version française ilboursa

متحف العملة: كنز مغمور وسط العاصمة يحافظ على ذاكرة تونس على امتداد 25 قرنا

على امتداد نهج الهادي نويرة بالعاصمة تنتصب عديد البنوك التجارية والمؤسسات المالية وخاصة المقر الاجتماعي للبنك المركزي التونسي والذي على بضعة أمتار منه يوجد المبنى الفرعي للبنك المركزي أين يوجد متحف العملة. المتجول في نهج الهادي نويرة من مواطنين وموظفين لقضاء شؤونهم وخاصة موظفو البنوك لا تخطر ببالهم تواجد متحف وسط العاصمة مختص في العملة ويوثق لذاكرة تونس على مر التاريخ في معاملاتها المالية ويحافظ على قطع نقدية تعود لأكثر من 2.500 عام.

المدخل الرئيسي للمتحف يطل على شارع محمد الخامس تفصله بضعة أمتار عن المقر الاجتماعي للبنك المركزي وعلى الرغم من الحركية الكبيرة بين نهجي الهادي نويرة وشارع محمد الخامس إلا أنه يظل كنزا مغمورا وسط العاصمة. موقع "البورصة عربي" يحمل قراءه في جولة في متحف العملة

حفاظا على هوية وذاكرة العملة التونسية

تقول زكية بلحاج النصر اللومي, أستاذة تعليم عالي بكلية العلوم الإنسانية بتونس ومديرة متحف العملة, إن المتحف تم تدشينه في 15 نوفمبر 2008 ويعد مكسبا هاما لتونس باعتباره يحتوي على مجموعة قيمة من قطع نقدية موجودة في تونس منذ 25 قرنا من تداول العملة عبر مجمل المراحل والحقبات التاريخية .

وصمم المتحف على شكل دائري في إيحاء للنقود وهندسة توافق طريقة العرض. وتم منذ 2008 تجديد في جرد القطع النقدية من اجل الحفاظ على هوية وذاكرة العملة التونسية.

على وقع موسيقى هادئة تتحدث مديرة المتحف عن مكونات المتحف الذي يعد 2.000 قطعة نقدية وأوراق نقدية حديثة وتمسح فترة 25 قرنا من معاملات سكان تونس المالية عبرالتاريخ وهناك 43 واجهة تحمل القطع النقدية وبجانبها معلقات تفسيرية حول هذه القطع والحقبة التاريخية التي تم خلالها تصنيعها.

وتتكون القطع النقدية من معادن البرنز والذهب والفضة والأوراق النقدية منذ عهد الحماية والفترة العثمانية إلى الفترة العصرية قبل وبعد الثورة. وأكدت مديرة متحف العملة انه يتم العمل على الحفاظ على القطع النقدية بالتعاون مع المعهد الوطني للتراث في مجال صيانتها والحفاظ عليها خاصة القطع الفضية والبرونزية.

وعن حجم تدفق الزوار على متحف العملة, أقرت المتحدثة بتواضع الزوار مؤكدة في الان نفسه انه يصعب حصر عدد الزوار باعتبار عدم وجود تذاكر لان الدخول إلى المتحف مجاني لكنها أبرزت أن هناك فئة معينة من زوار المتحف تتمثل في الباحثين الأكاديميين والطلبة الذين ينجزون البحوث والدراسات حول العملات القديمة.

وأكدت بالمقابل أن هناك إقبال من فئة معينة من المواطنين وهم المقبلون على الزواج الذين يدخلون المتحف من خلال مسلك الزواج لأجل اقتناء القطعة النقدية المخصصة لمهر العروس.

وعن وجود إستراتيجية لمزيد التعريف بالمتحف الذي يتموقع في مكان مهم تحيطه العديد من المؤسسات البنكية والمالية وعدد من المدارس والمعاهد (المعهد الثانوي بنهج مرسيليا) وعلى بعد بضعة أمتار من مدينة الثقافة, أفادت زكية بلحاج النصر اللومي انه يتم تنظيم ورشات عمل مع الأطفال وطرح أسئلة وإشكاليات حول المعاملات في العصور السابقة مؤكدة على أن الهدف من هذه الورشات هو ترسيخ  الثقافة المالية والتعامل مع المسائل المالية وتكريس سلوك مواطني في التعاطي مع المسائل النقدية في تونس. كما أن هناك خطابا ورسائل كاملة يمررها المتحف للناشئة من خلال حسن التعايش مع الأمور المالية وترشيد سلوكه المالي.

مشروع لرقمنة المتحف وانفتاحه على محيطه

أفاد اسكندر التركي, رئيس وحدة التعاون الدولي والاتصال ومتحف العملة بالبنك المركزي التونسي، انه تم ضبط برنامج لتطوير وتعصير متحف العملة يندرج ضمن رؤية إستراتيجية ثلاثية المحاور للبنك المركزي يتم الاشتغال عليها منذ عام ونصف تهدف إلى أن يكون المتحف عصريا ومنفتحا على بيئته ومستعدا لكل التطورات الاقتصادية والمالية.

ويهدف برنامج تطوير متحف العملة وفق المتحدث إلى أن يكون ضمن نفس المعايير العلمية في إدارة متاحف العملة عبر العالم مضيفا أن العمل سيرتكز على مكونة الاتصال والانفتاح على بيئة متحف العملة (موقع المتحف القريب جدا من عدة مؤسسات مالية وبنكية والباحثين والطلبة والانفتاح على المواطن).

كما يتمحور برنامج رقمنة المتحف على الرقمنة عبر نظام مندمج ينطلق من طريق حفظ القطع النقدية و كيفية تصويرها بطرق حديثة واستعمال التكنولوجيات الحديثة على غرار صور ثلاثية الابعاد علاوة على تقاسم هذا الإرث الحضاري في العملة مع البيئة الخارجية. وأفاد اسكندر التركي أن مشروع رقمنة المتحف سيخول انجاز زيارات افتراضية عبر موقع المتحف مع مرافقة صوتية تفسيرية لمختلف مكوناته.

وتم الانطلاق في تنفيذ المشروع منذ عام ونصف وسيتم التركيز على الاتصال العصري والرقمنة وان التعاون السويسري أبدى استعداه لتمويل جزء من المشروع الذي تبلغ كلفته الجملية حوالي 800 ألف دينار. والتعاون السويسري سيمول بعض مكونات المشروع بقيمة 160 ألف دينار أساسا في جزء الاتصال ووضع نظام معلوماتي للرقمنة. وقال رئيس وحدة التعاون الدولي والاتصال ومتحف العملة بالبنك المركزي التونسي انه سيتم في موفى 2022 استكمال المشروع برمته.

وردا على سؤال بشان زيارة أعوان وإطارات البنك المركزي للمتحف وكذلك بقية إطارات البنوك المحيطة به, أوضح اسكندر التركي أن المتحف قبل الثورة كان مدرجا ضمن المسلك السياحي لمدينة تونس ولكن بعد الثورة و اثرالإشكاليات الحاصلة في القطاع السياحي, فان وكالات الأسفار لم تعد تدرجه ويتم العمل حاليا على إعادة تموقع المتحف وسط العاصمة لكن لن يتم النجاح في هذه المرحلة إلا بعد استكمال الخطة الاتصالية الجديدة.

وبالنسبة إلى موظفي البنك المركزي, تم السعي إلى إدخال بعض العادات من خلال تنظيم ورشات لأبناء أعوان وإطارات البنك المركزي ما جعلهم بدورهم يكتشفون مجددا متحف العملة.

مهدي الزغلامي

تم النشر في 05/03/2021