version française ilboursa

هل سيتحمَل الاقتصاد التونسي فترة انتقالية أخرى إلى حين إنجاز انتخابات تشريعية في موفى 2022؟

أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد يوم  13 ديسمبر 2021 عن خارطة طريق سياسية جديدة من شانها للخروج من "التدابير الاستثنائية" التي فرضها منذ 25 جويلية 2021. وتتضمن الرزنامة السياسية الجديدة بالخصوص تنظيم استفتاء في 25 جويلية 2022 بشأن تعديل الدستور وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في 17 ديسمبر من العام المقبل عوض أكتوبر 2024.

كما كشف عن تنظيم مشاورات "شعبية" عبر الإنترنت بداية من جانفي القادم بشأن الإصلاحات التي يجب إدخالها على النظام السياسي القائم بالبلاد وبالأساس اختيار النظام السياسي اما نظام رئاسي او نظام برلماني اخر. وأوضح "يبقى المجلس البرلماني معلقا أو مجمدا إلى تاريخ تنظيم انتخابات جديدة". ولئن اختلفت المواقف والآراء في تونس بين مؤيد لهذه الإجراءات السياسية ومعارض لها، فان الجانب الاقتصادي ظل مُغيَبا في خطاب الرئيس قيس سعيد والحال ان البلاد تعرف ازمة اقتصادية خانقة لم يسبق لها مثيل.

وتطرح خارطة الطريق السياسية الجديدة التي رسمها الرئيس التونسي مسالة حارقة حول ما إذا سيكون الاقتصاد التونسي المتهاوي قادرا على تحمل سنة أخرى تطغى فيها التحديات والتجاذبات السياسية والانتخابية على حساب الأوضاع الاقتصادية والمالية المتدنية وخاصة الأوضاع المعيشية في ظل الارتفاع الصاروخي لجل أسعار المواد في تونس.

واجمع المحللون الاقتصاديون والمختصون على انه بقدر ما تم توضيح الخارطة السياسية في البلاد، فإن الملف الاقتصادي بقي مُغيَبا في تصورات وخطابات الرئيس قيس سعيد معتبرين في تصريحات "للبورصة عربي" ان العام المقبل لن يكون سهلا وتنتظر تونس تحديات اقتصادية عميقة.

من الضروري انجاز إصلاحات اقتصادية

واعتبر ارام بلحاج أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية أن الإعلان عن خارطة طريق سياسية يعد أمرا إيجابيا للفاعلين الاقتصاديين وللاقتصاد التونسي ككل، موضحا أن الدخول في مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي والتفاف الشركاء المطالبين سابقا بخارطة طريق سيفتح الطريق أمام عملية تعبئة الموارد المالية الضرورية لسنة 2022.

في المقابل أكد انه لن يكفي الحصول على الموارد المالية إذا لم يتم الشروع في الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، مشيرا الى ان الربع الأول من العام المقبل سيكون مفصليا لتونس.

وتابع قائلا في هذا الصدد" إذا تم إعداد برنامج إصلاح يقنع الأطراف الداخلية والخارجية على حد السواء ستنجح تونس في الخروج تدريجيا من أزمتها". ونبه بالمقابل من انه في صورة حصول سيناريو عكسي فان المخاطر الاجتماعية والسياسية ستزيد بل ستتعقد أكثر مما هو عليه الآن بفتح سيناريوهات شبيهة بلبنان وفق رايه.

خارطة طريق اقتصادية توازيا مع الخارطة السياسية

ومن جانبه قال انيس الوهابي الخبير المحاسب ان خطاب رئيس الجمهورية الاخير لم يتطرق إلى الجوانب الاقتصادية والمالية للبلاد مشيرا إلى أن خطابات رئيس تونس مركزة بالأساس على الجوانب السياسية فقط من دون إيلاء الاهتمام بالجانب الاقتصادي في علاقة بالأزمة المالية الحادة التي تمر بها البلاد.

ولئن تم تسجيل شبه وضوح في الخارطة السياسية للبلاد بالإعلان عن اجراءات سياسية حاسمة، غير أنه لم يقع بتاتا تحديد خارطة اقتصادية لتونس في الفترة القادمة معربا عن امله في ان يحظى الملف الاقتصادي باهتمام متزايد من اعلى سلطة في البلاد حاليا.

وأبرز انيس الوهابي ان تسقيف الأوضاع الاستثنائية في الجوانب السياسية بسنة كاملة امر طويل ومضن بالنسبة الى الاقتصاد التونسي مشيرا الى انه كان بالإمكان مزيد اختصار الفترة الزمنية بأقل من عام لا سيما وانه يقع تسيير دواليب البلاد حاليا بمراسيم رئاسية.

وأضاف في السياق ذاته ان "الحضائر" السياسية التي سيقع فتحها في كامل 2022 سيكون لها تأثير مباشر على الجوانب الاقتصادية موضحا انه في كل سنة انتخابية عادة لا يقع سن إصلاحات كبيرة اخذا في الاعتبار لتهدئة الأوضاع وفق اعتقاده.

وتابع المتحدث ان سنة 2022 لن تكون سهلة من منطلق ان تونس لن يكون لديها العام المقبل قروض خارجية لسدادها ولكن وجب الاهتمام الحكومة أكثر بسبل تغطية عجز الموازنة المتراكم والذي بلغ في العام الحالي 9.7 مليار دينار.

سنة صعبة أخرى تنتظر تونس

وبدوره رحَب رضا الشكندالي أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية بعملية تسقيف الفترة السياسية الاستثنائية برزنامة مضبوطة، الا انه بيَن أن حكومة نجلاء بودن أصبحت في حكم الحكومة المؤقتة ما يطرح وفق رأيه صعوبات وضغوطات اقتصادية جديدة وفي مقدمتها الدخول في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وفسَر أن صندوق النقد الدولي لا يتفاوض مع حكومات مؤقتة في ظل أن تونس ترغب في إبرام اتفاق قرض جديد يمتد على أدنى تقدير على ثلاثة أعوام. وبناء على ذلك أبرز المتحدث أن هناك شكوك كبيرة حول مدى انجاز موازنة تونس للعام المقبل من دون تمويل صندوق النقد الدولي مستدلا في ذلك على ان الى حدود تاريخ اليوم لم يقع الإعلان عن حجم موازنة تونس العام المقبل ما يعكس حالة التخبط والغموض في الغرض.

ولفت من جانب اخر الى ان صندوق النقد الدولي اشترط على تونس ان تكون الإصلاحات الاقتصادية محل توافق واسع من المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية لكنه إثر قرارات سعيد الأخيرة توسعت دائرة المعرضين ما يجعل هذه الإصلاحات غير ممكنة من وجه نظره وسيعقد المسائل الاقتصادية والمالية لتونس أكثر.

وختم الشكندالي تصريحه بان عام 2022 سيكون صعبا على تونس من الناحية الاقتصادية رغم حلحلة الأوضاع السياسية نسبيا.

مهدي الزغلامي

تم النشر في 23/12/2021