version française ilboursa

كلفة القروض البنكية في تونس سترتفع والنفاذ اليها سيكون أصعب

لطالما يشدد محافظ البنك التونسي مروان العباسي على ان كل شيء يتم التعامل معه بمرونة الا نسبة التضخم بعبارته الشهيرة (tout sauf l'inflation) وتجسم ذلك بإقرار مجلس إدارة الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ب 0.75 نقطة أساسية. وخلَف هذا القرار تفاعلات كبيرة بانتقاده واعتباره سيؤثر بشكل كبير على النفاذ الى القروض البنكية التي سترتفع كلفتها على الافراد والشركات الاقتصادية ما سيزيد من متاعب التونسيين من جهة والتأثير على التنافسية للمؤسسات.

وكان مجلس الإدارة البنك المركزي التونسي لدى اجتماعه يوم امس الثلاثاء بتاريخ 17 ماي 2022 تدارس آخر التطورات الاقتصادية والمالية وقرر الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي بـ 75 نقطة أساسية لتبلغ 7 بالمائة بعد ان كانت في مستوى 6.25 بالمائة ويدخل هذا القرار حيز التنفيذ بداية من تاريخ اليوم الأربعاء 18 ماي 2022.

ارتفاع في كلفة القروض

وأفاد المحلل المالي انيس حديدان بأن قرار البنك المركزي التونسي بالترفيع في نسبة الفائدة المديرية او الرئيسية كان متوقعا وذلك لمجابهة التضخم المرتفع (7.5 في المائة في شهر افريل الماضي).

واعتبر حديدان في تصريح اعلامي أن الترفيع ب 75 نقطة هي نسبة مرتفعة خاصة وأن التضخم الذي تعيشه تونس ليس بتضخم نقدي وأسبابه بالأساس خارجية مشيرا الى أن الترفيع في نسبة الفائدة سيؤثر سلبا على الشركات والاشخاص الطبعيين وسيُقلص من القدرة الشرائية لدى المواطن التونسي والشركات بحسب تعبيره. كما أوضح بأن الترفيع في نسبة الفائدة بــ 7 بالمائة لن يُشجع على الاستثمار والاستهلاك في تونس.

وأوضح معز حديدان بأن الترفيع في نسبة الفائدة سيعطل نسبة النمو الاقتصادي خاصة وان صاحب رأس المال سيصبح يُفضل الإدخار عوض الاستثمار، لافتا الى ان المواطن التونسي المتحصل على قرض من البنوك سوف يتأثر بصفة مباشرة مفسرا ان من كان يُسدد قسط بنكي قيمته 300 دينار سوف يصبح يُسدد قسط بنكي بقيمة 350 دينارا تقريبا. 

ومن كان يُسدد قسط بنكي قدره 500 دينارا سوف يصبح يسدد حوالي 600 دينارا شهريا مشددا على أن القدرة الشرائية للمواطن سوف تتقلص بنسبة 20 بالمائة 

رافعة الاستهلاك سوف تتأثر

وأفاد وزير التجارة الأسبق محسن حسن ان قرار البنك المركزي التونسي بالترفيع في نسبة الفائدة المديرية ب 0.75 نقطة اساسية الهدف منه هو التقليص من الطلب وتوجيه الاسر التونسية الى الادخار والتقليص من الاستهلاك لغرض تطويق نسبة التضخم الاخذة في الارتفاع منذ بداية العام الجاري.

وأبرز ان هذا القرار سيكون له من جانب اخر تداعيات كبيرة على كلفة القروض البنكية التي ستزيد وكذلك كلفة الاستثمار ما سيؤثر سلبيا على القدرة التنافسية للمؤسسات التونسية التي سترتفع كلفة انتاجها.

ولفت الى ان البنك المركزي عالج مسالة التضخم من الجانب النقدي فقط والحال كان من الضروري ات تتخذ الحكومة إجراءات موازية وصارمة من اجل التقليص من التضخم عبر اصلاح جذري وشامل لمسالك التوزيع والقضاء على الاحتكار.

ودعا الى ضرورة اتخاذ قرارات أخرى ذات طابع تجاري أهمها وقف توريد المواد الاستهلاكية غير الضرورية والتي تستنزف العملة الصعبة التونسية.

