تعرف فيه العديد من القطاعات في تونس اشباعا على مستوى الاستثمار بتعدد المشاريع المتكررة في نفس المجالات والميادين ما يجعل ديمومتها على المحك ومن الصعب ان تواصل نشاطها في ظل ازمة اقتصادية خانقة.
وفي الوقت الذي تشهد فيه البلاد حالة عطالة ونقص في الأفكار المجددة وذات القيمة المضافة، تبرز مشاريع لا تزال على مستوى نواتات لكنها ناجعة وذات مردودية ولها افاق واعدة في قادم السنوات وهي احداث دور المسنين في القطاع الخاص الذي يعد استثمارا في الشيخوخة امام التهرم السكاني الذي ستعيشه تونس في العقود القادمة.
والاستثمار في الشيخوخة ببعث دور مسنين عصرية ومتطورة لن يكون مقتصرا على التونسيين فقط بل بالإمكان استقطاب كبار السن من خارج تونس وتحديدا من الاتحاد الأوروبي باستقطاب المسنين الذين يرغبون في قضاء ما تبقى من حياتهم في بلد سياحي ويحظى بمقومات طبيعية جميلة.
وامام ما يطرحه هذا القطاع من إمكانيات هامة على مستوى تنشيط الاستثمار وخاصة فتح افاق واعدة في تشغيل اليد العاملة المختصة، فانه من الضروري افراد الاستثمار في بعث دور مسنين خاصة بامتيازات جبائية وحوافز مالية لتشجيع الشباب على بعث مثل هكذا مشاريع مجدية وفي الان نفسه تقدم خدمات اجتماعية وإنسانية.
وتفيد المعطيات والبيانات الإحصائية المستقاة من بوزارة المراة والاسرة وكبار السن، ان الوزارة تقدمت بجملة من المقترحات لفائدة باعثي دور المسنين في القطاع الخاص وذلك من خلال إرساء مشروع مجلة كبار السن. وتم منذ سنة 2017 الانطلاق في وضع اهم بنود هذه المجلة وذلك في إطار لجنة وطنية ضمت مختلف القطاعات للتشجيع الخواص على بعث دور المسنين.
كما ان الوزارة بصدد ايضا اعداد كراس شروط لإحداث وتسيير مؤسسات استشفائية لرعاية كبار السن بإقامة كاملة ونصف اقامة وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة. ويبلغ عدد دور المسنين الخاصة يبلغ حاليا 20 مؤسسة خاصة تتمركز بالأساس في تونس الكبرى ويؤمها حاليا حوالي 300 مسن ومسنة تفوق اعمارهم ال 60 عاما.
وتشير معطيات الوزارة الى وجود إطار قانوني ينظم دور المسنين في القطاع الخاص من خلال كراس شروط يتعلق بإحداث وتسيير مؤسسات كبار السن التي تم اعدادها منذ سنة 2001، وان الوزارة بصدد مراجعة مختلف مضامين هذا الكراس في اتجاه تطبيق بصرامة للمواصفات العالمية وتحمي مختلف حقوق المسن وتحترم الجانب المعنوي والصحي لديه.
وستشمل مراجعة كراس الشروط المتعلق بدور المسنين في القطاع الخاص الشروط المتعلقة بالتجهيزات والبناءات واحترام فضاء الغرفة، وتشغيل المؤهلين والمختصين في المجال الى جانب توفير عدد محدد من اعوان الاحاطة على غرار عون احاطة لخدمة 6 مسنين.
وأكدت دراسات رسمية سير المجتمع التونسي نحو التهرم، مشيرة إلى أن نسبة المسنين في تونس ارتفعت من 5.1 في المئة إلى 10 في المئة خلال الخمسين عاما الماضية، كما توقعت نفس الدراسات، ارتفاع نسبة المسنين إلى 17.7 في المئة بحلول عام 2029، و20.9 في المئة بحلول عام 2034.
وفرض تغير التركيبة الديموغرافية للمجتمع التونسي على الحكومات المتعاقبة تطوير برامجها وتكثيف الإجراءات التي تستهدف كبار السن بغاية المزيد من العناية بهم.
وتوقع الخبير في علم اجتماع الشيخوخة والخدمة الاجتماعية لسعد لعبيدي خلال ندوة وطنية حول كبار السن في 2019، ان تبلغ نسبة البالغين 60 سنة فما فوق في تونس 22,6 بالمائة سنة 2041، مقابل 11,4 بالمائة سنة 2014 مما سينتج عنه ولأول مرة، حسب تأكيده، تساوي بين نسبة كبار السن في تونس (60 سنة فما فوق) ونسبة الاطفال (اقل من 15 سنة).
وسيشهد عدد البالغين 60 سنة فما فوق في تونس خلال السنوات المقبلة ارتفاعا متواصلا، لتمر نسبتهم من 14,1 بالمائة من مجموع السكان سنة 2021 الى 18,2 بالمائة سنة 2031 ثم 20 بالمائة سنة 2036.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 06/04/2021