فرضت تونس منذ ثلاثة أيام حظرا على صادراتها من الخضروات واساسا باتجاه السوق الليبية التي تستوعب كميات كبيرة من المنتوجات الغذائية التونسية وبخاصة الغلال والخضر. ويأتي هذا التحجير الذي أقرته وزارة التجارة وتنمية الصادرات في وقت تعرف فيه الأسعار المنتوجات الطازجة ولا سيما الخضر والغلال لهيبا كبيرا لم يعد للأسر التونسية مجاراة النسق الجنوني لهذه المنتوجات التي عرف منحاها تصاعدا لافتا منذ بداية شهر رمضان.
وما انفك يتذمر التونسيون من غلاء المعيشة في البلاد بسبب الازمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها في السنوات الأخيرة رافقتها موجة كبيرة من الغلاء في شتى المنتوجات.
وبعد أن عرفت البلاد منذ مطلع العام الحالي ازمة تزويد وندرة في المواد الأساسية وخاصة دقيق الطحين والأرز والسكر والزيت النباتي المدعم، اثار ارتفاع أسعار الطماطم والفلفل والبصل والبطاطا وعدد من أصناف الغلال حفيظة التونسيين الذين عبروا صراحة عن تدهور مقدرتهم الشرائية بشكل ملحوظ.
وتوقعت منظمة الدفاع عن المستهلك تراجع مستوى استهلاك التونسيين بأكثر من 50 في المئة في الفترة الاخيرة. وأمام هذه الوضعية، صار التونسيون على صفحات التواصل الاجتماعي (فايسبوك) يستهزؤون ويتهكمون بنشر صور وتعاليق حول المستوى القياسي الذي بلغه أسعار عدد هام من المنتوجات الفلاحية.
فقد وصل سعر كلغرام واحد من الفلفل 7.5 دينار والطماطم 2.4 د والبطاطا بدينارين للكلغ والخيار 8.7 د للكلغ وهي مستويات قياسية لم تبلغها قط اثمان الخضروات منذ عدة سنوات.
القرار يهم أربعة أنواع من الخضر
أكد محمد علي الفرشيشي مدير الإعلام والاتصال بوزارة التجارة وتنمية الصادرات انه فعلا تم اتخاذ قرار تحجير تصدير الخضروات منذ أربعة أيام بعد ملاحظة النقص الكبير في تزويد أسواق الجملة بالكميات المطلوبة من الخضر وتوجيهها نحو الدول المجاورة وخاصة ليبيا.
وصرح "للبورصة عربي" أن سوق الجملة ببئر القصعة شهدت في الفترة الأخيرة نقصا حادا في واردات الخضر عليها ما تسبب في نقص كبير في تزويد المحلات التجارية بالخضر الأساسية من فلفل وبطاطا وطماطم.
وأضاف المسؤول أن من بين أسباب اتخاذ قرار منع تصدير الخضر التونسية بسبب الفترة الحالية التي تُعرف بفترة الفجوة الربيعية والتي ينجم عنها نقص كبير في الإنتاج ومع تزايد التصدير، تعكَرت الوضعية بشكل لافت.
وكشف ان القرار المتخذ يخص أربعة أصناف من الخضروات وهي الفلفل والطماطم والبطاطا والبصل. وأعلن محمد علي الفرشيشي أن القرار ظرفي وانه سيتم استئناف التصدير عند تحسن العرض واستعادة السوق لتونسية لتوازنها.
اتحاد الفلاحين يرفض القرار
موقف الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد والبحري كان صارما في المسالة برفضه قرار منح تصدير الخضر من طرف وزارة لتجارة. وفي هذا الإطار ابدى عبد القادر العجلاني عضو المكتب التنفيذي للمنظمة الفلاحية والمكلف بالتصدير والشراكة والتعاون الدولي صراحة استغرابه من هكذا قرار واصفا إياه بالأحادي وانه لم يقع تشريك المنظمة.
وقال في تصريح "للبورصة عربي" أن قرار منع تصدير الخضروات التونسية يستهدف أساسا الترويج باتجاه السوق الليبية وسيضر كثير بالتصدير الفلاحية وخسارة العديد من الأسواق التي صعب لاحقا استعادتها وخاصة السوق الليبية التي تمثل احد أهم أسواق تونس في مجال تصدير الخضر والغلال إذ أن 80 في المئة من الغلال التونسية يتم تصديرها إلى ليبيا.
ووصف المسؤول القرار بالخاطئ ولن يخدم الوضع بل سيساهم في مزيد تعقيد الأوضاع أكثر لا سما وان العديد من المزارعين التونسيين يشتغلون موسما كامل لأجل توجيه الإنتاج إلى التصدير.
إجهاض التصدير
وأقر العجلاني بحقيقة ارتفاع أسعار الخضر في تونس بشكل لافت لكنة حرص على تقديم توضيحات اعتبرها مهمة لنفض الغبار على مسالة تأجج الأسعار في تونس موضحا أن جل الإنتاج في الوقت الرهن وخاصة الفلفل هو إنتاج الباكوروات أي المنتوجات البدرية وليست الفصلية ما يتطلب إمكانيات مالية أكبر لانتاجها.
وساهمت الحرب الروسية الأوكرانية وفق المتحدث في غلاء المواد الأولية من أسمدة وأدوية جعلت كلفة الإنتاج ترفع بشكل لافت ما اثر على منحى الأسعار مستدلا في ذلك أن كلفة إنتاج كلغ واحد من الفلفل وصلت إلى أكثر من دينارين.
وقال المسؤول بالمنظمة الفلاحية انه كان على وزارة التجارة عوض اتخاذ قرار تحجير تصدير الخضروات إصلاح مسالك التوزيع لتصل الخضر والغلال إلى أسواق لجملة وخاصة محاربة المضاربة والاحتكار التي أضرت كثيرا بالقطاع الفلاحي وأعطت صورة مغلوطة على أن الفلاح التونسي أصبح جشعا ويرغب في الربح على حساب قوت التونسيين.
وخلص إلى الدعوة إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات الفلاحية في تونس ومزيد تنظيم القطاع والاشتغال وفق الخارطة الفلاحية لتوجيه الإنتاج وخاصة الاشتغال على زيد دعم التصدير لا إجهاضه بهكذا قرارات وصفها بالعشوائية.
وقف التصدير باتجاه ليبيا
واعتبر مصدر من سوق الجملة ببئر القصعة، أنه تم تسجيل نقص فادح في تزويد أسواق الجملة في تونس ما أدى إلى حصول لهيب في الأسعار على مستوى الجملة لتصل إلى مستويات قياسية على مستوى التفصيل.
وعزا هذه الوضعية إلى تنامي التصدير باتجاه ليبيا خاصة تسويق منتوجات الفلفل والبطاطا والطماطم بكميات كبيرة مشيرة إلى أن شاحنات بحمولة 5 أطنان لكل واحدة منها تدخل إلى تونس وتحمل الخضر لتعود إلى ليبيا.
وكشف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته ان تونس تفاعلت أيضا مع قرار وزير الاقتصاد الليبي الذي حجر تصدير الأسماك باتجاه تونس إثر معاينة ارتفاع منتوجات الصيد البحري في الأسواق الليبية.
وخلص بالتأكيد على لجوء وزارة التجارة الى فرض حظر على تصدير الخضروات لمنع اختلال في العرض والطلب خاصة في شهر رمضان وتطويق للأسعار الملتهبة في هذه الأيام.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 13/04/2022