version française ilboursa

خاصَ : حوافز جديدة للمستثمر الأجنبي في تونس

تستعد تونس مع بداية عام 2023 لإطلاق استراتيجية جديدة لدعم الاستثمار من خلال رؤية جديدة ترتكز على جعل تونس وجهة فعلية للاستثمار من خلال برنامج وطني متكامل يضمن خاصة تشجيع احداث المؤسسات وتسيير انخراط المؤسسات في سلاسل القيم العالمية والرفع من القدرات الإنتاجية والتكنلوجية للمؤسسات بما يضمن تنافسيتها داخليا وخارجيا.

ومن المنتظر ان تكون الاستراتيجية الوطنية الجديدة محور لقاء بين الحكومة والمنظمات المهنية والأعراف ورجال الاعمال في بحر هذا الأسبوع او القادم على اقصى تقدير للتباحث فيها وتعديلها ان تطلب الامر وتبنيها في نهاية المطاف.

وقد تحصل "البورصة عربي" حصريا على هذه الاستراتيجية التي تتوزع على 6 اقسام تهم الرؤيا وتفعيل انجاز الاستثمار والحوكمة فحوافز ظرفية موجهة ثم فض النزاعات وأخيرا مراقبة انجاز الاستثمار.

جعل تونس وجهة فعلية للاستثمار

ترتكز توجهات منظومة حفز الاستثمار المستقبلية لتونس التي أعدتها وزارة الاقتصاد والتخطيط، على جعل تونس وجهة فعلية للاستثمار من خلال برنامج وطني متكامل يضمن خاصة تشجيع احداث المؤسسات وتطويرها وضمان ديمومتها وتيسير انخراط المؤسسات في سلاسل القيم العالمية ونجاحها في تركيز وحدات انتاج او خدمات بالخارج.

وترمي هذه المنظومة الجديدة للاستثمار الى الرفع من القدرات الإنتاجية والتكنلوجية للمؤسسات بما يضمن تنافسيتها داخليا وخارجيا علاوة على المحافظة على الامتيازات الحالية وتدعيمها مع الاستثمار في المعرفة وإفراد المشاريع الخصوصية في المجالات ذات الأولوية والتي تستجيب لأهداف مخططات التنمية والاستراتيجيات الاقتصادية بامتيازات استثنائية حسب طبيعة المشروع ومحدودة في الزمن.

وتستوجب هذه الخطة الاستثمارية الجديدة اسناد الاستثمارات الهامة من حيث خاصة حجم الاستثمار والتشغيل والقيمة المضافة بطريقة حالة بحالة في إطار اتفاقيات تبرم بين الدولة والباعث فضلا عن تشجيع المغتربين التونسيين على الاستثمار في تونس

حرية الاستثمار واقعا وليس شعارا

لئن تعددت القوانين والبرامج في السنوات الأخيرة بالتأكيد على ان الاستثمار في تونس حر غير ان على ارض الواقع يصطدم المستثمرون بجملة من العراقيل وحواجز تحت غطاء ان بعض القطاعات الاستثمارية تفرض استثناءات او حتى انها غير معنية بالاستثمار ما يجعل الاستثمار ليس حرا في البلاد ما جعل العديد من الغرف التجارية المختلطة ومنظمات الأعراف يطالبون السلط التونسية بوجوب جعل الاستثمار في تونس حرا وغير خاضع الى تراخيص او قيود.

ومن هذا المنطلق سترسخ الاستراتيجية الجديدة للاستثمار في تونس، وفق الوثيقة المُتحصل عليها، بصفة واضحة ونهائية لا لبس فيها حرية الاستثمار في الوجهة التونسية وان حرية الاستثمار ستكون وتقعا وليس مجرد شعار.

ولكن ولاعتبارات تتعلق بالنظام العام والسيادة يبقى المجال مفتوحا كما في جميع دول العالم الى استثناء بعض الأنشطة من خلال تحديد قائمة سلبية (محدودة) تصدر بمقتضى أمر رئاسي بالتزامن مع قانون المتعلق بالاستثمار

ضمانات ممنوحة للمستثمر الأجنبي

تقترح هذه الاستراتيجية اسناد ضمانات هامة للمستثمر الأجنبي في مقدمتها حرية امتلاك العقارات باستثناء الفلاحية والحق في امتلاك كل المنابات والأسهم (مع احترام الاحكام الخصوصية المتعلقة ببعض الأنشطة) بالإضافة الى حرية تحويل الاموال الى الخارج ودون ترخيص مسبق لكل الأموال الراجعة له بعنوان العمليات الجارية او الأرباح بعد سداد الدفعات المستوجبة بعنوان الضريبة او التأجير.

