مع اقتراب عودة التونسيين بالخارج إلى تونس يحتد الجدل مجددا حول الامتيازات الجبائية التي يتمتع بها التونسيون المقيمون بالخارج وخاصة حقهم في جلب سيارة معفاة من الأداءات كليا أو جزئيا وامكانية بيعها في تونس. وبلغت تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج 5.8 مليار دينار (1.7 مليار يورو) أي أكثر من 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام2020
وتفيد الاحصائيات المتوفرة ان حوالي 12 بالمائة من التونسيين مقيمون بالخارج، أي أكثر من مليون و300 ألفتونسي منهم 800 ألف في فرنسا. ويزيد الصراع السياسي حدة هذا الجدل حيث يتزامن مع طرح النائب عن حركة امل وعمل عن فرنسا1 ياسين العياري لمقترح قانون يتعلق بضبط الامتيازات الجبائية لفائدة التونسيين المقيمين بالخارج وشروط منحها.
ويدعو من خلال هذه المبادرة التشريعية خصوصا إلى إلغاء شرط منع التفويت في السيارة مدة سنة كاملة بالنسبة للإعفاء الجزئي، والغاء شرط التمتع بسيارة واحدة لكل عائلة للتمتع بالإعفاء الكلي.
وجوبه هذا المقترح بالرفض من عدد من النواب وخاصة وكلاء السيارات الذين اعتبروا أن هذا القانون من شأنه أن يفتح الباب أمام المضاربة في بيع السيارات وازدهار السوق الموازية من خلال استغلال هذا الامتياز في غير محله.
يذكر انه تم تنقيح القانون الخاص بالامتيازات الجبائية لفائدة التونسيين بالخارج والذي صدر منذ سنة 1995 وكان آخرها تنقيح مارس 2018 فرض على المتمتعين بامتياز الاعفاء الجبائي للسيارة أن تمر سنة كاملة بعد خلاص الأداءات المستوجبة وتسجيلها بالسلسلة المنجمية التونسية للتمتع بالحق في التفويت فيها وبيعها وهو ما أثار حفيظة التونسيين بالخارج إضافة للتجار وأصحاب قاعات عرض السيارات الذين اعتبروا ان هذا التنقيح يستهدفهم.
ويعتبر ياسين العياري وهو صاحب هذا المقترح، ان الامر الحكومي عدد 197 لسنة 1995 المؤرخ في 23 جانفي 1995، الذي تمّ تنقيحه في عدة مناسبات، قيّد الامتيازات الجبائية الممنوحة للتونسيين بالخارج بشروط مجحفة ولم يواكب التطوّرات التقنية بتغافله عن تحديد الامتيازات الجبائية للسيارات الكهربائية والهجينة (ايبريد).
قانون الـFCR الجديد سيحول البلاد الى "خردة" أوروبا
في المقابل أكد رئيس الغرفة الوطنية لوكلاء ومصنعي السيارات ابراهيم دباش في تصريح لموقع "بورصة عربي" أنه لا فائدة ترجى من تغيير القانون الحالي الخاص بالامتيازات الجبائية للتونسيين المقيمين بالخارج والذي يضمن مصلحة التونسيين بالخارج ويمكنهم من عدة امتيازات جمركية لا يتوفر عليها التونسيون بالداخل.
وقال"إن من يسعى لتمرير القانون الجديد يهدف إلى إعادة المضاربات وفتح السوق الموازية للسيارات عبر بوابة الـ FCR كما حصل في الفترة ما بين 2012 و2015 من خلال تعويم البلاد بالسيارات القديمة وجعل تونس مستودعا لـ"خردة" أوروبا مع ما يمثله ذلك من تأثيرات سلبية على البيئة وارتفاع نسبة التلوث وهدر الأموال في قطع الغيار".
وأشار المتحدث إلى أن التونسيين بالخارج يخضعون لشروط منطقية للتمتع بالامتياز الجبائي مثل منع بيع السيارة لمدة سنة بعد خلاص معلوم الأداءات شأنهم في ذلك شأن التونسيين الذين يتمتعون بالامتياز الجبائي على السيارات الشعبية او سواق سيارات الأجرة أو أصحاب وكالات الأسفار الذين يحجر عليهم بيع سياراتهم لمدة محددة نتيجة تمتعهم بالامتيازات الجبائية.