قرار خاطئ في جزء منه

اعتبر الأستاذ الجامعي في الاقتصاد أرام بلحاج 18 ماي 2022 أن ترفيع البنك المركزي في نسبة الفائدة الأساسية بـ75 نقطة أساسية لتبلغ 7 بالمائة، غيرُ متوقّع وانعكاساته ستكون كبيرة على المواطن من خلال كلفة القروض الاستهلاكية وكذلك بالنسبة للشركات من خلال قروض الاستثمار.

وأكد أن جزءً من تمشي البنك المركزي في علاقة بالترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية إلى 7 بالمائة، خاطئٌ لأنّ نسبة التضخم في تونس لا ترتبط بالعوامل الداخلية فقط بل تشمل العوامل الخارجية أيضا خاصة في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، وفق رايه.

وأوضح آرام بلحاج أن نسبة الفائدة الرئيسية يعني الثمن الذي تدفعه البنوك للبنك المركزي عند أخذها سيولة منه، مؤكدا أن قرار البنك المركزي الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية إلى 7 بالمائة سيؤثر بشكل مباشر على المواطن والمؤسسات. كما أشار الخبير الاقتصادي إلى أن إجراء الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية يمسّ محرّك الاستهلاك ويؤثر على الاستثمار.

تراجع القروض البنكية غير المهنية

منحت البنوك التونسية خلال كامل سنة 2021 قروضا غير مهنية بقيمة 1085 مليون دينار مقابل 1604 م د في سنة 2020 أي بنقص ب 519 مليون دينار.

ووفق الاحصائيات المالية للبنك المركزي التونسي فقد بلغ قائم مجموع القروض البنكية غير المهنية المسلمة من طرف البنوك التونسية الى اواخر السنة الماضية 26 مليار و742 مليون دينار مقابل 25 مليار و768 مليون دينار في 2020 بتطور بنسبة 4.2 بالمائة. وبالنسبة الى توزيع قائم القروض فقد بلغت القروض الموجة للسكن 297 م د في العام الفارط مقابل 540 م د في 2020 أي بنقص 243 م د.

ويمثل قائم القروض المخصصة لشراء مسكن حوالي 45 بالمائة من اجمالي قائم القروض الى موفى السنة الفارطة. اما القروض التي سلمتها البنوك التونسية لإعادة تهيئة المسكن فقد بلغت مع موفى السنة الفارطة 306 م د مقابل 728 م د في 2020

وفيما يتعلق بالقروض المخصصة لاقتناء سيارات فقد بلغت مع اواخر السنة المنقضية 30 مليون دينار مقابل 36 مليون دينار في 2020 علما وان اجمالي قائم القروض في هذا المجال بلغ مع موفى العام الفارط ما قيمته 376 م د مقابل 346.8 م د في العام الذي سبق.

وفي ما يخص القروض البنكية الموجهة للاستهلاك فقد بلغت في عام 2021 ما قيمته 447 مليون دينار مقابل 300 مليون دينار في سنة 2020  بزيادة بنسبة 12 بالمائة  وان قائم قروض هذا النوع من القروض بلغ اكثر من 4 مليار دينار مقابل 3567 مليون دينار في 2020

ويعكس تطور هذا الصنف من القروض الذي يمثل ملجا الاسر التونسية لتغطية بعض المصاريف العاجلة والطارئة وذلك رغم ارتفاع كلفته.

وتعكس مجمل هذه المؤشرات ان احدى رافعات النمو الاقتصادي في تونس وهي الاستهلاك تعرف تعثرا جراء التشدد من البنوك التونسية في فرض قيود على تسليم هذا الصنف من القروض (خاصة قروض الاستهلاك (علاوة على نسبة الفائدة أضحت مرتفعة نسبيا وتتراوح بين 9.25 و11.25 بالمائة على أساس ان نسبة الفائدة في السوق النقدية حاليا تبلغ 6.25 بالمائة.

كما ان القطاع البنكي في تونس لم يعد يتدخل بالشكل المطلوب والكافي لمنح القروض غير المهنية للأفراد في ظل الصعوبات التي أصبحت تعرفها المؤسسات البنكية جراء اقراضها المتواصل للدولة عن طريق المساهمة في عمليات رقاع الخزينة من جهة وان رقاع الخزينة واقراض الدولة اضحى يمثل أكثر ضمانا للبنوك وملاذا امنا لأموالها من جهة أخرى.

مهدي الزغلامي

تم النشر في 19/05/2022