مثلما كان متوقعا واصل نسق أسعار المنتوجات الغذائية والاستهلاكية في تونس منحاه التصاعدي بشكل لافت بتسجيل نسبة تضخم هي الأعلى في السنوات الأخيرة ببلوغ نسبة 7.8 بالمائة في شهر ماي من هذه السنة بارتفاع بنسبة 0.3 نقطة في شهر افريل الذي سجل نسبة تضخم ب 7.5 بالمائة.
ويعود هذا الارتفاع المقلق والمحير في نسبة التضخم في تونس الى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي ساهمت بشكل لافت في زيادة نسب التضخم المستوردة بفعل الزيادات المشطة في اثمان المواد الأولية وفي مقدمتها مشتقات القموح والنفط.
كما يعزى ارتفاع الأسعار في تونس الى الازمة الهيكلية التي تعرفها العديد من القطاعات خاصة منها القطاع الفلاحي الذي تأثر بأزمة الاعلاف فبي شهري افريل وماي الماضيين علاوة على تنامي الاحتكار والمضاربة بالمنتوجات ما أسهم في تسجيل زيادة في أسعار العديد من المنتوجات.
ولقد تواصل ارتفاع نسبة التضخم لتصل الى مستوى 7.8 بالمائة في ماي بعد ان كانت في حدود 7.5 بالمائة خلال الشهر السابق و7.2 بالمائة خلال شهر مارس و7 بالمائة خلال شهر فيفري 6.7 بالمائة خلال شهر جانفي وفق ما أفصح عنه أمس الاحد المعهد الوطني للإحصاء
وتعزى هذه الزيادة في نسبة التضخم بالأساس إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة السكن والطاقة المنزلية (من 5 في أفريل الى 7.3بالمائة في ماي) وأسعار الأثـاث والتجهيزات والخدمات المنزلية (من 7.4 في أفريل الى 8.4 بالمائة في ماي).
وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 8.2 بالمائة ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار البيض بنسبة 23 بالمائة وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 20.1 بالمائة وأسعار الغلال الطازجة بنسبة 16,8 بالمائة وأسعار مشتقات الحبوب بنسبة 9.7 بالمائة وأسعار الخضر الطازجة بنسبة 8.5 بالمائة وأسعار الأسماك الطازجة بنسبة 8.4 بالمائة.
وشهدت أسعار المواد المصنعة ارتفاع بنسبة 9.3 بالمائة باحتساب الانزلاق السنوي ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار مواد البناء بنسبة 11.6 بالمائة وأسعار الملابس والاحذية بنسبة 9.4 بالمائة وأسعار مواد التنظيف بنسبة 6.5 بالمائة.
في ذات السياق شهدت أسعار الخدمات ارتفاعا بنسبة 6 بالمائة ويعزى ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار خدمات المطاعم والمقاهي والنزل بنسبة 7.9 بالمائة وأسعار خدمات الإيجارات بنسبة 4.6 بالمائة وأسعار الخدمات الأخرى بنسبة 7.4 بالمائة.
يشار إلى أن معدّل نسبة التضخم لعام 2021 كاملا وصل إلى 5.7 بالمئة بعد أن كان 5.6 بالمئة عام 2020، ليشهد منذ بداية سنة 2022 ارتفاعا متواصلا مع توقعات أن تشهد نسبة التضخم في تونس ارتفاعا كبيرا في بقية هذه السنة بسبب تأثيرات الحرب بين روسيا وأكرانيا خاصة على أسعار الطاقة والحبوب والمواد الأولية.
وتطرح زيادة مستويات التضخم تحديا كبيرا أمام البنك المركزي التونسي الذي سيجد نفسه مضطرا امام خيارين إما الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ما سيؤثر على الولوج الى القروض البنكية وإما عدم التدخل لتنفلت الأمور على مستوى الاسعار ما قد يجعل التضخم تصل الى رقمين.
تجدر الإشارة الى ان البنك المركزي قام مؤخرا بتعديل نسبة الفائدة المديرية ب 0.75 نقطة أساسية من 6.25 الى 7 بالمائة في خطوة منه لتطويق نسبة التضخم الاخذة في الصعود. علما وانه حسب البنك المركزي فان تعديل نسبة الفائدة المديرية وتأثيره على التضخم سيأخذ فترة بين 9 أشهر وعام لتسجيل تراجع في التضخم.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 06/06/2022