version française ilboursa

ماهي أسباب أزمة الخبز في تونس ؟

رغم مضي أكثر من 3 أشهر على أزمة التزود بمادتي الفارينة والسميد إلا أن أولى أيام رمضان ساهمت في تفاقم هذه الأزمة وظهورها جليا من خلال الطوابير الطويلة من التونسيين أمام المخابز وفي معظم الجهات إضافة إلى اغلاق عدد من المخابز بضعة ساعات بعد فتحها بسبب عدم تمكنها من التزود بمادة الفارينة.

ورغم التطمينات المتوالية من وزارة التجارة بتوفر مادة الفارينة إلا أن "أزمة الخبز" لا تخفى على أحد اليوم وهو ما دفع ببعض وسائل الاعلام الأجنبية إلى توصيف هذه الأزمة بـ"مجاعة" تتهدد التونسيين، وذلك بالنظر إلى قيمة و رمزية مادة "الخبز" في تونس والتي تعتبر مرادفا للأمن الغذائي للتونسيين.

الأزمة تعود لتواصل نقص مادة الفارينة

ويصف رئيس المجمع المهني للمخابز العصرية التابع لكونكت محمد الجمالي في تصريح لـ"البورصة عربي" هذه الصفوف المزدحمة أمام المخابز بالصورة السلبية التي تسوق على بلادنا في الخارج لم يعهدها سابقا، مرجعا هذه الأزمة إلى نقص التزود بمادتي الفارينة والسميد في المطاحن، فضلا عن عدم وجود مطاحن في جهات داخلية وهو ما عمق الأزمة في هذه المناطق.

واعتاد أصحاب المخابز العصرية (تبيع المرطبات إلى جانب الخبز بكل أنواعه) أن يقوموا باقتناء الفارينة نوع PS7(غير مدعمة) من المطاحن مباشرة حسب الكميات التي يطلبونها عكس المخابز التقليدية (تبيع الخبز والباقات فقط) والتي تتزود بحصص شهرية محددة من مادة الفارينة المدعمة، إلا أن نقص مادة الفارينة تسبب في عدم تمكن أصحاب المخابز العصرية من اقتناء الكميات المعتادة من هذه المادة وهو ما أدى إلى هذه الأزمة.

مطلبنا فقط توفير المادة الأولية لإنتاج الخبز

ويطالب رئيس مجمع المخابز العصرية من وزارة التجارة أن توفر لهذه المخابز الكميات المعتادة من الفارينة على غرار حرصها على توفير الحصص الشهرية المحددة للمخابز التقليدية، وذلك ليتمكنوا من توفير الخبز للتونسيين خلال شهر رمضان.

ويضيف أن أصحاب المخابز يقومون باقتناء الفارينة بسعرها الحقيقي ويوفرون خدمة للمواطنين إضافة إلى أنهم لا يستنزفون الدعم وأن مطلبهم الوحيد هو تمكينهم من الكميات المعتادة من هذه المادة الأولية لتوفير الخبز، كما يستغرب محدثنا تواصل تهميش قطاع المخابز العصرية من طرف وزارة الاشراف رغم أنه قطاع يشغل آلاف الشباب أغلبهم من أصحاب الشهائد العليا ويساهم في رفع ثقل الدعم على الدولة والذي كان من المفروض دعمهم وليس قطع الطريق اماهم وعدم توفير المادة الأولية لهم.

اغلاق عشرات المخابز.. والأزمة تتعمق

ويشير محمد الجمالي إلى أن نقص التزود بمادة الفارينة والسميد تسبب في اغلاق العشرات من المخابز في كل الجهات والمناطق وهو ما أربك عملية التزود بالخبز خلال الأيام الأولى من رمضان وتسبب في هذه الأزمة.

ففي القيروان مثلا أغلقت 17 مخبزة خلال اليوم الأول من رمضان لأنهم لم يتمكنوا من التزود بالفارينة، كما أغلقت عشرات المخابز في مناطق أخرى ورغم عودة البعض بعد تمكنهم من التزود بكميات محدودة إلا أن الأزمة مرجحة لمزيد التعمق حسب المتحدث.

