version française ilboursa

محافظ البنك المركزي التونسي: الرسوم الجمركية الامريكية تثير مخاوف جدية من تصاعد التوترات التجارية العالمية

 

قال محافظ البنك المركزي التونسي فتحي زهير النوري ان فرض تعريفات جمركية جديدة وشاملة على عديد الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الأمريكية والتي تضاف في ظرف وجيز إلى الاختلالات التي شهدها الاقتصاد العالمي جراء الأزمة الصحية والحرب الروسية الأوكرانية، تثير مخاوف جدية من تصاعد التوترات التجارية العالمية واحتدام الضغوط التضخمية وتقويض النمو وهو ما  يفرض تحديات غير مسبوقة على صانعي السياسات في مجال تقدير المخاطر واتخاذ القرارات الاقتصادية المناسبة ويستدعي مراقبة دقيقة وتقييما مستمرا لتداعيات هذا القرار على الاقتصادات العربية.

وابرز خلال مشاركته في فعاليات الاجتماع السنوي الثامن والأربعين لمجلس محافظي صندوق النقد العربي المندرج ضمن الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية التي احتضنتها دولة الكويت يومي 9 و10 من شهر أفريل الجاري أنّ العالم قد انتقل من مرحلة الحذر إلى مرحلة الخطر في ظل تصاعد مستويات المديونية العالمية، ولا سيما تفاقم هشاشة المديونية العمومية في العديد من الدول النامية، والتي باتت تمثل تهديداً مباشراً لاستقرارها المالي واستقلالية سياساتها الاقتصادية.

وفي هذا السياق، شدد المحافظ على أن هشاشة هذه المديونية، المقترنة بحالة عدم اليقين التي تطغى على المشهد المالي العالمي، تجعل من عملية اتخاذ القرار الاقتصادي تحدياً معقّدا يتطلب توازناً دقيقاً بين مقتضيات الإصلاح، من جهة، وحماية النسيج الاجتماعي والقطاعات الحيوية من جهة أخرى. وأكد في هذا المجال، أن حالة الضبابية الحالية تحتم على صناع القرار التمتع بقدرة عالية على التقييم المستمر والتكيف السريع باعتبار أنّ أي قرار خاطئ أو متسرع قد تكون له تداعيات خطيرة على التوازنات الاقتصادية والاجتماعية.

تبني سياسات اقتصادية استباقية

وفي هذا السياق، دعا محافظ البنك المركزي التونسي إلى اعتماد سياسات اقتصادية جريئة تستند إلى المرونة والفعالية، مع التركيز على سياسة مالية داعمة تستهدف حماية القطاعات الهشة وضمان عدالة التوزيع تقترن بسياسة نقدية متوازنة تهدف إلى التحكم في معدلات التضخم وتحفيز النشاط الاقتصادي، ذلك إلى جانب تحسين مناخ الأعمال لجذب الاستثمارات وبناء اقتصاد أكثر صلابة وقدرة على مواجهة الأزمات.

ضرورة الإصلاحات وتعزيز التعاون الإقليمي

كما شدّد النوري في خطابه على الحاجة الملحة إلى تسريع وتيرة الإصلاحات، خاصة في الدول ذات الاقتصادات الهشة، داعياً إلى مراجعة شاملة للنظم الجبائية والمالية لجعلها أكثر كفاءة وعدالة وقدرة على تحفيز الاستثمارات المنتجة وخلق فرص العمل.

وفي ختام كلمته، أكد السيد فتحي زهير النوري أنّ تجاوز المرحلة الراهنة يتطلب تضافر الجهود وتعزيز التنسيق بين جميع الأطراف على المستويين الوطني والدولي، معرباً عن ثقته في أنّ العمل الجماعي والمبادرات المشتركة يمكن أن تحوّل التحديات إلى فرص لبناء اقتصادات أكثر قوة واستقلالية، مشيرا في هذا الصدد إلى أهمية تعزيز آليات التعاون العربي وإلى الدور المحوري الذي يلعبه صندوق النقد العربي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في دعم الاستقرار المالي وتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول العربية.

وعلى هامش هذه الفعاليات، كان فتحي زهير النوري، لقاء بالسيد فهد بن محمد التركي، المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي. وتمحور هذا اللقاء حول سبل تعزيز التعاون الفني والمالي مع صندوق النقد العربي بما من شأنه دعم الاستقرار المالي وتطوير السياسات الاقتصادية.

كما مثّل هذا الاجتماع فرصة هامّة للتأكيد على استعداد البنك المركزي التونسي لتنظيم الدورة التاسعة والأربعين لمجلس محافظي البنوك المركزية العربية التي يتولى صندوق العربي أمانتها والمزمع عقدها في غضون شهر سبتمبر القادم.

 

تم النشر في 14/04/2025