أنهت حكومة نجلاء بودن من اعداد المخطط التنموي الثلاثي للفترة 2023/2025 وال مصادقة عليه إثر عمل استغرق أكثر من عام ونصف تم خلاله الانصات الى مشاغل الجهات على المستوى المحلي والجهوي والمركزي لبلورة خطة تنموية يمكن اعتبارها خطة انتقالية الى حين استئناف اعداد المخططات التنموية الخماسية بشكل منتظم.
ومنذ عام 2011 سنة الثورة توقفت الحكومات تقريبا عن سن مخططات تنموية قابلة للتجسيم بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة وتراكم الإشكاليات الاقتصادية المالية الهيكلية والظرفية دفعت بجل الحكومات المتعاقبة على تسيير دواليب البلاد من دون مخططات تنموية او رؤية تنموية جديدة.
وتتطلع حكومة بودن من خلال الخطة التنموية الثلاثية الجديدة التي تحصل عليها "البورصة عربي" وثيقة مُلخَصة حصريا الى ضبط التوجهات وأولويات الفترة القادمة مع التركيز على التسريع في تنفيذ مكوّنات البرنامج الوطني للإصلاحات والنهوض بالاستثمار الخاص وتسريع نسق تنفيذ المشاريع العمومية والخاصة الى جانب تشجيع الأنشطة الواعدة والمجدّدة ذات المحتوى التكنولوجي المرتفع مع تحسين فاعلية البرامج الاجتماعية الداعمة للإنصاف والعدالة وكذلك تكريس التمكين الاقتصادي لفائدة الفئات الهشة وذات الدخل الضعيف و اعتماد ايضا حوكمة اقتصادية ومالية تعزز الصلابة والاستدامة.
وبخصوص الأهداف الكمية فان تونس تخطط لتحقيق معدل نمو في حدود نسبة 2,1 بالمائة والارتقاء بالدخل الفردي من 13624.5 د خلال سنة 2023 إلى 16145 د سنة 2025. وفي جانب الاستثمار فان البلاد ترنو الى الارتقاء بنسبة الاستثمار الجملي الى 17.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2025 والترفيع في حصة الاستثمار الخاص إلى 57,6 بالمائة من الاستثمارات الجملية في أفق 2025.
وفي مجال التصدير فإنها تستهدف تطوير المجهود التصديري ليبلغ بالمائة45 من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2025 والتحكم في العجز التجاري كم خلال استحثاث تطور الصادرات بنسق يفوق تطور الواردات. وعلى مستوى سوق الشغل فإن الحكومة تسعى الى استكمال منظومة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والمبادر الذاتي
وتتمثل رهانات المرحلة المقبلة وفق ما تضمنته وثيقة مشروع المخطط التنموي المتحصل عليها، في تقوية قدرة الاقتصاد على الصمود ومجابهة المتغيرات والتحولات المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي وتكريس مبدا الادماج والاجتماعي والمالي كرافد للتنمية علاوة على استعادة ثقة الفاعلين الاقتصاديين بتوفير مناخ اعمال يحفز المبادرة والتجديد وتوفير مواطن الشغل اللائق والإحاطة بالفئات الهشة وضعيفة الدخل.
كما تتلخص رهانات المرحلة القادمة في تعزيز الانتقال الرقمي والطاقي وتكريس استدامة التنمية والتأقلم مع التغيرات المناخية وحسن تملّك الإصلاحات واعتماد حوكمة جديدة لتسريع تنفيذ السياسات والبرامج وإضفاء مزيد من النجاعة.
إصلاحات داعمة للنمو على المدى المتوسط
ومن اهم الإصلاحات التي سيتم الاشتغال عليها خلال الفترة 2023/2025 عبر تطوير القطاع العمومي وتعزيز الحوكمة والرقمنة كرافعات في خدمة الاقتصاد.
وفي مجال تطوير القطاع العمومي تعهدت السلطات في تونس من خلال وثيقة مخطط التنمية بتحديث ورقمن الوظيفة العمومية من خلال مراجعة النظام الأساسي للوظيفة العمومية واعتماد إطار جديد محفز للوظائف العليا ودعم برنامج التنقل الوظيفي الى جانب إقرار العمل عن بعد وإرساء التصرف التقديري في الوظائف والمهن فضلا عن تطوير منظومة المعلومات للموارد البشرية ومزيد تفعيل برنامج المغادرة الاختيارية وإعادة هندسة الإجراءات العمومية وتوجيهها نحو خدمة المواطن.
إعداد برنامج إعادة هيكلة المؤسسات العمومية
تتضمن الخطة في هذا المجال بلورة رؤية استراتيجية لدور الدولة للمؤسسات العمومية وضبط قائمة المؤسسات العمومية الناشطة في القطاعات الاستراتيجية من غيرها وإعداد برنامج إعادة هيكلة المؤسسات العمومية.
اما في مجال تعزيز الحوكمة فان العمل سيرتكز خلال السنوات الثلاث القادمة على ترسيخ مقومات الحوكمة الرشيدة وتفعيل الأطر المؤسساتية وفقا للاختصاصات في مجالات الرقابة والتعديل والاستشارة وكذلك حوكمة المنشآت والمؤسسات العمومية الى جانب تدعيم وتطوير دور خلايا الحوكمة بالهياكل العمومية.
وبخصوص الرقمنة فان الخطة تتطلب وضع الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي إنجاز مشروع الهوية الرقمية واعتماد مجلة الرقمنة بالإضافة الى وضع استراتيجية للحوسبة السحابية الوطنية وتعميم الختم الالكتروني المرئي بالوثائق الإدارية.
ولتجسيم مختلف الأهداف الكمية والنوعية تلتزم الحكومة في مخططها التنموي الثلاثي بضبط خارطة طريق مفصلة تتضمن رزنامة تنفيذ ملزمة وتوزيع المسؤوليات والميزانية ومؤشرات المتابعة والتقييم وتدعيم القدرات وحوكمة التغيير مع انتقاء رواد التغيير وتحسين أداء الهياكل عموما مع اعتماد خطة اتصالية محكمة مع التركيز على بعث رسائل واضحة وذات مصداقية وإحكام متابعة التنفيذ واستخلاص العبر للتحسين المنتظم للإجراءات وتحيين مناهج العمل.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 02/01/2023