لهذا السبب نبيع الباقات بـ250 مليم

وحول تعمد عدد من أصحاب المخابز العصرية الترفيع في سعر الباقات لتصل لـ250 مليم عوضا عن 190 مليم أرجع محدثنا ذلك إلى تواصل ارتفاع أسعار الفارينة PS7 التي تتزود بها المخابز العصرية لتصل إلى 655 دينارا للقنطار الواحد وتبلغ حتى 800 دينار في بعض الأحيان بعد أن كانت في حدود 520 دينارا للقنطار الواحد وهو ما أصبح يكبد خسائر لصاحب المخبزة لا يمكن أن يتحملها، مع تقلص الدعم النسبي من 20 بالمائة سابقا إلى أقل من 10 بالمائة حاليا

وأشار الجمالي إلى أن أصحاب المخابز التقليدية يقتنون القنطار الواحد من الفارينة المدعمة بـ220 دينار أي 3 مرات اقل من المخابز العصرية مذكرا بأن منظوريهم التزموا ببيع الباقات بسعر 190 مليم وبنفس الوزن للباقات حين كان سعر قنطار الفارينة بـ520 دينار.

نطالب بحصص شهرية محددة من الفارينة

وفي ختام حديثه دعا رئيس المجمع المهني لأصحاب المخابز العصرية وزارة التجارة لأن تكون واضحة وشفافة وأن لا تلقي بالحمل على أصحاب المخابز العصرية وتتعلل بلهفة المواطنين في هذه الأزمة. مطالبا بتوفير حصص شهرية محددة يتزود بها أصحاب المخابز العصرية دون عناء بصفة آلية وسلسة من المطاحن على غرار نظرائهم من المخابز التقليدية بصفة، مشددا القول بأنهم يساهمون في توفير الخبز للتونسيين وليس لأنفسهم على حد تعبيره.

 تعمد افتعال الازمة

ومن جانبه نفى رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز محمد بوعنان في تصريح لـ"البورصة عربي" وجود أزمة في التزود بالخبز مؤكدا تمكنهم من الحصول على الكميات المعتادة من مادة الفارينة المدعمة لصنع الخبز.

وأشار إلى أن أكثر من 3500 مخبزة تنضوي تحت الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز تمكنت من التزود بحصصها المعتادة من مادة الفارينة وليس هناك اشكال ملاحظا أن هناك محاولات لإيصال رسائل سلبية بكون الوضعية كارثية وأن هناك نقصا في التزود بمادة الفارينة.

وحول وجود طوابير أمام بعض المخابز أكد محدثنا أن الارتباك في التزود بالفارينة حصل في اليومين الأولين من رمضان فقط وذلك تزامنا مع اضراب سواق شاحنات نقل القمح التابعين للديوان الوطني للحبوب.

وشدد بوعنان على أن المخابز المنضوية تحت منظمة الأعراف لم تقم برفع سعر البيع للباقات وأنها ملتزمة ببيعها بـ190 مليم مع احترام الوزن القانوني المحدد بـ220 غرام للباقات مؤكدا أن ما وصفهم بأصحاب المخابز "العشوائية هم من تعمدوا  الرفع في السعر ليتجاوز 250 مليما للباقات مع التقليص في وزنها وهو ما يتخالف مع القانون الذي يمنع كل من لا يحمل البطاقة المهنية من صنع الخبز ويفرض عليه صنع المرطبات وبعض الأنواع من الخبز، كما أنه لا يتمتع بمادة الفارينة المدعمة، ودعا في هذا الصدد المواطنين إلى مقاطعة المخابز التي تبيع الباقات أكثر من سعرها المحدد بـ190 مليم واصفا أصحاب هذه المخابز العشوائية" بالمتحيلين.

عودة نسق التزويد

وتؤكد وزارة التجارة وتنمية الصادرات أن نسق التزويد بمادتي الفارينة والسميد بدأ يعود إلى نسقه العادي، فيما أوضح مدير عام المراقبة والأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة حسام الدين التويتي أن الاكتظاظ والطوابير الطويلة أمام المخابز التي تمت ملاحظتها في اول أيام رمضان تعود في جانب منها إلى لهفة المواطنين وتخوفاتهم وهو ما يدفعهم لاقتناء كميات كبيرة من الخبز في الفترات الصباحية وهو ما يتعارض مع طبيعة العمل في قطاع المخابز.

وشدد التويتي على أن السلطات التونسية واستعداد لشهر رمضان أعدت مخزونات استراتيجية وتعديلية على غرار القمح اللين بكمية 741 ألف طن كما أكد أنه تم اقرار تأمين كميات اضافية لتعديل العرض خلال شهر رمضان منها 25 ألف طن من القمح وتمكين المخابز من تسبقات على حصصهم الشهرية لتوفير الخبز وتفادي الطوابير.

وأوضح التويتي أنه سيتم القيام بمجهود استثنائي والاشراف على توزيع مادتي الزيت والسميد وتوجيهه كميات حسب حاجيات بعض المناطق مع السلط المحلية، والتدخل بكميات استثنائية لتعديل النقص كلما اقضى الامر ذلك من خلال اسناد تسبقات من الفارينة المخابز.

أمير البجاوي

تم النشر في 08/04/2022