع المشاريع الطاقيّة واستحثاث نسق إنجازها في إطار الاستراتيجيّة الطاقية الوطنيّة لبلوغ نسبة 35% من الطاقة البديلة سنة 2030، ووضع كافّة الإصلاحات التشريعيّة والترتيبيّة اللازمة لتجاوز الإشكاليّات المطروحة مع وجوب تذليل كافة الصعوبات الإدارية والإجرائية أمام هذه المشاريع لما لها من أهميّة في ضمان الأمن الطاقي.
تجدر الملاحظة انه الى أواخر شهر جوان من هذا العام بلغت نسبة انتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة حوالي 5.6 بالمائة وفق تصريح كاتب الدولة للانتقال الطاقي وائل شوشان. وأبرز المدوري ضرورة العمل المشترك بين جميع الهياكل العموميّة لدفع برنامج الانتقال الطّاقي في المؤسّسات والمنشآت العموميّة واستحثاث نسق تنفيذ برنامج النجاعة الطاقية في البناءات العموميّة.
وخلص أنّ تونس الى حدّدت لضمان أمنها الطاقي أهدافا واقعيّة وطموحة بما يعزز مجال الطّاقة المتجدّدة والاستغلال الأمثل لمختلف الموارد الطاقيّة مبرزا توجه الدّولة التونسيّة نحو إنتاج الطاقات النظيفة كخيار استراتيجي في ظل التحديّات المناخيّة الراهنة للمحافظة على حقوق الأجيال القادمة، وضمان استدامة حصول جميع المواطنين والمتعاملين الاقتصاديين على خدمات الطاقة الموثوقة بأقل كلفة بيئيّة.
تم النشر في 25/12/2024