version française ilboursa

موديز - تخفيض الترقيم السيادي : تونس تدخل في منعرج خطير

خفضت وكالة الترقيم "موديز"، مساء أمس الثلاثاء،الترقيم السيادي لتونس بالحط  من إصدار العملة الأجنبية والعملة المحلية لتونس من 'ب2' إلى 'ب3' مع الإبقاء على أفاق سلبية

ويحيل هذا التخفيض وفق معايير الوكالة على أن المرحلة القادمة قد تتسم بمزيد تخفيض الترقيم السيادي لتونس إلى - 'ج أأ1'-  اي أن البلد قد يصبح مصنفا في موقع عالي المخاطر بمعنى عدم القدرة على الإيفاء بتعهداته المالية والقدرة على إرجاع الديون.

ويترجم هذا التخفيض الوضعية الصعبة جدا التي تمر بها تونس في ظل أزمة سياسية خانقة والتراجع اللافت لجل المؤشرات الاقتصادية للبلاد من ذلك تسجيل تراجع تاريخي لنسبة نمو الداخلي الخام ب 8.8 بالمائة في 2020 مقبل نمو ايجابي بنسبة 0.9 بالمائة في موفى 2019

ويجمع الخبراء والمحللون الاقتصاديون على أن تونس تجنبت يوم أمس التخفيض في ترقيمها إلى مستوى ج أأ لتراكم بالتالي الأزمة تلو الأزمة والدخول في دوامة من الصعب الخروج منها.

كما قامت "موديز" بالتخفيض في ترقيم سندات ديون البنك المركزي التونسي بالعملة الأجنبية المضمونة وغير المضمونة من الصنف -ب2- إلى -ب3- مع الإبقاء على أفاق سلبية باعتبار أن البنك المركزي هو مسؤول من الناحية القانونية على خلاص كافة الإصدارات الرقاعية للحكومة.

وأبرزت الوكالة في بيانها أن توجهها إلى ترقيم -ب3- يعكس ضعف الحوكمة في تونس في مواجهة تفاقم التحديات الاجتماعية، مما يحد من هامش تحرك الحكومة في قيامها بإصلاح الجباية والقطاع العام  بما من شانه أن يضمن استقرار قدرتها على التصرف في الدين العام.

ويرجع الترقيم وفق الوكالة سواء بالنسبة للتصنيف السيادي للبلاد أو تصنيف سندات ديون البنك المركزي بالعملة الأجنبية المضمونه وغير المضمونه من الصنف الأول من 'ب2' إلى 'ب3' مع آفاق سلبية إلى دعم القطاع الخارجي الذي بقي متماسكا طيلة الجائحة الصحية وحتى الان.  

وسيكون لهذا التصنيف الجديد لتونس تداعيات سلبية على عدة أصعدة أهمها صعوبة خروج تونس في الفترة القادمة على الأسواق المالية الدولية لتعبئة مورد تمويل ميزانية 2021 إذ أن الحكومة الحالية مطالبة بتعبئة حوالي 16 مليار دينار.

وحتى في صورة اتخاذ القرار بالخروج على الأسواق الدولية في مثل الظرف فانه لن يكون بالأمر السهل إذ لن تجد البلاد مقرضين أو انه في حال الاتفاق مع المقرضين الدوليين فان ذلك سيكون باهظ الثمن وبنسب فائدة مرتفعة جدا بما يضاعف من هشاشة أولا التفاوض وجعلها في موقف ضعف والقبول بالشروط وثانيا وهو الأهم  انتظار المؤسسات المالية الدولية الضوء الأخضر من صندوق النقد الدولي الذي لا يزال من الحكومة التونسية الحالية قيامها بالإصلاحات المتفق بشنها.

يشار في هذا الصدد إلى أن بيان البعثة الأخيرة لصندوق النقد الدولي أكد '' على قيام السلطات باعتماد خطة إصلاح تتمتع بالمصداقية ويتم الإفصاح عنها بشكل جيد وتحظى بتأييد قوي من المجتمع التونسي وشركاء التنمية الدوليين''.

ويضيف الصندوق انه لتحقيق هذه الغاية، سيكون من الضروري كسب التأييد من الأطراف المعنية حول القضايا التي تدخل في نطاق اختصاصها. ويمكن أن يشمل مثل هذا "الميثاق الاجتماعي" كتلة الأجور (وهي حاليا من أعلى الكتل في العالم)، وإصلاح منظومة الدعم، ودور المؤسسات العمومية في الاقتصاد، والقطاع غير الرسمي، والعدالة الضريبية، وإصلاحات مكافحة الفساد، ومناخ الأعمال.

لقد بات بالكاشف أن الأزمة السياسية المتواصلة والتي تفاقمت في الأسابيع الأخيرة أثرت جليا على المسائل الاقتصادية وتعطل جل أجهزة الإنتاج وخاصة غياب قرارات حكومية جرئية تنهي الجدل بشان العديد من الملفات الحارقة وفي مقدمتها تعطل إنتاج الفسفاط وتراجع إنتاج حقول النفط وغيا رؤية إصلاحية في الجباية وإصلاح المالية العمومية المتداعية.

الثابت والمتأكد أن تونس دخلت في منعرج خطير في تعاطيها مع الملفات الاقتصادية والمالية الحارقة والتي تستوجب رؤية واضحة وخاصة استقرار سياسي هو حاليا غير متوفر ما يجل البلاد في مواجهة مصير مفتوح على كل الاحتمالات السلبية.

مهدي الزغلامي 

تم النشر في 24/02/2021