ilboursa.com

صدر مؤخرا بالرائد الرسمي أمر رئاسي يتعلق بالتنقل الوظيفي أو الحراك الوظيفي للأعوان العموميين لفائدة الوزارات والمؤسسات والمنشئات العمومية ذات الصبغة الإدارية والذي يوفر منحا وامتيازات مالية ووظيفية للأعوان الذين سيشاركون في التنقل الوظيفي.

ويتحصل العون العمومي الذي يقوم بالتنقل من وظيفته نحو وظيفة شاغرة على منحة جزافية تصرف دفعة واحدة ويبلغ مقدارها ما يعادل أربعة مرتبات شهرية خام وتخضع للضريبة على الدخل ولا تخضع للحجز بعنوان المساهمة في نظام التقاعد والتأمين على المرض ورأس المال عند الوفاة على أن يلتزم العون المعني بالعمل بإدارته الجديدة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات.

وتصرف نفس المنحة مرة ثانية بنفس الشروط في صورة مواصلة المعني بالأمر العمل في إدارته الجديدة لمدة ثلاث سنوات إضافية.

كما تسند منحة أعباء تغيير مقر الإقامة وتصرف مرة واحدة من قبل الإدارة المستفيدة لفائدة العون المعني بالتنقل الوظيفي، حسب نص الامر الرئاسي، وتحدد قيمتها حسب المسافة الفاصلة بين مقر الإقامة الأصلي ومقر العمل الجديد، ويصل مقدار هذه المنحة إلى 500 دينار.

مزيد تطويق كتلة الأجور؟

وتهدف الحكومة من وراء هذا المرسوم إلى إعادة انتشار الموظفين العموميين في الإدارات والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية دون اللجوء إلى انتدابات قد تثقل كاهل الميزانية بأعباء جديدة لسد الشغورات في الوظيفة العمومية.

كما تسعى الحكومة من خلال هذا الاجراء إلى مزيد التحكم في كتلة الأجور التي تجاوزت الـ 40 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي حيث بلغت 21.5 مليار دينار حسب قانون المالية لسنة 2022، وهو ما دفع المسؤولين إلى استنباط حلول لتقليص حجم كتلة الأجور من خلال الإحالة على التقاعد المبكر والتشجيع على توجه موظفي الدولة للقطاع الخاص.

مرسوم ليس له أثر على حجم كتلة الأجور

ويعتبر أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا شكندالي أن هذا المرسوم لن يكون له أثر على حجم كتلة الأجور بل هو يهدف إلى إعادة توزيع الموظفين العموميين وتحسين المردودية المنخفضة في هذا القطاع.

ودعا شكندالي في تصريح لـ"البورصة عربي" الحكومة إلى اتباع سياسات اقتصادية تهدف لتحفيز الاستثمار الخاص والترفيع في نسب النمو عوض التعويل على التقليص في كتلة الأجور عبر إجراءات غير ذات فائدة مستدركا أن الحكومة لم تفهم بعد أن صندوق النقد لم يطلب منها البتة تخفيض حجم الأجور بل إن مطلب الصندوق هو تقليص كتلة الأجور من الناتج المحلي الإجمالي.

ويعتبر المتحدث أن هذا المرسوم يمكن أن يكون له دور في الرفع في مردودية القطاع العام نظريا، شريطة ارفاق هذه التحفيزات ببرامج واستراتيجيات تهدف لتطوير العمل داخل الوظيفة العمومية وخلق مناخ عمل ملائم والقيام بجرد دقيق لحاجيات عدد من الإدارات وخاصة الجهوية والتي تعاني من نقص كبير في الإطارات ا والعملة مقابل عدد كبير من الموظفين الزائد عن الحاجة في ادارات مركزية أخرى.

ويضيف شكندالي أنه كان من الأجدر أن تقوم الحكومة بتعديل سلم الأجور في القطاع العام وتسوية الفرق في الأجور بين أعوان الوظيفة العمومية ونظرائهم في المؤسسات العمومية والذي يصل لنسب متفاوتة بين أجور منتفخة في المنشآت العمومية مقابل أجور ضعيفة في الوظيفة العمومية رغم أن عددا من المؤسسات العمومية يتهددها الإفلاس.

قانون لجرد الأعوان "الزائدين عن النصاب"

من جانبه يعتقد استاذ الاقتصاد آرام بالحاج أن هذا المرسوم لن يكون له انعكاسات ملموسة على كتلة الأجور رغم أنه الهدف المراد منه مبينا أنه عبارة عن مناظرة داخلية بالملفات أين يتم تسديد الشغور الحاصل في بعض الوظائف.

ويشير بالحاج إلى أن الفلسفة الحقيقية لقانون التنقل الوظيفي يجب أن تعتمد على جرد للأعوان "الزائدين عن النصاب" في الوزارات والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، ومن ثمة، إعادة توظيفهم في إدارات أو أقسام تشكو نقصا فادحا في الموارد البشرية.

كما يدعا إلى إحداث لجنة تسهر على مدى تطابق قدرات العون مع الخطة المراد تسديدها وتحديد برامج التكوين الضرورية ذات الصلة مشددا في الاطار نفسه على أهمية فتح المجال للتنقل نحو القطاع الخاص، مع إمكانية العودة إلى الوظيفة الأصلية.

بورصة للحراك الوظيفي

وحسب ما ورد في الأمر الرئاسي يحدث لهذا الغرض منصة الكترونية تسمى "بورصة الحراك" وتمكّن هذه المنصة الوزارات والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية من نشر بلاغات تتعلق بالخطط الشاغرة وإجراءات وصيغ التنقل الوظيفي المتعلقة بها.

وتنشر كل إدارة عمومية الخطط الشاغرة المزمع تسديدها عن طريق التنقل الوظيفي عبر بورصة الحراك وتقوم بإدراج بلاغات تسديد الشغورات عبر مختلف صيغ التنقل الوظيفي، وبطاقة وصف لكل خطة، تتضمن المشمولات الخاصة بها والمؤهلات الواجب توفرها لدى المترشح لشغلها، هذا إلى جانب المنح والامتيازات المرتبطة بالخطة، ومقاييس فرز وترتيب الترشحات.

ولكن السؤال الهام هو بالرغم من المنح المرصودة هل يتم اقناع مئات الموظفين بترك مناصبهم الحالية والتحول الى مؤسسات أخرى او حتى جهات أخرى على حساب وضعيتهم العائلية وتدرجهم المهني والوظيفي؟ وهل سيكتب لهذا المرسوم النجاح ان يظل حبرا على ورق كغيره من المراسيم الأخرى؟

أمير البجاوي

تم النشر في 26/04/2022

الأكثر قراءة