تأثر القطاع السياحي بشكل لافت لا فقط من حيث الأزمة المالية والهيكلية التي يمر بها منذ عدة سنوات بل خاصة من حيث تأثيرات الموجات المتتالية لفيروس كورونا وأخرها الموجة الرابعة للمتحور الهندي "دلتا" الذي أسقط حسابات مسؤولي القطاع والمهنيين في الماء.
وفي الوقت الذي استعد فيه القطاع لاستقبال مئات ألاف السياح خاصة الأوروبيين والشروع في حملة تلقيح مهنيي القطاع وخاصة إمكانية تسجيل عافي نسبي للسياحة التونسية، شهدت تونس الموجة الرابعة من فيروس كورونا تونس وتسجيل معدل 150 وفاة يوميا وعشرات ألاف الإصابات.
وضعية جعلت العديد من متعهدي الرحلات العالمية وخاصة حكومات الدول الأوروبية يصنفون تونس في القائمة الحمراء ذات المخاطر الصحية المرتفعة وتحجير السفر على رعاياهم الى تونس.
ويساهم القطاع السياحي بحوالي 13 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لتونس ويوفر العمل لنحو مليون تونسي (مباشر وغير مباشر) علاوة على تنشيط للعديد من القطاعات على غرار الفلاحة والصناعات الغذائية.
ويعد القطاع في فترة تعافيه من اهم مصادر جذب العملة الصعبة لتونس قبل حتى الاستثمارات الخارجية المباشرة وتحويلات التونسيين المقيمين بالخارج.
وضعية صعبة جدا
وبحسب تصريح مسؤول في وزارة السياحة والصناعات التقليدية فان الموسم السياحي لعام 2021 يعدا استثنائيا وصعب جدا في ذات الوقت بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا التي خلفت تأثيرا سلبية على القطاع في تونس.
وأبرز المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الموجة الرابعة من فيروس كورونا وخاصة الانتشار السريع للمتحور دلتا وارتفاع عدد الوفايات والإصابات بشكل متسارع جعل أهم حرفاء تونس يتخذون إجراءات صارمة بشأن الوجهة السياحية التونسية.
ومن ضمن هذه الإجراءات تصنيف تونس ضمن القائمة الحمراء ذات مخاطر الصحية المرتفعة وتحجير السفر على الرعايا الأوروبيين على فرنسا التي تعد السوق الأولى لتونس.
وبالمقابل لفت الى أن الوجهة التونسية لا تزال تحظى بثقة أسواق أوروبا الشرقية وخاصة روسيا وتشيكيا وبولونيا عبر تواصل الرحلات الجوية غير المنتظمة.
وكشف من جهة اخرى أن عدد الوافدين على تونس منذ بداية العام إلى غاية يوم 10 اوت 2021 بلغ 1 مليون و426 ألف سائح. كما بلغت العائدات السياحية 1147 مليون دينار اي 409.6 مليون دولار وان عدد الليالي المقضاة في الوحدات السياحية بلغت مليونين و749 ألف ليلة إلى حدود يوم 20 جويلية الماضي.
التونسيون بالخارج أنقذوا الوضعية نسبيا
وعما إذا ساهمت عودة التونسيين بالخارج إلى وطنهم في تنشيط القطاع السياحي أكد المصدر ذاته أن عدد التونسيين المقيمين بالخارج الذين تحولوا إلى مختلف لمؤسسات الإيواء السياحي ارتفع بنسبة 30 بالمائة بالمقارنة مع السنة الماضية معتبرا ذلك أمرا مشجعا وأعطى متنفسا حقيقيا للقطاع السياحي في تونس.
وعرج على أهمية السياحة الداخلية في هذه الفترة من خلال توافد 789 ألف تونسي على مؤسسات الإيواء السياحي منذ بداية العام إلى موفى جويلية الماضي وامضوا 1 مليون 589الف ليلة مقارنة ب 1 مليون و284 ألف ليلة في نفس الفترة من السنة لماضية.
الاستعداد لما بعد موسم الذروة
ولئن عرف الموسم السياحي صعوبات جمة خاصة فغي مرحلة الذروة (جويلية وأوت) فان المشرفين على القطاع شرعوا في الاستعداد لمرحلة ما بعد لذروة التي ستنطلق في منتصف سبتمبر إلى موفى العام.
وللغرض كشف المسؤول بوزارة السياحة أنه تم اتخاذ التدابير اللازمة من خلال تنظيم حملة اتصالية لدى متعهدي الرحلات العالمية متسلحين في خطابهم بتسارع نسق التلقيح للشعب التونسي الذي سيصل في شهر أكتوبر إلى المناعة الجماعية وهو ما سيجعل تونس وجهة صحية أمنة علاوة على أن جل العاملين في القطاع السياحي قد أتموا عملية لتطعيم صد فيروس كورونا.
وأعرب عن أمله في ان تنقذ فترة ما بعد مرحلة الذروة الموسم السياحي والاستعداد للسنوات القادمة.
موسم سياحي للنسيان
وكان جابر بن عطيوش رئيس جامعة وكالات الأسفار انه أمام لظرف الراهن لم بالإمكان الحديث عن موسم سياحي ملقيا باللوم على مسؤولي وزارة السياحة الذين لم يستعدوا كما ينبغي لذروة الموسم السياحي سيما وان الحجوزات للموسم السياحي تتم عادة منذ أشهر.
أما بالنسبة للأسواق التقليدية التي تتعامل معها تونس فهي ليست متواجدة على الساحة وتم تسجيل عزوف على أهم حرفاء الوجهة التونسية على غرار السوق الفرنسية والايطالية والألمانية.
وتابع بالقول" كان من المفروض أن ينطلق المسؤولون عن قطاع السياحة في حملتهم الترويجية باكرا وأن يضعوا تونس في خارطة كبرى متعهدي الرحلات الدولية عبر اعطاء المؤشرات الصحيحة عن الوضعية في تونس ووضع مخطط لتلقيح كامل للقطاع السياحي ولكن وللأسف تأخرنا مقارنة بمنافسينا."
ويضيف "كنا قادرين على إنقاذ ما بين 70 و80 بالمائة من الموسم السياحي الحالي، الا ان صرنا اليوم نتحدث عن ضرورة انقاذ ما بقي من الموسم السياحي وهو ما بعد الموسم أي أشهر سبتمبر أكتوبر ونوفمبر ". وبخصوص أهمية عودة التونسيين المقيمين بالخارج إلى وطنهم، قال جابر بن عطيوش إنهم "يستحقون امتيازات أكثر نظرا لدورهم في جلب العملة الصعبة لتونس نجدهم في الاوقات الحرجة لمساعدة بلادهم والاستثمار في تونس".
ولكنه بين ان شركة الخطوط الجوية التونسية التي كانت تعدل اسعار الخدمات للتونسيين بالخارج تعاني اليوم أزمة كبيرة والمطلوب اليوم هو الحفاظ على هذه المؤسسة الوطنية التي كانت تخلق التوازن حيث كانت في السابق قادرة على تقديم اسعار تفاضلية للتونسيين بالخارج مذكرا بان وزير النقل كان وعد بأن تقع مراجعة الأسعار ولكن اليوم وصل سعر تذكرة الطائرة إلى 800 و900 أورو ( بين 2640 و 2970 دينار).
وقال إن المنظومة كاملة تقتضي المراجعة والعمل على تفعيل اتفاقية السماوات المفتوحة في أقرب الآجال ودعم شركات الطيران الداخلية التونسية.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 19/08/2021