وكلاء السيارات يرفضون الـFCR
واستغرب النائب ياسين العياري، خلال جلسة استماع بلجنة المالية خصصت للاستماع لرأي الغرفة الوطنية لوكلاء ومصنعي السيارات حول مقترح قانون متعلق بالامتيازات الجبائية لفائدة التونسيين المقيمين بالخارج، اصرار موردي السيارات رفض هذا القانون معتبرا أنهم هم من يستنزف احتياطي تونس من العملة الصعبة عبر توريدهم لآلاف السيارات التي تصل للتونسيين بأسعار باهضه ودون مراعاة لقدرتهم الشرائية.
وشدد العياري على أن وكلاء السيارات قاموا بتشكيل لوبي للدفاع عن مصالحهم التي يمكن أن يستهدفها هذا القانون حسب رأيه ودعاهم إلى الدفاع مباشرة عن موقفهم دون التحجج بخوفهم على المصلحة الاقتصادية لتونس ورفضهم للسوق الموازية لبيع السيارات أو تفكيرهم في مصلحة المواطنين مضيفا أنه سيعمل على حشد النواب لتمرير هذا القانون في الجلسة العامة.
مقترحات لتجاوز الاشكال
ومن جانبه أبرز ابراهيم دباش أن وكلاء السيارات لا يرفضون القانون المقترح برمته وأنهم منفتحون على تعديل هذا المقترح بما يضمن مصلحة التونسيين بالخارج من جهة والمصلحة الاقتصادية لتونس وحتى مصالحهم كموردي سيارات وأشار دباش إلى أن الغرفة الوطنية لوكلاء السيارات قدمت عديد المقترحات لتحسين هذا القانون خلال جلسة الاستماع لهم كفاعلين في المجال.
ومن ضمن المقترحات التي قدمها دباش أن يتم الترفيع في نسبة الأداءات التي يتم خلاصها في حال أراد التونسي بالخارج أن يفرط في سيارته بالبيع إلى 50 بالمائة دون انتظار سنة كاملة لبيعها وذلك عوض دفع ما بين 25 و30 بالمائة من نسبة الأداء. كما دعت الغرفة النقابية إلى فرض خلاص معلوم الديوانة بالعملة الصعبة وجعله شرطا ضروريا خصوصا وان التونسيين المقيمين بالخارج يتقاضون أجورهم بالعملة الصعبة.
كما دعا دباش إلى التخفيض من الضغط الجبائي المرتفع على التونسيين والتقليص من الأداءات المجحفة على اقتناء سيارة جديدة مشيرا في هذا الخصوص إلى أن ثلثي السيارات التي تباع في تونس تستفيد من الامتيازات الجبائية سواء للسيارة الشعبية أو التاكسيات أو سيارات الأجرة أو وكالات الأسفار او حتى المواطنين بالخارج وذلك بسبب الاداءات المرتفعة المفروضة على توريد السيارات.
قانون الـFCR يواكب التحولات
ويشير النائب ياسين العياري إلى أن هذا المقترح يواكب احتياجات العصر حيث يحدد بالتدقيق الامتيازات الجبائية للسيارات ذات التقنيات الحديثة كالسيارات الكهربائية أو الهجينة (ايبريد) وذلك بالنظر لأهميتها في توفير بيئة سليمة للمواطنين وتجديد أسطول السيارات في تونس، كما يرتكز العياري إلى أن مقترحه يساهم بالدفع في اتجاه رقمنة المعاملات من حيث توفير إمكانية القيام بكل العمليات الديوانية وإرسال كل الوثائق اللازمة للحصول على الامتيازات الجبائية عن طريق منظومة إعلامية تحرص مصالح الديوانة على توفيرها وذلك لتسهيل الإجراءات ولتقريب الإدارة من المواطن.
وفي هذه النقطة يؤكد رئيس غرفة وكلاء السيارات أنه يتوافق مع هذا المقترح ويدعم مثل المبادرات خاصة فيما يتعلق بتوريد السيارات الكهربائية أو الهجينة (ايبريد) والذي ينطوي على فائدة للمواطنين المقيمين بالخارج والمواطنين المقيمين في تونس.
حسام الطريقي
تم النشر في 08/06/2021