version française ilboursa

هل ينجح صندوق الاستثمار "انوفاتاك" في مساعدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة على تجاوز ما خلفته أزمة كوفيد من اضرار؟

ينطلق اليوم الأربعاء أول صندوق استثماري متخصّص لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة المجددة "انوفاتاك" رسمياً، وتقدر تمويلات هذا الصندوق، الذي تحصل على تأشيرة هيئة السوق المالية في 21 ديسمبر الماضي، بـ 125 مليون دينار.

ويشكل الصندوق محفظة من 40 إلى 50 شركة صغرى ومتوسطة في مرحلة التطوير (أكثر من سنتين على احداثها) بتذكرة استثمار للشركة الواحد انطلاقا من 1 مليون دينار وتصل إلى 7 مليون دينار في حال إعادة التمويل.

ويستهدف الصندوق قطاعات التعليم والصحة والتكنولوجيا المالية والتكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الفلاحية والصناعات المعملية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإلكترونيك والإعلام والتجارة الإلكترونية وجميع التقنيات التي تمكن من تحقيق التحول الرقمي.

ويأتي هذا المشروع بمبادرة من شركة التصرف "سمارت كابيتال" وصندوق الودائع والأمانات الذي يعتبر الممول الأول والأساسي لهذا الصندوق الاستثماري إضافة إلى تمويل عبر قرض من البنك الدولي بقيمة 75 مليون دولار.

أثر اقتصادي هام

ويعتبر هذا الصندوق الأول من نوعه، فرصة أمام المؤسسات الصغرى والمتوسطة لاستعادة الثقة ومساعدتها على العودة لمناخ الاستثمار والأعمال بعد ما سببته جائحة كوفيد-19 من تداعيات كبيرة على المؤسسات خاصة الصغرى، حسب ما أكده الخبير المحاسب مراد بن محمود لـ"البورصة عربي"، مضيفا أن التمويلات التي ستتحصل عليها الشركات من هذا الصندوق، وبغض النظر عن حجمها، ستفتح الباب أمام عودة نشاط هذه المؤسسات إلى سالف عهده والحصول على تمويلات إضافية لتطوير نموها وادائها.

ويشير بن محمود إلى أن هذا الصندوق يمكن أن يلعب نفس الدور الذي لعبه البنك التونسي للتضامن الذي ساهم في خلق الآلاف من المؤسسات الصغرى والمتوسطة ووفر لها التجهيزات الضرورية، إلا أن دور هذا الصندوق سيكون العمل على مساعدة المؤسسات ومرافقتها خاصة بعد جائحة كوفيد-19 التي تسببت في انهيار عديد المؤسسات.

ويركز بن محمود على ضرورة أن يسهّل هذا الصندوق للمؤسسات الصغرى والمتوسطة النفاذ إلى التمويل والاستفادة من الخبرات في مجالات التسيير والتنظيم من خلال المشاركة في مجلس الإدارة ووضع مجالس استثمار وتكليف مراقبي حسابات بالمتابعة الدورية للحسابات، مشددا على أن هذا الصندوق سيكون له أثر اقتصادي واستثماري قبل أن يكون له اثر مالي عبر توفير التمويلات وضخ السيولة الضرورية لهذه المؤسسات.

كما ثمن محدثنا اشراف صندوق الودائع والأمانات على هذا الصندوق باعتباره الممول الأول والأساسي له وهو ما يحوله إلى مشروع وطني هدفه مساعدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة على حوكمة تسيير الإدارة من خلال وضع برامج اقتصادية وعقود أهداف ونتائج يتوجب تحقيقها وهو فعليا ما ينقص هذه المؤسسات قبل التمويل والقروض.

صندوق استثمار ليس للمؤسسات الصغرى والمتوسطة

ومن جانب آخر يرى الناطق باسم الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق حواص في تصريح لـ"البورصة عربي" أن صندوق الاستثمار المخصص لمؤسسات الصغرى والمتوسطة لن يذهب لمستحقيه من المؤسسات التي تضررت جراء جائحة الكوفيد-19 بل سيتم توزيع تمويلاته على المؤسسات التابعة لشركات ومجمعات كبرى والمؤسسات الأجنبية المصدرة.

وأضاف أن عديد المؤسسات الصغرى والمتوسطة لم تقدر على تحمل تبعات الجائحة الصحية واندثرت ولم تتمكن من الحصول على التمويلات المخصصة للمؤسسات المتضررة في فترة الازمة الصحية، ذلك أنها أصبحت مؤسسات غير مصنفة لدى البنك المركزي بسبب عجزها عن خلاص ديونها، داعيا إلى ضرورة مراجعة طريقة توزيع التمويل والدخول في الاستثمار عبر وضع معايير شفافة وواضحة تأخذ بعين الاعتبار حاجة المؤسسات للمساعدة والمرافقة وتسهيل النفاذ للتمويل والاستثمارات وذلك بهدف اعادتها للنسيج الاقتصادي ودورة الإنتاج.

واكد حواص أن صندوق الاستثمار يجب أن يضع برنامج لإنقاذ المؤسسات لا تنميتها وهو ما قامت به أغلب الدول المتقدمة بعد جائحة كوفيد-19 حيث لم يعد الحديث عن تنمية وتطوير وتوسيع المؤسسات الصغرى والمتوسطة وإنما تحولت الأولوية إلى إعادة الحياة للمؤسسات التي قضت عليها الجائحة، خاصة مع الوضعية الاقتصادية الكارثية وتوقف الإنتاج في عديد المجالات وارتفاع نسب التضخم وعدم توفر مناخ استثمار مناسب.

واستغرب ممثل الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة اشتراط تمويل المؤسسات بأن تكون في مرحلة التطوير أي بعد سنتين من بعثها وهو يعني أنها تمكنت من تجاوز تداعيات الجائحة بأخف الاضرار مبينا أن معدل حياة المؤسسات الجديدة في تونس لا يتعدى 18 شهرا، واقترح في هذا الخصوص أن يتم تخصيص المساعدة التي سيقدمها هذا الصندوق للرفع من معدل حياة المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى 3 أو 4 سنوات وهو ما سيكون له نتائج إيجابية على الاستثمار ومناخ الأعمال.

أمير البجاوي 

تم النشر في 23/02/2022