version française ilboursa

رفع الدعم بداية من جويلية وزيادة أسعار المواد الأساسية مرة كل 6 أشهر على امتداد عامين

تتكثف الاجتماعات واللقاءات في الفترة الأخيرة على مستوى الحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية وعم الاستثمار ووزارة الشؤون الاجتماعية من اجل وضع اللمسات الأخيرة على إصلاح منظومة الدعم و لا سيما في علاقة بالمواد الأساسية، آخرها لقاء يوم أمس الاثنين انعقد في مقر وزارة الاقتصاد والمالية لتدارس المسائل وإيجاد التوافقات السياسية والاجتماعية لتمرير هذه الإصلاحات.

ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أن الإصلاحات التي تحدثت عنها مختلف الحكومات المتعاقبة بعد 2011 أنها ستكون موجعة ، قد تأخرت كثيرا اثر تعمق الأزمات الاقتصادية والمالية التي ما انفكت تعيشها تونس.

وترتكز عملية إصلاح منظومة الدعم وفق ما تحصل عليه موقع "البورصة عربي"  من معلومات حصرية من مصادر حكومية على جملة من العناصر أهمها  وأبرزها أن رفع الدعم سيكون بداية من شهر جويلية 2021 من خلال الشروع في تعديل أسعار بعض المواد الأساسية المدعمة ولكن بطريقة متدرجة.

وستكون عملية التدرج من خلال تعديل الأسعار مرة في الستة أشهر على امتداد أربع سداسيات أي في ظرف عامين بداية 2023 سيقع الانتقال إلى اعتماد الأسعار الحقيقة لعدد من المواد الأساسية المدعمة.

ومن جانب آخر أفادت ذات المصادر الحكومية انه قبل الشروع في تنفيذ هذه الخطة سيتم قبل ذلك توزيع موارد مالية على العائلات المعوزة ومحدودة الدخل بمبلغ شهري بقيمة في حدود 300 دينار لكل عائلة بداية من ماي أو جوان القادم على أقصى تقدير.

وترمي هذه العملية إلى مساعدة لعائلات الضعيفة والفقيرة على تحمل تبعات الانتقال إلى اعتماد الأسعار الحقيقية عند إصلاح منظومة الدعم. وستتأتى الموارد المالية من القرض الذي تحصلت عليه تونس مؤخرا من البنك العالمي بقيمة 300 مليون دولار أي ما يعادل 837 مليون دينار تونس (1 دولار يعادل 2,79 دينار).

يشار إلى أن نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فريد بلحاج كان قد تحدث في زيارته الأخيرة عن هذا المشروع لفائدة نحو مليون عائلة تونسية (كل عائلة تتكون تقريبا من 4 أفراد) ضمن برنامج اجتماعي أطلق عليه اسم برنامج "الأمان الاجتماعي"

ورصدت تونس هذا العام نفقات بـ3.400 مليون دينار للدعم، من بينها 2.400 مليون دينار لدعم الغذاء و401 مليون دينار لدعم المحروقات و600 مليون دينار لدعم النقل. وستبلغ نفقات الدعم على المواد الأساسية في تونس هاته السنة حوالي 2.400 مليون دينار مقابل 1.800 م د مرسمة في 2020، منها 1.804 مليون دينار للحبوب و مشتقاتها فقط

ووفق المؤشرات الإحصائية المتحصل عليها شهدت نفقات الدعم تطورا هاما خلال السنوات الأخيرة لتمر من 730 مليون دينار سنة 2010 إلى 2654 مليون دينار سنة 2020 وهو ما يمثل حوالي 2.3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.

ويعود ذلك إلى عدة أسباب أهمها المحافظة على أسعار البيع للعموم للمواد المدعمة مع الارتفاع المستمر لكل مدخلات الإنتاج ( المواد الأولية، الأجور، الطاقة) وارتفاع أسعار الحبوب والزيت النباتي في الأسواق العالمية.

