version française ilboursa

تونس لم تعد موقعا جاذبا للاستثمار لكبرى الشركات العالمية في قطاع النفط والمحروقات

قال الخبيران في الطاقة وفي الثروات الطبيعية غازي بن جميع وشرف الدين اليعقوبي إن تونس لم تعد موقعا جاذبا للاستثمار في قطاع النفط والمحروقات بفضل إطار قانوني تمثل في مجلة المحروقات لم يقع تحيينه بشكل جذري إلى جانب إن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلاد نفرت العديد من المستثمرين للمجيء إلى تونس.

وأكد الخبيران خلال عرضهما لنتائج دراسة بعنوان "خفايا عقود المحروقات في تونس" أعدتها الجمعية التونسية للمراقبين العموميين، ان وزارة الصناعة والمناجم والطاقة لم تحل الإشكاليات المحيطة بالقطاع من خلال  تذليل الصعوبات والإشكاليات التي تتخبط فيها الشركات التي وجدت بمفردها في حلحلة المشاكل في مواقع الإنتاج.

وابرزا أن كبرى الشركات العالمية على غرار "ايني" و"شال" قد غادرا تونس نهائيا وان الشركات الأخرى في تونس هي شركات صغيرة وحجم استثماراها متواضع جدا.

ولفتا في سياق تحليلهما لوضع قطاع المحروقات في تونس إلى الشركات المغادرة وأخرى أبدت مغادرتها  تعرضت إلى خسائر جمة على الرغم من أن الجدوى الاقتصادية للحقول التي يستغلونها صغيرة. ومن أسباب عدم جاذبية موقع تونس كثرة الاعتصامات والتحركات الاحتجاجية في مناطق الإنتاج عطلت الإنتاج ما تسبب في خسائر لها ما دفعها إلى اتخاذ قرار المغادرة.

تنقيح جذري لمجلة المحروقات

وأوصت الدراسة بضرورة تنقيح جذري لمجلة المحروقات في اتجاه مزيد تعزيز مبادئ الحوكمة والشفافية وفقا للمعايير الدولية. ودعت الدراسة التي أعدتها الجمعية التونسية للمراقبين العموميين إلى وجوب نشر مداخيل الثروات الطبيعية بصورة مدققة لتقديم صورة حقيقية للموارد الجبائية المتأتية من قطاع المحروقات

وخلصت النسخة الثانية من الدراسة التي انجاز النسخة الأولى منا في 2019، بالتأكيد على نشر الاتفاقيات وكل الوثائق التي تعزز الرقابة على قطاع المحروقات في تونس علاوة على وجوب تطوير دور المؤسسة التونسية للنشطة البترولية و السعي إلى بناء مناخ من الثقة بين المؤسسات الناشطة والمواطن في الجهات المنتجة وتفعيل آليات التشاور والشفافية وتعزيز برامج المسؤولية المجتمعية.

كما دعت الدراسة إلى الإسراع باستكمال انضمام تونس إلى مبادرة الشفافية الدولية في الصناعات الاستخراجية. وتهدف الدراسة التي شكلت الثلاثاء بالعصمة محور ندوة صحفية للجمعية التونسية للمراقبين العموميين، إلى التأكد من مدى احترام العقود المنشورة لمختلف القوانين والتراتيب المنظمة لقطاع المحروقات وتحديد المخاطر والثغرات التي يمكن أن تنجر عن عدم احترام العقود والقوانين.

وأكد شرف الدين اليعقوبي خبير في الحوكمة والثروات الطبيعية انه بالرغم من الجهود المحمودة التي قامت بها تونس منذ سنة 2016 في نشر العقود المحروقات والتي أهلتها أن تحتل المرتبة 26 عالميا في عملية النشر، إلا انه هناك العديد من المعطيات والبيانات المتعلقة بملف المحروقات بحاجة إلى مزيد التعمق بشأنها على غرار غياب المعلومات المفصلة حول المداخيل المتأتية من كل حقل نفطي (الإتاوات والضرائب) و وعدم نشر محاضر اللجنة الاستشارية للمحروقات إلى جانب غياب دراسات التأثيرات البيئية وتقارير الجدوى الاقتصادية لمشاركة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية في الامتيازات علاوة على غياب المالكين والمساهمين الحقيقيين في الشركات المستثمرة.

وفي محور المناطق الحرة (blocs libres) قال شرف الدين اليعقوبي إن معطيات المناطق الحرة لا توجد في موقع الوزارة المشرفة على القطاع بل توجد على الموقع الالكتروني للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، معتبرا ذلك مخالف للشفافية وعدم المعاملة مع بقية المؤسسات على قدم المساواة.

ومن جانب آخر انتقد عدم نشر المعطيات التقنية ألاولية للترويج للمناطق الحرة في موقع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية حاليا بينما كان يتم نشر مثل هذه المعطيات على موقع المؤسسة في  سنة 2016. ولدى تطرقه إلى محور النقائص والمخاطر في رخص الاستكشاف والبحث قال الخبير في المجال الطاقي محمد غازي بن جميع، أن هناك رخص انتهت صلوحيتها دون تجديدها ا وان يقع في المناطق الحرة على غرار رخص قصر حدادة والحمامات البحرية و برج الضراء الجنوبي و الكاف وبرقو.

وتعرض أيضا إلى رخص تجاوزت مدة التمديد العادية مثل رخص برج الخضراء وعناقيد و جلمة و رمادة إلى جانب رخص بوحجلة وجناين الوسطى. وابرز أن الدراسة أفضت إلى الكشف عن حالات لرخص بها تجاوزات كبرى تتطلب فاح تحقيق بشأنها مستدلا في ذلك على الاستغناء عن رخصة "مكثر" من طرف المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بعد أن اشترت كل ممتلكات شركة "بي ار ريسورز"في تونس.

وكشف الخبير انه من النقائص التي الوصول اليها في الدراسة عدم التأكد من الغلق النهائي لأبار النفط وإعادة المواقع إلى صبغتها الأصلية كأرض فلاحية ما حصل في آبار "زعفران" و"مكثر" و "المهدية" و"برج الخضراء" و"جنانين الوسطى".

وبخصوص محور المخاطر والنقائص المحيطة بالامتيازات فقد أوضح غازي بن جميع أن الدراسة أظهرت أن هناك امتيازات لم يستكمل فيها تطوير الحقل رغم مرور مدة زمنية طويلة على إسناده بلغت في بعض الحالات أكثر من 40 عاما على غرار امتياز "بيرصة" (سنة 1980) و "زلفة" (2004) و "كوسموس" (1985) 

وأكد على أن المسالة تعد مخالفة للقانون وتعكس تواصل انتفاع الشركة بالامتياز دون أن تتمكن من الإنتاج. وخلص الخبيران بالتأكيد على أن القانون الحالي للمحروقات فان تونس لن تكون جاذبة للاستثمار واستقطاب كبرى الشركات العالمية في القطاع.

 

تم النشر في 28/02/2023