version française ilboursa

ماذا سيتغير في تونس على مستوى الأسعار في سنة 2024؟

لا تزال الأسعار الملتهبة تشغل بال التونسيين وتُرهق جيوبهم في ظل تضخم مرتفع لم يخمد وجعل القدرة الشرائية والاستهلاكية لعموم المواطنين على المحك لتنزل الى مستويات مقلقة.

ويستفيق التونسيون تقريبا يوميا على أخبار زيادة منتظمة ومتواصلة لأسعار العديد من المنتوجات خاصة منها المحررة والتي تمتد الى قطاعات ومجالات واسعة لتأخذ ابعادا سعرية كبيرة. ويعتقد العديد من التونسيين ان قدرتهم الشرائية والاستهلاكية لن تتحسن العام القادم بسبب نسق تواصل ارتفاع الأسعار في ظل ندرة توفر العديد من المنتوجات الأساسية وسط زيادة كبيرة في الطلب وتراجع العرض.

انفلات الاسعار

رجَح لطفي الرياحي رئيس المنظمة لتونسية لإرشاد المستهلك (مستقلة) ان يواصل نسق الأسعار في تونس منحاه التصاعدي وان المواطن التونسي وخاصة من الفئات المحدودة الدخل والمتوسطة سيتحمل تبعات الزيادات المنتظرة في عام 2024.

وبالاستناد إلى ما تضمنه قانون المالية للعام القادم قال الرياحي إنه تم اتخاذ إجراءات جديدة في المشروعين سيكونان لهما الأثر المباشر على عموم التونسيين بما سيضاعف الإشكاليات والصعوبات خاصة في ظل عدم إقرار زيادات جديدة في الاجور او مراجعة جداول الضريبة على الدخل لتقوية الأجور نسبيا.

واكد "للبورصة عربي" انه سيتم بداية من العام القادم توظيف زيادة جديدة بنسبة 4 في المئة على المصارف التي ستلجأ بدورها الى تلافي هذه الزيادة وتحميلها على عملائها عبر الترفيع في العملات البنكية.

وكشف لطفي الرياحي ان مشروع قانون المالية لعام 2024 ينطوي على فصول تتضمن زيادات في الاتاوات والاداءات على قطاع الوحدات السياحية والرحلات الجوية والسكن من شانها ان يكون لها تداعيات مباشرة على الأسعار والتعريفات في هذه المجالات وان المواطن سيكون الحلقة الأضعف في العملية.

ومن أهم عوامل توقعه تسجيل زيادات لافتة في الاسعار السنة المقبلة، عامل الجفاف وانحباس الامطار ما سيؤثر بشكل ملفت للانتباه على أسعار المواد الفلاحية الطازجة من خضر وغلال بسبب شح المياه وكذلك قرارات وزارة الفلاحة التونسية بالتقليص من استعمال الماء في الزراعات الملتهمة للماء في عدد من انواع الخضر والغلال.

ولكبح جماح الأسعار نسبيا، يقترح لطفي الرياحي ان تتدخل الحكومة مباشرة في مستوى هيكلة الأسعار وتحديد هوامش الربح لعدد كبير من المنتوجات التي تعرف انفلاتا في اثمانها. وفسر المسالة بان عددا كبير من المنتجين والمصنعين والتجار يعمدون الى تحديد هوامش ربح خاصة بهم وتراعي مرابيحهم ومكاسبهم فقط ليجد المستهلك نفسه امام أسعار مضاعفة.

التضخم لا يزال مرتفعا حتى في 2024

تُظهر آخر تقديرات البنك المركزي التونسي الى تواصل المسار التنازلي للتضخم في تونس ولو بصفة تدريجية ولكنه سوف يظل عند مستويات عالية نسبيا على المدى المتوسط بسبب المخاطر المحيطة بالمسار المرتفع المتوقع للتضخم ومتعددة المصادر.

وكشفت بيانات البنك المركزي أن تونس ستنهي السنة الحالية (2023) في مستوى تضخم بنسبة 9.4 في المئة على ان تنزل هذه النسبة الى مستوى 7.7 في المئة لكامل سنة 2024 ليتواصل المنحى التنازلي في سنة 2025 ليبلغ 5.5 في المئة.