ويستند تقييم الحكومة لسياسة الدعم في تونس إلى جملة من الأسباب لعل أهمها أن الدعم يعد مكسبا اجتماعيا ساهم في حماية القدرة الشرائية للطبقات الضعيفة والمتوسطة  واحتواء نسبة التضخم (70 بالمائة من الدعم موجه نحو الفئات الفقيرة والمتوسطة) وتحسين النفاذ إلى الغذاء والخدمات بأسعار معقولة إلى جانب حماية القدرة الشرائية للمستهلك في فترات الأزمات.

وتطرح نجاح خطة إصلاح منظومة الدعم في تونس رهانات وتحديات جسيمة على حكومة هشام المشيشي الذي كان قد أعلن في شهر فيفري من هذه السنة لدى عرضه للتحوير الوزاري الأخير أمام البرلمان انه سيشرع فعليا في إصلاح الدعم بداية من النصف الثاني من هذا السنة.

وأول هذه التحديات هو إيجاد المشيشي لأرضية للتفاهم مع الاتحاد العام التونسي للشغل (أقوى منظمة وطنية ونقابية في البلاد) الذي يشترط  بان كل عملية إصلاح اقتصادي وبخاصة إصلاح منظومة الدعم يجب أن يكون فيها شريكا أساسيا.

وثاني هذه التحديات إيجاد توافق سياسي ووطني حول مجمل الإصلاحات الاقتصادية المزمع تنفيذها  تجسيما لوصيات البعثة الأخيرة لصندوق النقد الدولي الذي أكد على " قيام السلطات باعتماد خطة إصلاح تتمتع بالمصداقية ويتم الإفصاح عنها بشكل جيد وتحظى بتأييد قوي من المجتمع التونسي وشركاء التنمية الدوليين".

وتابع خبراء الصندوق بأنه " لتحقيق هذه الغاية، سيكون من الضروري كسب التأييد من الأطراف المعنية حول القضايا التي تدخل في نطاق اختصاصها. ويمكن أن يشمل مثل هذا "الميثاق الاجتماعي" كتلة الأجور (وهي حاليا من أعلى الكتل في العالم)، وإصلاح منظومة الدعم، ودور المؤسسات العمومية في الاقتصاد، والقطاع غير الرسمي، والعدالة الضريبية، وإصلاحات مكافحة الفساد، ومناخ الأعمال ".

وفي هذا الإطار شرع رئيس الحكومة هشام المشيشي في المدة الأخيرة بالاجتماع بالأحزاب الممثلة في البرلمان وعقد اجتماعات مع رؤساء الكتل البرلمانية آخرها أول أمس الاثنين بممثلي الأحزاب والكتل النيابية الداعمة للحكومة، إذ دعا إلى "ضرورة رص الصفوف، وتدعيم التشاور بين الحزام السياسي، بالنظر إلى حجم التحديات القادمة"، معلنا عن "انطلاق حكومته في العمل على مخطط الإنقاذ الاقتصادي".

و يأتي هذا الاجتماع في إطار مواصلة التشاور والعمل على مزيد تدعيم التقارب بين الحزام السياسي والحكومة، والاستئناس بالمقترحات والحلول التي يمكن أن تقدمها الأحزاب السياسية خصوصا في هذه الفترة التي تعتبر من أصعب الفترات التي تعرفها البلاد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي خصوصا مع تفاقم الأزمة السياسية وتأثيراتها على الوضع العام في البلاد.

كما أشار إلى أن الحكومة انطلقت في العمل على مخطط الإنقاذ الاقتصادي، بالتشاور والتنسيق مع الأحزاب والكتل الداعمة والشركاء الاجتماعيين ومختلف مكونات النسيج الاقتصادي، عبر بسط الخطوط العريضة والأولية لهذا المشروع بغرض توفير الدعم له والإجماع حوله.

وفي هذا الجانب، أكد المشيشي أنه سيتم عرض مكونات هذا المخطط على أنظار الأحزاب والكتل الداعمة للحكومة، ووضعه على ذمة كل الخبراء والاستماع لكل مقترحاتهم وتصوراتهم حول هذا المشروع وكيفية إثرائه ليكون مخططا تشاركيا يجمع عليه كل المتدخلين، ويمكن من توفير ممهدات النجاح للخروج من الوضع المالي الصعب الذي تعيشه البلاد.

مهدي الزغلامي

تم النشر في 31/03/2021