version française ilboursa

مصانع الصناعات الكيميائية الاوروبية أمام موجة إغلاقات في 2024

رجحت ورقة بحثية لـ"ستاندرد آند بورز غلوبال" ان تدخل أوروبا عام 2024 في واحدة من أعمق الأزمات، إذ تبدو اليوم مصانع إنتاج الكيماويات أمام سيناريو الإغلاق، إثر ضعف في الطلب وارتفاع كلفة التشغيل والخامات وأجور العمال، وهي الأزمة التي سادت طوال العام الماضي، وأثرت سلباً في النتائج المالية للشركات، وسط توقعات باستمرار الأزمة على أدنى تقدير حتى منتصف العام الحالي.

ويتزامن انخفاض المبيعات مع الطاقة الفائضة في عديد من سلاسل القيمة البتروكيماوية، مما أدى إلى توقف عدد من الشركات في دول القارة أو إغلاقها بشكل دائم، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يستمر العام الحالي.

ورأت الورقة البحثية أن مبيعات الاتحاد الأوروبي - ثاني أكبر منتج للمواد الكيماوية بعد الصين - تزيد على 760 مليار يورو وفقاً لمجلس الصناعة الكيماوية الأوروبي "سيفيك"، بنسبة 14 في المئة من المبيعات العالمية في 2022، وهي النسبة التي تراجعت عما كانت عليه عام 2012، حين سجلت 17 في المئة، وهو ما يثير مخاوف في شأن مركز أوروبا على المدى الطويل كقوة رئيسة في أسواق المواد الكيماوية العالمية.

وتعتزم مجموعة "بي إيه أس أف"، إغلاق مصانع إنتاج الأمونيا والكابرولاكتام وثنائي إيزوسيانات التولوين وغيرها من المنتجات الرئيسة في مجمع الشركة في لودفيغسهافن الألمانية بحلول نهاية العام الحالي، في محاولة لمعالجة الكلفة المرتفعة في أوروبا، بما في ذلك أسعار الغاز الطبيعي.

وانخفض حجم الإنتاج الكيماوي في أوروبا بنسبة 6.6 في المئة العام الماضي، في تراجع حاد عن النمو البالغ 5.1 في المئة عام 2022، ومن المتوقع أن يشهد الإنتاج انتعاشاً هشاً فقط في عام 2024، وفقاً لمجلس الكيمياء الأميركي، حين قدر 1.9 في المئة نمواً في الإنتاج العام الحالي.

كان تأثير ارتفاع الكلفة وضعف الطلب حاداً بشكل خاص في ألمانيا، موطن أكبر صناعة كيماوية في أوروبا، إذ يضطر المنتجون إلى اتخاذ تدابير جذرية.

يتوقع رئيس جمعية الصناعة الكيماوية الألمانية ماركوس ستيلمان، استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام، فضلاً عن نقص الطلبيات، في التأثير في الأعمال التجارية، بالتالي ستضطر الشركات إلى خفض الكلفة، سواء عن طريق إغلاق مصانع الإنتاج، أو التخلي عن بعض قطاعات الأعمال الفردية أو تحويل الاستثمارات إلى الخارج، مرجحاً أن إنتاج المواد الكيماوية في ألمانيا انخفض بنسبة ثمانية في عام 2023.

وخفضت شركة "بي إيه أس أف" 2600 وظيفة في أوروبا، حوالي 65 في المئة منها في ألمانيا، لتحقيق ما يقرب من نصف 500 مليون يورو من الوفورات السنوية في الكلفة غير الإنتاجية التي تسعى الشركة إلى تحقيقها في لودفيغسهافن.

وأعلن عديد من الشركات الأخرى خططاً لإغلاق الطاقة الكيماوية في أوروبا خلال عام 2024، مشيرة إلى مشكلات أبرزها ضعف الطلب وارتفاع الكلفة في مقابل انخفاض الأسعار، وفي بعض الحالات المنافسة من الواردات الأرخص، فيما ستشهد بلجيكا والبرتغال، إغلاق مصنعين كبيريين للبولي إيثيلين، الأول في بلجيكا بطاقة 442 ألف طن، والثاني بطاقة 700 ألف طن.

وتحركت المفوضية الأوروبية أخيراً لمواجهة الواردات الرخيصة في سلسلة قيمة البوليستر والبولي إيثيلين تيريفثاليت من خلال إعلان رسوم مكافحة الإغراق على الواردات من الصين تتراوح بين 6.6 إلى 24.2 في المئة، وتجري المفوضية أيضاً تحقيقات لمكافحة الإغراق في كلوريد البوليفينيل وثاني أكسيد التيتانيوم في سعيها إلى حماية المنتجين الأوروبيين من الأضرار المادية التي يمكن أن يسببها الإغراق.

ويظل الابتكار أحد نقاط القوة في القطاع الكيماوي في أوروبا، إذ تنفق الصناعة الكيماوية في الاتحاد الأوروبي حوالى 11 مليار يورو  سنوياً على البحث والتطوير، أو 17 في المئة من الإجمالي العالمي، وفقاً لـ"سيفيك".

وفق الورقة البحثية لـ"ستاندرد آند بوزر" سيكون الابتكار مهماً بشكل خاص ومفيداً للاتحاد الأوروبي في الأعوام المقبلة مع تطوير تقنيات إعادة التدوير الجديدة والطاقة المتجددة والكهرباء والمواد البلاستيكية عالية التقنية لتلبية متطلبات الصفقة الخضراء الأوروبية وجميع اللوائح المرتبطة بها، ومع ذلك تشكو الصناعة أن عبء الكلفة التنظيمية في أوروبا مرتفع بشكل مفرط وأن هناك حاجة ماسة إلى التخفيف.

تم النشر في 03/01/2024