version française ilboursa

مشروع قانون المالية لسنة 2024 : قانون كل التناقضات

لا يزال مشروعا قانون المالية والميزانية لسنة 2024 يثير الجدل والنقاش والتفاعلات بين منتقد لمضامينهما ولا سيما غياب رؤية إصلاحية حقيقية والاقتصار فقط على مواصلة اثقال كاهل الأجيال القادمة بالقروض وبين راض نسبيا عن التوجه الاجتماعي للدولة بعد اثقال كاهل المواطنين والشركات بضرائب جديدة.

وفي هذا الاطار أكَد معز حديدان استاذ الاقتصاد والمختص في الأسواق المالية أن مشروع قانون المالية لسنة 2024، يعكس توجه الدولة للحفاظ على دورها الاجتماعي، لافتا إلى إقرار جملة من الإجراءات التي تساهم في إعادة توزيع الثروة بين جميع شرائح المجتمع.

وأضاف أن الدولة بحثت عن آليات للتمويل والحفاظ على منظومة الدعم، وذلك من خلال إقرار إتاوة تتراوح بين 1500 و3000 مليم، على مشتقات الحليب باستثناء الياغرط، وذلك بهدف المحافظة على دعم الحليب.

كما أشار حديدان إلى فرض أداء بـ 3 بالمائة على رقم معاملات النزل السياحية، إضافة إلى الترفيع في معاليم الأداء على الإقامة بالنسبة للسيح الأجانب، ويأتي ذلك بهدف المحافظة على تمتع النزل والوحدات السياحية بجملة من المنتوجات المدعمة.

وتحدث عن إجراءات أخرى على غرار فرض ضريبة جديدة بـ 4 بالمائة على البنوك والمؤسسات المالية، في إطار الأداء على الأرباح، واعتبر أنه كان من الأجدر استثناء قطاع الإيجار المالي من هذه الضريبة.

وبيّن أن مشروع قانون المالية لسنة 2024 تضمن بعض الإجراءات الجبائية ولكنها ليست بكثيرة، مقارنة مع ما تم إقراره من إجراءات جبائية في مشروعي قانون المالية لسنتي 2022 و2023.

واعتبر المتحدث، أن مشروع قانون المالية يعكس اهتماما جديا بالاقتصاد الأخضر، ويعطي امتيازات جبائية في الغرض، إضافة إلى الامتيازات الجبائية بالنسبة للسيارات الكهربائية، والمعلوم على الكربون بالنسبة لتذاكر السفر على البواخر والطائرات.

وبالمقابل قال حديدان إن مشروع القانون لم يأت بإجراءات كبيرة لإدماج القطاع الموازي مثلما كان منتظرا مبرزا أن سنة 2024 ستكون صعبة، حيث تم إدراج 16.4 مليار دينار كحاجيات من التمويل الخارجي ضمن مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024

قانون كل التناقضات

ومن جهته أبرز ارام بلحاج ان مشروع قانون المالية للسنة القادمة لن يحتوي على ضرائب جديدة، بينما سيكون هناك ارتفاع للضغط الجبائي في حدود 25.1 بالمائة، مضيفا انه ولئن سيكرس المشروع مبدأ التعويل على الذات فانه بالمقابل سيكون هناك ارتفاع قياسي لحجم القروض الخارجية.

كما اعتبر ان مشروع قانون المالية لسنة 2024 سيتضمن إجراءات بديلة عن صندوق النقد الدولي وكل من يتبعه، بينما حجم "القروض الأخرى" المرسمة بنفس الميزانية يعد مهولا وفق رايه.

وواصل انتقاده بالتأكيد على ان مشروع قانون المالية لسنة 2024 لن يمس من منظومة الدعم مقابل ذلك ستشهد ميزانية الدعم انخفاضا (مع العلم، نسبة تنفيذ ميزانية الدعم في حدود شهر اوت لسنة 2023 ضعيفة، خاصة في كل ما يخص بدعم المواد الأساسية. وخلص بأن قانون المالية لسنة 2024 هو قانون كل التناقضات

كيف السبيل من دون صندوق النقد والاتحاد الاوروبي ؟

اما رضا الشكندالي أستاذ الاقتصاد والتصرف بالجامعة التونسية فقد تساءل أن ميزانية الدولة لسنة 2024 بلا صندوق النقد الدولي وبدون الاتحاد الأوروبي فان أغلب مواردها الخارجية في المجهول

ولاحظ أن الدولة ميزانيتها لعام 2024 حددت ب 77،8 مليار دينار أي بزيادة 6،6 مليار دينار كاملة مقارنة بالميزانية المحينة لهذا العام وبحوالي 8 مليار دينار مقارنة بقانون المالية الأصلي لسنة 2023. وقد فاقت هذه الزيادة في ميزانية الدولة حتى الزيادة التي حدثت في ميزانية الدولة لسنة 2020، سنة تسرب الجائحة الصحية في تونس وهي 6،4 مليار دينار.

