version française ilboursa

رضا الشكندالي: البنك المركزي أفرط في الترفيع في الفائدة المديرية

قال رضا الشكندالي أستاذ الاقتصاد والتصرف بالجامعة التونسية ان السياسة النقدية للبنك المركزي التونسي لم تنجح في مكافحة التضخم بل انه أفرط في استعمال هذه السياسة بالترفيع المستمر في نسبة الفائدة المديرية التي اثرت على ارتفاع كلفة القروض وبالتالي تراجع نسق الاستثمار.

وأوضح انه في ظرف11 سنة غير البنك المركزي في نسبة الفائدة المديرية 16 مرة (11 مرة بالترفيع و5 مناسبات بالتخفيض) معتبرا انه أفرط في استعمال السياسة النقدية ما يقلل من ثقة المستثمر لان هذا الأخير يحبذ الاستقرار (الاستقراري والاستقرار الاجتماعي والاستقرار الجبائي والمالي) وان هذا التغيير في نسبة الفائدة يفتقد الى رؤية اقتصادية شاملة توازي بين هدف التضخم املالي وهدف النمو الاقتصادي.

وأبرز في مداخلة له بالبرلمان امام عدد أعضاء مجلس النواب حول استقلالية البنك المركزي، انه بالأرقام والبيانات الإحصائية ان البنك المركزي فشل في التحكم في التضخم لافتا الى في افريل 2017 رفع من نسبة الفائدة ب 25 نقطة أساسية لما كانت نسبة التضخم في حدود 5 بالمائة وإثر مرور عام وصلت الى 7.8 بالمائة.

وزاد في تحليله ان في ماي 2017 رفع البنك المركزي في الفائدة المديرية ب 25 نقطة أساسية عندما كان التضخم في تلك الفترة 4.8 بالمائة وبعد عام ارتفع التضخم الى مستوى 7.5 بالمائة. وأشار الى ان البنك المركزي يؤكد دائما ان نتائج الترفيع في الفائدة المديرية تعطي نتائجها بعد ثلاث ثلاثيات (9 أشهر) لكن العكس هو الذي حصل وغفق رايه.

وخلص المحاضر بالتأكيد على البنك المركزي التونسي أفرط في استعمال السياسة النقدية بالترفيع في العديد من المناسبات في الفائدة المديرية التي قال انها أسهمت في اهتزاز الثقة لدى المستثمرين التونسيين الباحثين دائما عن استقرار السياسة الجبائية والسياسة النقدية. كما استنتج من خلال تحليله ان مؤسسة الإصدار لم تنجح في مكافحة التضخم المالي بدليل بقاء نسب التضخم في نسب مرتفعة (9 بالمائة في سبتمبر 2023).

تعطيل محركات النمو الاقتصادي

وشدد في سياق متصل على ان الترفيع في نسبة الفائدة المديرية يعطل محركات النمو الاقتصادي من خلال الترفيع في كلفة الاستثمار وكذلك الاضرار بالاستهلاك بالترفيع في كلفة القروض. كما ان الترفيع في نسبة الفائدة المديرية يفاقم عجز الميزانية ويدخلها في دوامة مفزعة من الديون اذ ان كلفة استخلاص الديون الداخلية لتلتجئ الدولة إما الى الزيادة في الضرائب او مزيد التداين.

ولاحظ ان التضخم المالي الذي يعتمده البنك المركزي هو التضخم المالي الشهري بالانزلاق السنوي وان التضخم المالي يعني نسبة الزيادة في الاسعار مشيرا الى ان التراجع في نسبة التضخم المالي الشهري لا يعني ان مستوى الأسعار قد تراجع بل ان الزيادة في الاسعار قد تباطأت.

واكد ان المؤشر الذي يعكس حقيقة الأسعار هو التضخم المالي الغذائي مستنتجا ان التقييم الاصح من وجهة نظره للتضخم المالي يعتمد على الانزلاق الشهري وليس على الانزلاق السنوي.

تنقيح قانون البنك المركزي

ومن جانب اخر اقترح أستاذ الاقتصاد والتصرف بالجامعة التونسية رضا الشكندالي تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي التونسي عدد 35 افريل 2016 في اتجاه إضافة بند جديد ينضاف الى المهمة الأساسية المتمثلة في التحكم في التضخم واضافة مسالة تحقيق النمو الاقتصادي.

كما اقترح إمكانية الإقراض المباشر للبنك المركزي للدولة مشترطا ان تكون القروض المتحصل عليها يتم توجيهها نحو تمويل الاستثمار والتنمية لتحقيق الثروة وخلق موارد الرزق.

ودعا الى ان يكون مبلغ اقتراض الدولة من البنك المركزي محددا في قيمته مع تأكيده على التناغم بين الحكومة ومؤسسة الإصدار من اجل المساهمة في وقف الازمة الاقتصادية للبلاد. وبالمقابل اقترح الشكندالي ان تقوم الحكومة بتحيين قانون الميزانية في اتجاه احكام استخلاص الجباية ومقاومة التهرب الضريبي الى جانب

وأوصى المحاضر بتلافي الفراغ التشريعي الحاصل بان يواكب القانون الأساسي للبنك المركزي التونسي لدستور 25 جويلية 2022 لا سيما وان الدستور الجديد لم يتطرق الى مؤسسة الإصدار.

وتابع قائلا "من غير المقبول ان يتم تسيير البنك المركزي بدستور جانفي 2014" داعيا نواب البرلمان الى اجراء تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي في هذه النقطة. ومن جانب اخر انتقد رضا الشكندالي اللجوء المفرط من البنك المركزي التونسي الى الترفيع في نسبة الفائدة المديرية من اجل تطويق التضخم.

ليس هناك انفصال بين الحكومة والبنك المركزي

ولدى تطرقه الى مسالة استقلالية البنك المركزي قال رضا الشكندالي ان المقصود بالاستقلالية هو الانفصال التام للبنك عن السلطة الاقتصادية المتمثلة في الحكومة ولكن في الواقع الحال ليس هناك انفصال بين الحكومة والبنك المركزي من منطلق مؤسسة الإصدار وبحسب قانونها الأساسي تعد المستشار المالي للحكومة.

ولاحظ ان الاستقلالية تعني بالمفهوم الاقتصادي ان للبنك المركزي حرية التصرف في السياسة النقدية طبقا للأهداف التي يسطرها قانونه الأساسي لمحاربة ارتفاع التضخم. كما اعتبر ان الاستقلالية مهمة جدا "من زاوية التحكم في التضخم بعيدا التأثيرات السياسية التي لها غايات انتخابية" وفق رايه.

تعطيل السياسة الاقتصادية

واعتبر أستاذ الاقتصاد والتصرف بالجامعة التونسية رضا الشكندالي ان تمسك البنك المركزي بعدم الإقراض المباشر للدولة افرز لجوءها الى الحصول على قروض من البنوك التجارية المحلية عبر اصدار رقاع الخزينة وبنسب فائدة مرتفعة.

ووصف الوضعية الراهنة بان البنوك حادت عن دورها الحقيقي في تمويل الاقتصاد والاستثمار وتحولت الى ما اسماه" بسمسار" (وسيط) حققت أرباحا طائلة من جراء اقراضها للدولة. وخلص الى وجوب ان يكون الاقتصاد النقدي في خدمة الاقتصاد الحقيقي من اجل تنمية الاستثمار وتمويل المؤسسات مبرزا ان الترفيع المستمر في نسبة الفائدة المديرية عطل فاعلية النشاط الاقتصادي الاقتصادية والسياسة الاقتصادية للحكومة

م.ز

تم النشر في 13/10/2023