وبالنسبة الى التضخم الأساسي تبرز توقعات البنك المركزي انه سيكون في حدود 9.1 في المئة لكامل سنة 2023 لينزل الى مستوى 7.8 في المئة في العام القادم و5.7 في المئة في سنة 2025.

وبالمقابل سيظل تضخم المواد الطازجة في سنة 2023 عاليا ليبلغ برقمين في مستوى 17.2 في المئة على ان يتراجع في السنة القادمة الى مستوى 12.2 في المئة ويزيد في الانخفاض في سنة 2025 في حدود 7.5 في المئة.

ومقابل ذلك تتزايد المخاطر المتعلقة بتواصل تآكل وتدهور وسائل الإنتاج وضعف التصدير وصعوبة التحكم في ميزانية الدولة وارتفاع الطلب على التوريد علاوة على الترفيع في نسبة الاداءات الضريبية مع تواصل الضغط على ميزان الدفوعات وسعر صرف الدينار.

ومن نتائج هذه السياسة الترفيع في نسبة الفائدة المديرية من اجل السيطرة على نسبة التضخم الاخذة في التزايد والتي فاقت بكثير نسب النمو المسجلة في تونس. وترى مؤسسة الإصدار انه لولا الترفيع المدروس في نسبة الفائدة المديرية لزادت نسبة التضخم في تونس بشكل مخيف ورهيب على هو ما حاصل الان في مصر (40 بالمائة) وتركيا (60 بالمائة).

زيادة في أسعار التبغ والمشروبات الكحولية

وفي قراءة تحليلية مرتبطة بسعر صرف الدينار التونسي بالدولار ونسق التضخم، فإن هناك تأثير مباشر على الأسعار في سنة 2024 خاصة في مسالة تحريك المعلوم على الاستهلاك في ميزانية العام القادم والذي سيدر على خزينة الدولة ما قيمته 356 مليون دينار.

ويهم تحريك المعلوم على الاستهلاك خاصة منتوجات التبغ والسجائر والمشروبات الكحولية الذي صار تحريك أسعارها تقريبا سنويا في تونس، اذ أن الحكومات تعمد الى الترفيع في المعلوم على الاستهلاك لهذين المنتوجين لاعتبارات صحية من جهة ولعدم المساس بأسعار المواد المدعمة من جهة أخرى.

ومن ناحية اخرى فان هناك تأثير غير مباشر سلبي سيما وان قانون المالية الجديد لم يدعم الشركات الاقتصادية ولم يدعم الإنتاج في ظل ان جزء هام من التضخم المرتفع متاتي من تواضع الإنتاج وأن الإشكال الحقيقي للتضخم قلة انتاج تجعل الطلب مرتفع في ظل ضعف الإنتاج الامر الذي سيجعل الأسعار تواصل منحاها التصاعدي.

نسق الزيادات انطلق

عمليا انطلق نسق تعديل الأسعار خاصة في المواد المدعمة بداية من نوفمبر 2023 من خلال قرار وزارة التجارة وتنمية الصادرات زيادة أسعار البيع للمواطنين لمواد الأرز والشاي والسكر الموردة من طرف الديوان التونسي للتجارة(حكومي) وذلك بداية من غرة نوفمبر 2023 في مختلف مراحل التسويق بداية من البيع لتجار الجملة الى البيع بالتفصيل للعموم.

وتندرج هذه المراجعة الجديدة ضمن الحلول التي ارتأتها الحكومة للتخفيف من وطأة الخسائر المتراكمة ديوان التجارة التي تقارب 500 مليون دينار وتعديل متواصل للأسعار في إطار التأقلم مع الاسعار العالمية التي تتغير باستمرار.

ولكن ما يلفت الانتباه ان تحريك الأسعار المدعمة يتناقض بشكل كبير مع تعهدات الحكومة بعدم المساس من المنتوجات المدعمة حفاظا على القدرة الشرائية للتونسيين زد على ذلك عدم توفر هذه المنتوجات بالشكل المطلوب في الأسواق.

م.ز 

تم النشر في 25/12/2023