إلى ذلك من ضمان ترسيخ مبدا المساواة في التعامل بين جميع المستثمرين وتكريس مبدا عدم التمييز بين المستثمرين التونسيين والأجانب وأن يُعامل المستثمر الأجنبي معاملة لا تقل عن المعاملة الوطنية التي يعامل بها المستثمر التونسي عندما يكون في وضعية مماثلة لوضعيته.

حوافز موجهة

بالتوازين مع الضمانات الممنوحة للمستثمرين فإن الحكومة التونسية ومن خلال خطتها الاستثمارية الجديدة رصدت حوافز وتشجيعات لكنها ظرفية وموجهة خلال الخمس سنوات المقبلة (2023/2028) تشمل خاصة الإعفاء الضريبي للمرابيح والمداخيل المتأتية من التصدير وطرح المداخيل أو الأرباح المُعاد استثمارها في الاكتتاب في رأس المال الأصلي أو في الترفيع فيه للمؤسسات وطرح الأرباح المعاد استثمارها صلب المؤسسات.

وتهدف هذه الإجراءات إلى إعادة توجيه الادخار نحو الاستثمار في المؤسسات وبالتالي الرفع من نسق الاستثمار. ومن بين الحوافز والتشجيعات الأخرى تمكين الاطارات المنتدبة في مناطق التنمية الجهوية (المحافظات الأقل تنمية) من تخفيض ضريبي على الأجور لأجل تشجيع استقطاب الفنيين والمهندسين لدعم القدرات للشركات، مع الترخيص للمؤسسات المُصدَرة في خلاص الرواتب بالعملة الأجنبية الى جانب وضع برنامج للتكوين حسب حاجيات الشركة وتقريب مراكز التكوين من مناطق الإنتاج.

وفي مجال فض النزاعات فإن السلط التونسية تتعهد بموجب هذه الاستراتيجية الجديدة على أن يُسوىَ كل نزاع يطرأ بين الدولة التونسية والمستثمر بمناسبة تأويل او تطبيق أحكام الاستثمار وجوبا وفق إجراءات المصالحة لدى الموفق الاستثماري الا إذا تخلى أحد الأطراف كتابيا.

اعتماد المراقبة اللاحقة

وعلى عكس الإجراءات السابقة المكبلة لدفع الاستثمار تقترح الخطة الاستثمارية الجديدة لتونس اعتماد المراقبة اللاحقة والتخلي عن المراقبة المسبقة والمراقبة الموازية مع اعتماد طرف ثالث لإعداد تقارير المراقبة ضمانا لأكثر شفافية فضلا عن اعتبار التصريح بالاستثمار لاغيا في صورة عدم الشروع في انجاز الاستثمار خلال سنتين من تاريخ الحصول عليه.

دور جديد للهيئة الوطنية للاستثمار

تقترح المنظومة او الاستراتيجية الجديدة لحفز الاستثمار ضمن محور الحوكمة افراد الهيئة الوطنية للاستثمار بمهاو ومشمولات جديدة من أهمها متابعة مناخ الاستثمار وتامين اليقظة الاستثمارية واعداد الدراسات القطاعية مع انجاز دراسات المقارنة مع البلدان الأخرى بهدف تعزيز مناخ الاستثمار في البلاد.

ومن المر تقب أيضا بعث بنك معلومات وطني مُحيَن يحتوي على كل المعطيات والاحصائيات المتعلقة بالاستثمار يكون خاصة مرجعا لأخذ القرار وتعديل التوجهات. يشار الى أن مجلس الوزراء صادق الثلاثاء 27 ديسمبر 2022 على الاستراتيجية الوطنية لتحسين مناخ الأعمال ودفع المبادرة والاستثمار والتي تخص دفعة جديدة من الإجراءات تضمنت حوالي 160 إجراء جديد، تنضاف الى الدفعة الأولى لـ 27 إجراء التي تمت المصادقة عليها في 03 أكتوبر 2022.

وقد جاءت هذه الاستراتيجية الوطنية والإجراءات الإصلاحية كنتاج لحوار مشترك انطلق منذ بداية شهر جانفي (2022 جمع بين الوزارات والهياكل العمومية المعنية وممثلي القطاع الخاص والهياكل المهنية ذات العلاقة.

وتندرج هذه الاستراتيجية ضمن تمشي إصلاحي ورؤية شاملة هدفها الاساسي توفير مناخ أعمال ملائم وجاذب للمبادرة والاستثمار الخاص باعتباره المحرك الأساسي للنموّ وخلق الثروة ومواطن الشغل في ضوء محدودية إمكانيات الدولة في الظرف الراهن وذلك من خلال اعتماد إطار تشريعي ومؤسساتي ناجع مع تبسيط ورقمنة مسار بعث المشاريع والحدّ من العوائق المكبلة للمبادرة.

مهدي الزغلامي

تم النشر في 02/01/2023