version française ilboursa

هل تخلت تونس عن طلب مساعدة صندوق النقد الدولي؟

خفتت الأصوات والجدل الدائر في تونس بشأن علاقة تونس بصندوق النقد الدولي في العامين الأخيرين فيما يتعلق حصول تونس على موافقة الصندوق تنال بموجبه قرض متعثر لأكثر من عامين بقيمة 1.9 مليار دولار.

وفي الأشهر الأخيرة غاب تقريبا الحديث، سواء على مستوى دوائر القرار الحكومي او خبراء الاقتصاد، عن مستجدات وتطورات العلاقة بين تونس وصندوق النقد الدولي وسط تطورات أخرى متسارعة أبرزها أزمة المهاجرين غير النظاميين وما اعقبها من تبعات العلاقة بلين تونس والاتحاد الأوروبي التي كُللَت بإمضاء اتفاق شراكة استراتيجية جديدة بين الطرفين.

وفي خضم هذه الاحداث المتسارعة التي طغت على الساحة السياسية والاقتصادية في تونس لم يعد ملف صندوق النقد الدولي بالمسالة الانية ليتم تناسيه على الرغم من أهميته الاستراتيجية بالنسبة الى تونس.

ومن اهم أسباب البرود الحاصل في ملف تونس مع صندوق النقد الدولي الرفض القطعي والشديد لرئيس الجمهورية قيس سعيد لما وصفه بإملاءات الصندوق بإجراء إصلاحات اعتبرها غير شعبية قد تؤدي الى اضطرابات اجتماعية وخيمة على البلاد في إشارة منهم الى اصلاح منظومة الدعم في البلاد.

انتقادات لاذعة

وينتقد الرئيس قيس سعيد بشدة صندوق النقد الدولي، مما قد يصعب حصول البلاد على تمويل جديد من هذه المؤسسة الدولية وفقاً لخبراء. والأحد الماضي وخلال توقيع مذكرة تفاهم مهمة بين تونس والاتحاد الأوروبي في شأن ملف الهجرة غير النظامية هاجم سعيد مجدداً هذه المؤسسة المالية، معتبراً أن "النظام النقدي العالمي لم يعد من الممكن أن يستمر بالشكل والمضمون نفسهما".

ودعا سعيد في كلمة ألقاها أمام رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين متحدثاً عن الصندوق "تنسحب عليه اللعنة القديمة، إلى ضرورة إيجاد سبل جديدة للتعاون خارج إطار النظام النقدي العالمي الحالي.

ويتمسك سعيد بموقفه الرافض "الإملاءات" المتأتية من خبراء صندوق النقد الدولي، التي تتعلق بمراجعة سياسة الدعم وإصلاح الشركات العمومية وتقليص كتلة الأجور في القطاع الحكومي.

توقف المفاوضات

ويرى عدد من خبراء الاقتصاد في تونس أن "الاتفاق معطل بسبب رفض قيس سعيد للإصلاحات التي اقترحتها حكومته وقدمتها لصندوق النقد الدولي، ولا سيما التي تتعلق برفع الدعم". ورجحوا انه في حال لم يحصل توضيح لموقف تونس بنهاية شهر أوت المقبل، فان ذلك سيقضي على اتفاق الصندوق".

وذهب جل المتخصصين الى أن "المفاوضات متوقفة تماماً، وتونس هي التي تعرقلها"، وأن الاتفاق "عفا عليه الزمن" لأنه يجب إعادة النظر في الملف من جديد، استناداً إلى المعطيات الجديدة المتعلقة بنسبة النمو والتضخم والعجز.

مصادر موازية للاقتراض

توفقت تونس نسبيا منذ مطلع العام في تحصيل عدد من القروض الخارجية الثنائية رغم الحضر المالي الدولي الذي تعاني منه بسبب عدم بلوغ اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وبلغة الأرقام تحصلت تونس عل قرض من البنك الإفريقي للتوريد والتصدير افريك اكزيم بنك (500 مليون دولار) وقرض من المملكة العربية السعودية (500 مليون دولار) زيادة على تعهد الاتحاد الأوروبي بدعم الميزانية المتفق عليه بعنوان سنة 2023. وبالرجوع الى وثيقة الميزانية فان تونس برمجت ما قيمته 900 مليون اورو كدعم الميزانية أي 300 مليون أورو سنويا بين 2023 و2025. وعند جمع هذه القروض الثلاثة فان تونس تحصلت على حوالي 32 بالمائة من دعم الميزانية المبرمج لهذا العام.

وبخصوص قرض صندوق النقد الدولي يؤكد عدد من الخبراء ان تونس تبقى بحاجة اليه اذ تبرز أهمية صندوق النقد الدولي لتونس في كونه مهم في استقرار الافاق الاقتصادية للبلاد ودعم الثقة في اقتصاد تونس علاوة على تخفيف الضغط من وكالات التصنيف الدولية مع اشتغال مؤسسات الدولة والشركات العمومية بعيدا عن الضغوطات البنكية وطرق خلاص السلع.

وعلى الرغم من ان تونس توفقت نسبيا في الحصول على قروض ثنائية فان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يظل مهما حتى ولو نجحت تونس في مزيد الحصول على قروض خارجية خاصة الثنائية الأطراف.

ولكن الجدل الحاصل حول علاقة تونس بصندوق النقد الدولي وتخلي أحدهما عن الاخر يغذي التأويلات بالصعوبات التي قد تواجهها تون في خلاص ديونها على غرار ما تم الترويج اليه في سنة 2023 من ان تونس ستجد إشكاليات في سداد ديونها ولكن الى حد الان فان الأمور تسير وفق ما خططت له الحكومة.

وعما اذا تخلى الصندوق عن تونس فان الواقع الحالي يظهر ان الصندوق يتحرك وفق مطالب الدول بطلب المساعدة والمشورة لإيجاد حل للصعوبات المالية لا ان هو يتوجه اليها.

وفي الحالة التونسية فان الموقف السياسي وخاصة من الرئيس قيس سعيد الرافض لإصلاحات او املاءات الصندوق جعل الوضع يراوح مكانه سيما وان الإصلاحات المتفق بشام نمه بين خبراء الصندوق وتونس تهم الإصلاحات الميزانية عبر التقليص من المصاريف التي لها بعد اجتماعي كبير على مستوى الأجور والتحويلات الاجتماعية ودعم المواد الأساسية والغذائية

بالتوازي فان صندوق النقد له سياسات معينة يطبقها على كل الدول التي تتعامل معه ولا يمكنه ان يفرد تونس بإجراءات خاصة ومؤخرا رفضت مصر إصلاحات الصندوق فتوقف البرنامج بينمها.

تونس بصدد البحث عن حلول مالية أكثر ذاتية من خلال التعويل على الذات غير ان الاشكال يكمن في العملة الصعبة ولكن التعويل على الذات يفترض التقليص من بعض المصاريف غير الضرورية. وفي المحصلة وبناء على ما تقدم من الواضح ان تونس هي من تخلت عن الصندوق القد الدولي بالبحث عن حلول مغايرة.

م.ز

تم النشر في 31/07/2023