version française ilboursa

في الوقت الذي تتهافت على التداين الخارجي, تونس تعجز عن تحصيل 10.2 مليار دينار ديون جبائية غير مستخلصة

كشف التقرير السنوي 32 لمحكمة المحاسبات عن تراكم بقايا الديون  الجبائية المثقلة غير المستخلصة  والتي تمثل مستحقات الدولة  لدى المطالبين بالاداء  لتبلغ مع موفى ديسمبر 2019 ما قيمته 10.2 مليار دينار أي ما يعادل أكثر من خمس (5/1) حجم الميزانية العامة للدولة المقر بنحو 52 مليار دينار بعنوان سنة 2021.

ويعكس هذا المبلغ الهام غير المستخلص مدى التهاون في العمل على استرجاع ديون جبائية مثقلة كانت بإمكانها أن تجنب الدولة اللجوء إلى الاقتراض الخارجي والدخول في دوامة الاقتراض المفرط بنسب فائدة مشطة والمساهمة غير المسؤولة في ارتهان الأجيال القادمة.

وابرز التقرير انه بالنظر إلى ضعف نسبة استخلاص هذه الديون والتي لم تتجاوز 8.1% خلال الفترة 2013/2019 تولت محكمة المحاسبات القيام بمهمة رقابية ميدانية للوقوف على أهم الإشكاليات المتعلقة بتراكم الديون غير المستخلصة.

وتعلقت المهمة الرقابية بالفترة 2013/2018 وامتدت في بعض الجوانب إلى سنة 2019. وشملت الأعمال الرقابية الإدارة العامة للمحاسبة العمومية والاستخلاص وعينة من بعض الأمانات المالية (تونس 1 و 2 و 3 واريانة)  تم اختيارها بناء على أهمية بقايا حجم الديون المسجلة لديها والتي تمثل 49,3% من مجموع بقايا الديون غير المستخلصة على المستوى الوطني.

ولاحظ ذات التقرير انه لم يتمّ إعداد مخطط على المدى الطويل في مجال استخلاص الديون المثقلة ولم يتمّ تحديد الأولويات في الغرض بالنظر إلى كلفة الاستخلاص.وقد ساهم ذلك في ضعف نسبة الاستخلاص وتراكم بقايا الديون غير المستخلصة.

ولم يتم أيضا التمكن من تقليص معدّل الفترة الفاصلة بين تاريخ تبليغ قرار التوظيف الإجباري وتاريخ تعهّد القابض بالملف بالنسبة للدّيون التي تفوق 100 ألف دينار حيث بلغ ما يناهز 30 يوما خلال السنوات من 2013 إلى 2018 لتصل هذه الفترة في بعض الحالات إلى 176 يوما.

ومن شأن طول الآجال أن يحرم الخزينة من موارد مالية في السنة المعنية بنشأة الدين في ظرف تتجه فيه المالية العمومية إلى التداين. كما لم يتم تحقيق الأهداف المتعلقة باستخلاص الديون الجبائية المثقلة في 75% من 60 رسالة مهام لعينة من قباضات راجعة بالنظر إلى أمانات مال تونس الكبرى خلال الفترة 2015/2018 .

ويواصل تقرير محكمة المحاسبات تحليل مهمته الرقابية بالتأكيد على انه لم يتول بعض القباض القيام بأعمال التتبّع المستوجبة بداية بإرسال الإعلام على غرار 22 مدينا راجعين بالنّظر لكل من القباضات الماليّة بالمهرجان والمرناقيّة وقطب استخلاص أداءات المؤسّسات الكبرى تعلقت بهم مبالغ مثقّلة قدرها 1.332 م.د ويعود تثقيلها إلى السنوات من 1988 إلى 2019.

وأوصت محكمة المحاسبات في هذا الإطار توصي مصالح وزارة المالية بالتسريع في استخلاص مستحقّات الدّولة خاصة وأنّ عدم القيام بأعمال تتبع في خصوص بعض الأصناف من الديون لفترات طويلة من شأنه أن يقلّص من احتمال استخلاصها إضافة إلى تراجع قيمة ممتلكات المدين التي من الممكن التنفيذ عليها .

ولفتت من جانب أخر إلى أن النظام المعلوماتي المعتمد يشكو  العديد من النقائص أهمها افتقاره إلى آليات الرقابة العامة عند إدراج تواريخ غير منطقية وعدم تمكينها من استخراج قائمات تلخيصية لأعمال التتبع ولوحات قيادة حول نشاط القباضة في مادة التصرف في الديون المثقلة.

وتستدعي هذه المسالة وفق المحكمة، مزيد إحكام مسار الاستخلاص فإنه من الضروري تطوير نظام الرقابة الداخلية للمصالح المكلفة بالاستخلاص وتركيز نظام معلوماتي مندمج يوفر قاعدة معطيات ذات جودة تساعد على ترشيد منظومة الاستخلاص والتوجيه الأمثل لاعمال التتبع.

وبقيت ديون جبائية تنتفع بتعليق أعمال التتبّع تطبيقا لأحكام الفصل 52 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية منذ سنوات بعيدة تتجاوز في بعض الحالات 15 سنة بالرغم من صدور أحكام ابتدائية في شأنها.

وبلغ عدد الفصول التي انتفعت بالتوقيف منذ أكثر من 10 سنوات 66 فصلا بمبلغ جملي قدره 25.9  مليون ينار م.د أمّا الفصول التي انتفعت بتوقيف استخلاص منذ أكثر من سنتين .

كما لوحظ وجود 101.002 مدينا تعلقت بهم ديون جبائية غير مستخلصة بقيمة أكثر من 1.4 مليار دينار غير موجودين بمقرّاتهم المصرّح بها أو لا تتوفر معلومات صحيحة ودقيقة حول مقرّاتهم ممّا حال دون تمكّن مصالح القباضات المالية من القيام بأعمال التبليغ والتنفيذ عليهم. وهو ما يمثّل على التوالي 24,7% و 13,2% من العدد الجملي للفصول ومن القيمة الجمليّة لها على المستوى الوطني.

هذا ودعت محكمة المحاسبات الإدارة إلى وضع خطّة أو إستراتيجية لتحديد العناوين والمقرّات الفعلية للمدينين غير المتواجدين في مقراتهم نظرا لأهمية حجم هذا الصنف من المدينين وما ترتبط بهم من عراقيل التبليغ والتنفيذ في شأنهم. كما توصي محكمة المحاسبات بضرورة التنسيق مع مصالح المراقبة الجبائية والهياكل العمومية الأخرى للقيام بأعمال المسح الضرورية.

ويتعين العمل على ترشيد مجهودات أمناء المال والقباض بهدف تعبئة الموارد لفائدة الخزينة مع تكريس المساواة بين المطالبين بالأداء ومزيد التنسيق بين مختلف الأطراف المتدخلة من مصالح الجباية ومصالح الاستخلاص في مختلف مراحل مسار الاستخلاص قصد تفادي القيام بأعمال تتبع لديون يكون مآلها الإلغاء.

مهدي الزغلامي

تم النشر في 10/02/2021