تجاوز الدولار الأميركي عتبة 3.300 دينار تونسي في سوق التعاملات البنكية أي أدنى مستوى عرفته العملة التونسية بتاريخها. وبحسب مؤشرات البنك المركزي التونسي على موقعه الرسمي، "فإن دولاراً واحداً اصبح يعادل 3,309 دينار"، ويعود آخر رقم قياسي في سجل الهبوط المقلق للعملة التونسية إلى 22 اوت الماضي إذ بلغ سعر صرف العملة التونسية مقابل الدولار 3,209 دينار.
غياب السياسة النقدية الواضحة
واعتبر الخبير الاقتصادي والمختص في الأسواق المالية معز حديدان أن سبب الهبوط الحاد للدينار التونسي مقابل الدولار يعود الى تدهور الوضع المالي والاقتصادي على جميع المستويات إضافة الى غياب السياسة النقدية الواضحة وضعف احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة.
وأوضح حديدان في تصريح لموقع "البورصة عربي " أنه جراء تفاقم عجز الميزان التجاري وتراجع الإنتاجية وتدني عائدات السياحة والاستثمار أدى الى الانخفاض في قيمة الدينار مقابل الدولار بالسياق الاقتصادي العالمي الذي اتسم بارتفاع الدولار أمام غالبية العملات في العالم حيث يقوم المستثمرون ببيع اليورو لشراء العملة الخضراء أو الملاذ الآمن، في ظل التخوفات من الحرب الروسية الأوكرانية وتوقعات بهبوط النمو الاقتصادي في أوروبا.
وفسر معز حديدان تراجع قيمة الدينار بتعمق العجز التجاري حيث أن الواردات اصبحت أكثر تكلفة بالنسبة لتونس، خاصة واردات المنتجات البترولية والحبوب، والتي يتم تسديد ثمنها بالعملة الأجنبية وهو ما ادى الى وجود فارق شاسع بين التدفق الخارجي للعملة الأجنبية مقابل ضعف تدفق العملات الأجنبية الى تونس.
وفي سياق متصل لاحظ المتحدث أن الزيادة في قيمة الدولار تأتي مدفوعة ايضا بتغيير السياسة النقدية الأمريكية للبنك الاحتياطي الفدرالي لمحاربة التضخم القياسي حيث سيقوم بتنفيذ زيادات متتالية في أسعار الفائدة مما يشجع المستثمرين الى الاستباق وتحويل اليورو إلى دولارات من أجل خفض قيمة اليورو والعملات الأخرى في وقت لاحق مقابل الدولار.
لا خيار سوى زيادة الصادرات
وأكد حديدان أنه من أجل رفع قيمة العملة المحلية يتعين على الحكومة التونسية زيادة الصادرات وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر. والح في تصريحه على ضرورة وصول تونس الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في أسرع الآجال مطالبا بالتشجيع على الترفيع في مساحة الزراعات الكبرى للحبوب والاستغناء عن بعض الدول التي يتم الاستيراد منها دون التصدير وفق رايه.
ويذكر أن الدولار الأمريكي سجل صعود تاريخي أمام الدينار التونسي ليكسر حاجز 3.300 دينار في سوق التعاملات البنكية لأول مرة في تاريخه.
هبوط حاد
تأكيداً على الأوضاع الصعبة التي تعيشها البلاد، بخاصة انخفاض قيمة العملة المحلية تراجعت قيمة سعر صرف الدينار أمام الدولار في سوق المعاملات البنكية بنسبة 7.4 في المئة النصف من السنة الحالية، وفق مؤشرات البنك المركزي التونسي.
وشهد معدل سعر صرف الدينار خلال الأشهر الستة الأولى من 2022 بالمقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية تراجعاً بنسبة 8.1 في المئة أمام الدولار، بينما سجل تحسناً بنسبة 1.4 في المئة أمام اليورو.
وشهدت العملة التونسية تراجعاً لافتاً لقيمتها مقابل العملتين الأميركية والأوروبية على مدار تسعة أعوام إذ هوى سعر الدينار أمام الدولار 107 في المئة منذ عام 2011 حتى بداية 2019، ومع بداية 2011 بلغ سعر الدولار 1.424 دينار وارتفع الدولار تدريجاً حتى بلوغه 1.871 دينار عام 2015، ثم كسر حاجز الدينارين في 2016، وصعد عاماً بعد آخر ليسجل 2.439 عام 2018، ومع بداية 2019 قفز الدولار إلى 2.949.
منى ميموني
تم النشر في 30/09/2022