وقال إن هذه الزيادة المشطة ستمول أساسا من الاقتراض الخارجي (زيادة ب 5،9 مليار دينار) ومن الموارد الجبائية (4،5 مليار دينار) وقد تبرر في جزء منها بالمبالغ الهامة المستوجبة للحكومة التونسية من تسديد للديون خلال العام القادم والبالغة 24،7 مليار دينار مناصفة بين الدين الداخلي والدين الخارجي وبزيادة جملية قدرت ب 3،9 مليار دينار زيادة على 6،6 زيادة جملية في حجم ميزانية الدولة لهذا العام.

ويضيف انه بالرغم من غياب صندوق النقد الدولي كممول لميزانية الدولة في العام القادم، فإن "رائحة" بعض الاصلاحات التي وقعتها تونس معه في الاتفاق التقني تظهر من خلال الإجراءات المقترحة كالتقليص من حجم الأجور من الناتج المحلي الإجمالي الى 13،5 في المائة بالحد من الانتدابات وعدم سد الشغورات واعتماد برامج التخفيض من عدد أعوان الوظيفة العمومية (التقاعد المبكر وغيره من البرامج).

واكد الشكندالي ان سنة 2024 ستكون صعبة من حيث تسديد الديون، فما عدى شهر مارس، ستشهد كل شهور السنة القادمة ضغطا متواصلا على ميزانية الدولة لتسديد ديون مستحقة خاصة الخارجية منها وستكون البداية في أشهر جانفي وفيفري صعبة جدا فهناك مستحقات بمبالغ كبيرة: 850 مليون أورو كقرض رقاعي في السوق المالية الدولية أبرم في 2017 و168 مليون دولار كقروض مختلفة وأكثر من مليار دينار لتسديد أقساط من القرض الرقاعي.

بداية تحسّن الوضع الجبائي رغم بعض النقائص

واكد المستشار الجبائي والأستاذ الجامعي بمعهد الدراسات التجارية العليا بقرطاج، سامي ثابت، ان مشروع قانون المالية لسنة 2024، يعدّ " واقعيا وبداية تحسن للوضعية الجبائية في تونس خاصة انه لم يسلّط ضغطا جبائيا إضافيا". 

وفي تعليقه على مشروع قانون المالية لسنة 2024، افاد أنّ الحكومة أقرّت جملة من الإجراءات الجديدة خلال سنة 2024 – 2025، من أهمها توظيف معلوم ظرفي بنسبة 4 بالمائة على مرابيح البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين لفائدة ميزانية الدولة لتصل الأداءات الجبائية الموظفة على هذا القطاع 43 بالمائة.

واعتبر ان هذا الاجراء يأتي نظرا للارتفاع الهام الذي حققه هذا القطاع في ظل الازمة الاقتصادية التي احتدت بعد ازمة كوفيد. ويقترح مشروع قانون المالية لسنة 2024، كذلك، الترفيع في نسبة إتاوة الدعم التي توظف على المقاهي من الصنف الثاني والثالث وقاعات الشاي والمطاعم السياحية المصنفة، من 1 الى 3 بالمائة، ومحلات صنع المرطبات والملاهي والنوادي الليلية غير التابعة لمؤسسة سياحية، من 3 الى 5 بالمائة.

وابرز الخبير الجبائي ان هذا الاجراء سيمكن من توجيه الدعم الى مستحقيه والزام القطاعات المستهلكة أكثر من غيرها للمواد الأساسية المدعمة، السكر والفارينة والسميد والعجين الغذائي والشعير والطاقة، بدفع ضرائب اكثر لضمان بعض المساواة.
واستحسن المستشار الجبائي، كذلك، قطع مشروع القانون لسنة 2024 مع الزيادات المعهودة المتعلقة بالاداءات الموظفة على قطاع الاستثمار، إذ لم تقترح الحكومة إجراءات جبائية جديدة لكسب ثقة المستثمرين وضمان استقرار الوضع الذي ما فتئ يتذبذب كل سنة مع صدور قوانين المالية وخاصة منذ صدور مجلة الاستثمار.

م.ز

تم النشر في 24/10/2023