أعلن البنك المركزي التونسي مساء اليوم الاثنين عن إحالة ملف البنك الفرنسي التونسي على انظار القضاء للنظر في إمكانية تفليسه وإصدار حكم بالتصفية والحل وتعين مصفي قضائي.
وأفاد البنك اليوم في بلاغ انه لجنة إنقاذ البنوك والمؤسسات المالية المتعثرة المحدثة بموجب القانون عدد 48 لسنة 2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية العموم المنعقدة بعد ظهر اليوم عاينت توقف البنك الفرنسي التونسي عن الدفع وتعذر إنقاذه وأحالت تقريرا في الغرض للمحكمة الابتدائية بتونس لإصدار حكم بالحل والتصفية وتعيين مصفي للبنك طبقا لمقتضيات القانون سالف الذكر.
و ذكّرت لجنة الإنقاذ أنها عيّنت منذ أواخر سنة 2018 مفوض إنقاذ عمل على تنفيذ برنامج لإنقاذ البنك الفرنسي التونسي الذي واجه صعوبات مالية منذ عديد السنوات أثّرت على توازناته المالية ولم يتمكن من تطوير نشاطه وذلك نتيجة للتداعيات المباشرة للنزاع القائم منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود بين أحد مساهميه الأوائل والدولة التونسية.
واكد البنك المركزي التونسي أن المرور إلى مرحلة تصفية البنك الفرنسي التونسي لا يعني التوقف عن استخلاص قروض البنك حيث سيواصل المصفي عمليات الاستخلاص بأية وسيلة قانونية أو بصفة رضائية تحت رقابة المحكمة وذلك لتحصيل أقصى ما يمكن ضمانا لحقوق دائني البنك الفرنسي التونسي.
كما أعلن البنك المركزي التونسي المودعين بالبنك الفرنسي التونسي أن صندوق ضمان الودائع البنكية وهو الآلية المحدثة بموجب القانون البنكي كشبكة أمان والذي دخل حيّز النشاط منذ بداية سنة 2018 سيتولى تعويض المودعين في الآجال القانونية وفي حدود مبلغ أقصى بـ 60 ألف دينار لكل مودع وما زاد عن ذلك سيتم استرجاعه من المحصول الصافي لتصفية البنك وفق الترتيب التفاضلي المنصوص عليه بالقانون.
وعلى إثر تعهده بالملف سيتولى الصندوق المذكور إعلام العموم ومودعي البنك البنك الفرنسي التونسي بإجراءات عملية التعويض طبقا للتراتيب الجاري بها العمل وسوف يقوم تباعا بتعويض المودعين.
واشارت مؤسسة الاصدار العموم الى أنه تم اتخاذ الإجراءات الضرورية لتأمين السير العادي للنشاط المصرفي ومنظومة الدفع بالعلاقة مع إغلاق البنك الفرنسي التونسي وتوقفه عن الدفع.
هذا وطمان البنك المركزي التونسي العموم وكافة المتعاملين الاقتصاديين أن القطاع المصرفي يتمتع بمقومات الصلابة المالية وأن عملية تصفية البنك الفرنسي التونسي لن يكون لها تداعيات على استقرار القطاع البنكي باعتبار ضعف حجم نشاطه وحجم ايداعاته.
تجدر الملاحظة ان الحكومة التونسية بحسب البنك المركزي قامت بالمساعي الضرورية لإعادة توظيف جميع أعوان البنك الفرنسي التونسي المباشرين في تاريخ التوقف عن الدفع لدى البنوك والمؤسسات المالية التونسية. وقد استجابت الجمعية المهنية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية لهذه المساعي وتعهدت بأخذ هذا الملف على عاتقها.
ودعا البنك المركزي التونسي الحرفاء الموطّنة جراياتهم وأجورهم لدى البنك الفرنسي التونسي إلى الإسراع بفتح حسابات جديدة لدى بنوك أخرى وإعلام مؤجريهم بذلك حتى يتسنى لهم قبول جراياتهم وأجورهم ضمن الحسابات الجديدة
يشار الى المكلف بالإعلام بالاتحاد التونسي للشغل غسان القصيبي كشف منذ صباح اليوم الاثنين في تدوينة على صفحته بالفايسبوك ان اجتماعا مهما سنعقد اليوم الاثنين بين الأمين العام نور الدين الطبوبي وممثلي نقابة البنك الفرنسي التونسي و جامعة البنوك حول مصير موظفي البنك، معلقا بانه "يتم بصفة رسمية غلق البنك الفرنسي التونسي."
وبالاتصال بالكاتب العام للجامعة العامة للبنوك والمؤسسات المالية صلب الاتحاد العام التونسي للشغل نعمان الغربي في تصريح للبورصة عربي أكد اليوم الاثنين غلق البنك الفرنسي التونسي بصفة رسمية يوم الجمعة الفارط 25 فيفري 2022.
و عن مصير موظفي البنك الذين يتجاوز عددهم 200 موظف قال المسؤول النقابي أن التسوية تمت بطريقتين اثنتين، الأولى وهي التسريح لأسباب اقتصادية وتامين كافة المستحقات المالية والانطلاق في صرف جرايات التقاعد، أما الثانية فهي تشمل 67 موظفا تم الاتفاق مع رئاسة الحكومة والبنك المركزي والجمعية المهنية للمؤسسات المالية البنوك على اعادة توزيعهم وإعادة إدماجهم في المؤسسات البنكية الأخرى.
وأفاد في هذا الصدد ان العملية لن تكبد البنوك الخسائر باعتبار أن الموظفين يتمتعون بالخبرة والكفاءة التي تخولهم الانطلاق في العمل منذ اليوم الاول لإدماجهم. وأبرز المتحدث ان عملية غلق البنك تعد مسالة تقنية وان معالجة الملف ستتواصل بين الدولة التونسية واحد المساهمين الشاكين.
وأوضح الغربي في السياق ذاته أنه سيكون لغلق البنك الفرنسي التونسي تداعيات سلبية على تونس حيث يعد البنك الأول الذي يقع إفلاسه في تاريخ المنظومة المالية وفق تقديره.
يشار الى ان ملف البنك الفرنسي التونسي المحدث سنة 1890 والذي تم تاميمه في سنة 1960 والتفويت فيه في مطلع ثمانينات القرن الماضي، يعد ملفا شائكا وتعود اطواره الى سنوات الثمانين من القرن الماضي ليتواصل الى الان وان احد مساهمي البنك تمتع بالعفو التشريعي العام بعد الثورة وقدم شكاية ضد الدولة التونسية في المحاكم الدولية التي حكمت لصالحه بدفع الدولة التونسي لحوالي 1200 مليون دينار.
ولم تفلح الحكومات المتعاقبة في حلحلة الملف الذي ظل جاثما على أنفاسها ولم تستطع الى الان إيجاد تسوية مع الشاكي التونسي. وكان رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد وصف ملف البنك الفرنسي التونسي بأكبر ملف فساد في تاريخ البلاد.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 28/02/2022