version française ilboursa

خارطة طريق الحكومة لرفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية

تخطط الحكومة لرفع الدعم بصفة نهائية عن المحروقات والمواد الأساسية خاصة منها الغذائية وفق خارطة طريق ورزنامة واضحتي المعالم ستصل بها الى سنة 2025 باعتماد حقيقة الأسعار مع ضمان التحويلات المالية للعائلات المعنية التي لم يقع الى الان تحديدها بدقة وسط انتقاد شديد للمنصة المزمع تطبيقها لتحديد العائلات المعنية لهذه التحويلات لمقاومة الترفيع في الاسعار في الفترة المقبلة.

واظهر تقرير اطار متوسط الميزانية 2023/2025 الذي نشرته وزارة المالية ان أسعار المواد الغذائية وأسعار المحروقات شهدت  ارتفاعا قياسيا في الأسواق العالمية بشكل ضاعف الضغوطات المسلطة على نفقات الدعم التي من المقدر أن تبلغ في سنة 2022 مستوى 8.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي و23.6 بالمائة من جملة نفقات الميزانية، مما زاد من المخاطر المتعلقة باستدامة المالية العمومية وحدّ من قدرة الدولة على تخصيص اعتمادات موجهة لمساندة الفئات الاجتماعية الهشة والاستثمار العمومي وبالتالي دفع النمو الذي من شأنه خلق الثروة وفرص العمل

وفي نفس السياق تم إعداد دراسات لتشخيص مواطن ضعف منظومة الدعم الحالية خاصة فيما يتعلق بعمليات تهريب وتبذير المنتوجات المدعمة وعدم توجيه الدعم لمستحقيه الفعليين بحسب ذات التقرير.

وتعتمد تقديرات نفقات الدعم للفترة 2023-2025 على مدى التقدم في تنفيذ برنامج الإصلاح واعتماد منظومة الدعم الجديدة. وبذلك، من المتوقع أن تتراجع نسبة الدعم من جملة نفقات الميزانية إلى حدود 5.7 بالمائة في نهاية سنة 2025 أي ما يعادل نسبة 1.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل نسبة 16.4 بالمائة و5.4 بالمائة على التوالي مقدرة لسنة 2023

وفي المقابل سترتفع التحويلات المالية المباشرة لتبلغ 1.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في أفق سنة 2025. ومن المنتظر ان تنزل نفقات الدعم من 8832 مليون دينار في 2023 الى 5215 مليون دينار في 2024 ثم وصول الى مبلغ 3349 مليون دينار في 2025 ما يعمي بحسب هذه الأرقام ان الدولة ستتخلى عن الدعم الامر الذي سينجم عنه ارتفاع لافت للأسعار وسط ازدياد نسب التضخم الاخذ في الصعود بصفة هامة اذ من المنتظر ان يبلغ معدلها 11 بالمائة في كامل 2023

بلوغ حقيقة أسعار منتجات الوقود في 2023

سيتم العمل في هذا المجال على الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة من خلال مواصلة تطبيق التعديل الآلي للأسعار بالنسبة لمنتجات الوقود الثلاثة بانتظام إلى غاية بلوغ حقيقة الأسعار، ويعكس هذا الاجراء ان عملية التعديل الالي لأسعار المواد البترولية الثلاثة (البنزين الخالي من الرصاص والغازوال العادي والبنزين العادي) ستكون بوتيرة سريعة وبمعدل شهري.

ويُتوقع في هذا الصد بلوغ حقيقة الأسعار في أفق سنة 2023، ومواصلة دعم النقل العمومي كإجراء لدعم الأسر والفئات الاجتماعية ضعيفة ومتوسطة الدخل. كما تخطط الحكومة ارساء التعديل الدوري لتعريفات الكهرباء والغاز إلى غاية بلوغ حقيقة الأسعار المتوقع في نهاية سنة 2026 مع مراعاة الأسر الفقيرة وضعيفة الدخل. وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم إحداث لجنة فنية مكلّفة بوضع آليات التقليص التدريجي والمستدام في الدعم الموجه لأسعار الكهرباء والغاز الطبيعي في فيفري 2022

وسيتم بالمقابل تشجيع استثمار القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء وخاصة في مصادر الطاقة المتجددة وسيقع إنشاء هيئة تعديلية لحوكمة القطاع ومراقبته في نهاية الثلاثي الأول من 2023. ولئن سيكون تعديل المحروقات بمعدل 100 مليم فما فوق للتر الواحد، فإن تعرفتي الكهرباء والغاز ستكون بالدينار أي بمعدل اقل شيء بين 5 و 6 دنانير زيادة اضافية في الفاتورة.

إصلاح منظومة دعم المواد الأساسية

كشف التقرير في هذا الصدد عن اعتزام الحكومة استبدال النظام الحالي لدعم أسعار المواد الغذائية الأساسية وغاز النفط المسال الموجه للاستعمال المنزلي بنظام جديد يرتكز على دعم الدخل والتحويلات النقدية المباشرة، وإعداد منصة إلكترونية لتسجيل كل الأسر للانتفاع بالتحويلات علما وأن كل المسجلين في برنامج الأمان الاجتماعي سيقع إدراجهم آليا في المنصة. الى جانب انخراط المواطنين في برنامج الإصلاح من خلال التسجيل في المنظومة الاعلامية لحوكمة الدعم والتحويلات النقدية،

وستمكن هذه المنظومة من ترشيد التصرف في نفقات الدعم عبر خاصة توجيه الدعم لمستحقيه ومقاومة ظواهر الاحتكار والمضاربة والتهريب والتبذير. وخلص التقرير بالتأكيد على ان الاقتصاد التونسي والمالية العمومية يمران بفترة انتقالية دقيقة تتطلب تركيز جميع الجهود من طرف كل الفاعلين الاقتصاديين لإنجاح برنامج الإصلاحات وتحقيق الأهداف المرسومة وخاصة استعادة نسق النمو الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار وتعزيز الأمن الاجتماعي والمحافظة على سالمة المالية العمومية التحكم في التوازنات المالية من خلال خاصة مواصلة إصلاح منظومة الدعم وتدعيم الدور الاجتماعي للدولة وتحسين موارد الدولة وتكريس العدالة الجبائية.

اتحاد الشغل بالمرصاد

لئن تخطط الحكومة لرفع الدعم ضمن برنامج الإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي التزمت به مع صندوق النقد الدولي وتيسير الحصول على القرض (بقيمة 1.9 مليار دولار على اربع سنوات)، فإن اتحاد الشغل عبر صراحة عن رفضه لمخطط الحكومة في لافع الدعم من دون انجاز دراسات اقتصادية واجتماعية معمقة تأخذ في الاعتبار اهتراء القدرة الشرائية لعموم التونسيين والتحذير من تسجيل نسب تضخم قياسية مصحوبة بموجة كبيرة جدا من ارتفاع الأسعار في العديد من القطاعات الإنتاجية.

ونبه اتحاد الشغل وعدد اخر من المختصين ومكونات المجتمع المدني ان يكون برنامج الدعم الذي وصفوه بالوحشي من الاضرار بالحكومة نفسها قبل الاضرار بالشعب نظرا لان برنامج الإصلاحات سيضر بالاقتصاد لا سيما رافعة الاستهلاك التي ستنهار بشكل لافت مع إمكانية تعطل للاستثمار الخاص وسط الترفيع المتواصل لنسب الفائدة المديرية من البنك المركزي ما سيجعل النفاذ الى القروض البنكية سواء للاستثمار امرا مكلفا لرواد المشاريع والمستثمرين.

مهدي الزغلامي

تم النشر في 18/01/2023