version française ilboursa

ملفات كبرى تنتظر رئيس الحكومة الجديد أحمد الحشاني؟

قرر رئيس الجمهورية قيس سعيد الثلاثاء غرة اوت 2023 (قبل منتصف الليل بلحظات) تعيين احمد الحشاني رئيسا جديدا للحكومة إثر اعفاءه نجلاء بودن بعد 23 شهرا من تسيير الحكومة وهي التي تم تعيينها كأول امرأة في المنطقة العربية رئيسة للحكومة التونسية في 29 سبتمبر 2021

ولئن لم يذكر بيان رئاسة الجمهورية أسباب اقالة نجلاء بودن من منصبها إلا أن تدهور الوضع الاقتصادي وتداعياته الاجتماعية قد تكون سرعت بالقرار على خلفية تتالي العديد من الازمات اخرها ازمة فقدان الخبز وتردي مناخ الاعمال في تونس من خلال تعطل لإنجاز العديد من المشاريع وفي مقدمتها تسريع انجاز مشاريع الطاقة المتجددة زد على ذلك ازمة انقطاعات الكهرباء والماء خلال هذه الصائفة الاستثنائية.

يأتي تعيين الحشاني، الذي كان يشغل منصب مدير عام الشؤون القانونية في البنك المركزي التونسي قبل ان يحال على شرف المهنة في سنة 2018 (متقاعد منذ خمس سنوات)، في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية ومالية خانقة في البلاد.

وتنتظر رئيس الحكومة الجديد أحمد الحشاني ملفات عديدة ومتشعبة أبرزها إيجاد حل سريع وعاجل لمشكلة توفر المواد الأساسية والقطع مع حالة تذبذب التزويد على المدى القصير جدا فضلا عن العمل على اصلاح عدد المسائل الحارقة أهمها تحسين الوضعية المالية للبلاد.

كما يتوجب عليه اصدار حزمة من الإجراءات والقرارات الهامة من اجل تحسين مناخ الاعمال في البلاد المتعثر سيما وان حكومة ودن التي تعهدت باتخاذ سلسلة من القرارات لكنها لم تفعلها ولفها الغموض. ويظل ملف صندوق النقد الدولي حجر الزاوية والملف الصعب امام رئيس الحكومة الجديد امام رفض رئيس الدولة قيس سعيد إملاءات الصندوق في خصوص رفع الدعم خاصة.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، وجه الرئيس قيس سعيد اللوم للمسؤولين والحكومة قائلاً، إنه يجب عليهم التحرك لمعالجة المشاكل وضعف الخدمات العامة بما في ذلك الانقطاع المتكرر للمياه والكهرباء، الامر الذي دفعه الى اقالة الرئيس المدير للشركة التونسية لتوزيع المياه مؤخرا.

وقال سعيد للحشاني بعد أن أدى اليمين الدستورية أمامه "هناك تحديات كبيرة لا بد أن نرفعها... للحفاظ على وطننا وعلى دولتنا وعلى السلم الأهلي". وأضاف "سنعمل على تحقيق إرادة شعبنا والعدل المنشود، وتحقيق الكرامة الوطنية ولن نعود للوراء".

وكان سعيد قد عين نجلاء بودن رمضان رئيسة للوزراء قبل نحو عامين بعدما أقال رئيس الوزراء هشام المشيشي وسيطر على جميع السلطات تقريباً في منذ 25 جويلية 2021 2021 وحل البرلمان في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب.

لكن حكومة نجلاء بودن عجزت عن إصلاح الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وسط مخاوف من أن تونس لن تكون قادرة على سداد ديونها الخارجية بسبب أزمة مالية حادة.

بل واستفحلت الازمات وتتالت أدت إلى نقص عديد من السلع مثل الخبز والسكر والأرز والقهوة وسط تذمر كبير من المواطنين الذين عبروا عن ذلك صراحة للرئيس سعيد يوم 25 جويلية 2023 لما قام بجولة في شارع الحبيب بورقيبة، عن عدم رضاهم بالوضع الراهن وسط استفحال الغلاء وندرة المواد الأساسية.

ودعمت حكومة نجلاء بودن برنامجاً للإصلاح الاقتصادي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، لكن سعيد رفض أي إصلاحات من شأنها أن تشمل خفض دعم الغذاء والطاقة قائلاً، إن القيام بذلك قد يتسبب في توترات اجتماعية حادة.

أزمة اقتصادية خانقة

وبحسب خبراء فإن الأزمة الاقتصادية لها تداعيات وخيمة أخرى خصوصاً أن الدولة شبه عاجزة عن تمويل أي استثمار جديد، مما يجعل البلاد تمر بركود اقتصادي مع نمو ضعيف يبلغ نحو اثنين في المئة وبطالة تزيد على 15 في المئة، وكذلك تسعى الدولة بشكل متزايد إلى الاقتراض الداخلي عبر المصارف المحلية، مما يقوض سمعتها الدولية.

 ويبلغ دين تونس ثمانية في المئة من إجمالي ناتجها المحلي، وهي في حاجة ماسة إلى تمويل لتسديد رواتب موظفي القطاع الحكومي "نحو 680 ألف موظف إداري وما لا يقل عن 150 ألفاً في الشركات العامة"، فضلاً عن نفقاتها الأخرى.

لكن سعيد يكرر رفضه "الإملاءات" المتأتية من خبراء صندوق النقد الدولي، التي تتعلق بمراجعة سياسة الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية وتقليص كتلة الأجور في القطاع الحكومي.

ولم تتمكن حكومة نجلاء بودن على مدى عامين من "اخماد حرائق الملفات الحارقة" وتحسين أوضاع البلاد والمواطنين بل تعمقت أكثر الازمة بتسجيل نسب تضخم قياسية تجاوزت 10 بالمائة في أواخر 2022 مع تراجع لافت لقيمة الدينار التونسي امام الأورو الذي وصل الى مستوى قياسي اذ صار واد أورو يساوي 3.4 دينار تونسي منذ بضعة أيام.

م.ز

تم النشر في 02/08/2023