version française ilboursa

تونس تُحصي ممتلكاتها لتوظيفها في الدورة الاقتصادية وتنشيط الاستثمار المتعثر

في الوقت الذي تعرف فيه تونس صعوبات اقتصادية ومالية كبيرة و"انحباس" لتدفق الاستثمار الخارجي المباشر على البلاد في السنوات الأخيرة، شرعت الحكومة في إيجاد بدائل الهدف منها تحريك عجلة الاستثمار الخاص عبر التسريع في وتيرة الإصلاحات.

ومن ضمن الإصلاحات التي تشتغل عليها حكومة نجلاء بودن العمل على الانتهاء من جرد ممتلكات الدولة الفلاحية والعقارية للدولة التونسية وحصر هذه الممتلكات من أجل التفكير لاحقا في حسن توظيفها واستثمارها اقتصاديا بوضعها على ذمة المستثمرين لا سميا وأن المدخرات العقارية والفلاحية لتونس تعد متنفسا لتنشيط الاستثمار واستقطاب المستثمرين الأجانب.

وللغرض تم إرساء برنامج وطني لجرد وتقييم الأصول المادية الثابتة والمنقولة للدولة يهدف إلى تطوير كامل السجل العقاري وتحيين المعطيات وتقييمها. يذكر أن البرنامج الوطني لجرد وتقييم الأصول المادية الثابتة للدولة انطلق منذ ماي 2021 وتم العمل خلال سنة 2022 مع خمس وزارات أهمها الفلاحة والتجهيز والعدل والتربية في هذا الخصوص. 

وتم حصر العقارات، التّي تتولى الوزارات المذكورة استغلالها على أن يتم في المرحلة الموالية استكمال جرد بقيّة العقارات لبقيّة الوزارات. وتجدر الإشارة إلى أن هذا البرنامج سيمتد على مدى خمس سنوات وجاء تطبيقا لقانون المالية لسنة 2019 والذي أقر نظام القيد المزدوج وهو نظام سيمكن من جرد كامل ممتلكات الدولة سواء كانت منقولات أو عقارات.

ويأتي إقرار هذا البرنامج في ظل الانتقادات من خبراء الاقتصاد بأن الدولة التونسية لا تعرف ممتلكاتها المتناثرة بما جعلها مصدرا للنهب والسطو داعين الى انجاز جرد واسع للممتلكات الدولة خاصة منها الأراضي الفلاحية والعقارات المهملة أملا في حسن استغلالها اقتصاديا بما قد يساعد على إيجاد موارد مالية للموازنة.

تحسين مناخ الاعمال

وأبرز محمد الرّقيق، وزير أملاك الدّولة والشؤون العقارية خلال ندوة انتظمت هذا الأسبوع أهمية ضبط أملاك الدولة والجرد التام لها وتقييمها ومسك سجلاتها، مؤكدا على تطوير الجهود المتعلقة بإصلاح سجلات أملاك الدولة مما يساعد على تسوية الترسيمات القديمة وتصحيحها الى جانب ادراج الترسيمات الجديدة وتحيين السجلات.

كما أوضح أن وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية تنخرط عبر هذا البرنامج في تنفيذ سياسات وأولويات الحكومة خاصة منها برنامج الإنعاش الاقتصادي وبرنامج الإصلاحات الكبرى بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتخطيط.

وشدد على أن اعمال الجرد والتقييم ستمكن فضلا عن إقامة موازنات الدولة وقوائمها المالية وفق النظام المحاسبي الجديد٫ من إصلاح سجلات ضبط أملاك الدولة عبر تحيين معطياتها وتطهيرها، بما يساعد على تحسين مناخ الأعمال ويوفر على الباعثين عناء البحث عن مواقع ملائمة لمشاريعهم ويدعم شفافية الإجراءات بما يعزّز المساواة أمام خدمات العقار الدولي ويساهم في بناء الثقة بين المصالح الإدارية والمنتفعين بخدماتها.

أمّا فيما يتعلق بالاستثمار، أكد عضو الحكومة أنه بإصلاح أوضاع سجلات ضبط الأملاك العمومية وتزويد المنظومة المعلوماتية بالمعطيات اللازمة ووضعها في صيغة رقميّة على ذمة عموم المستعملين من مستثمرين وغيرهم سيساعد على تحسين مناخ الأعمال ويوفر على الباعثين عناء البحث عن مواقع ملائمة لمشاريعهم (الصبغة، المساحة، الموقع، البنية التحتية المتوفرة، .... ) ويمكّنهم من توظيف جهودهم والعناية أكثر بمشاريعهم والعمل على إنجاحها.

واعتبر الوزير أن انخراط وزارة أملاك الدولة والشؤون العقّارية في تنفيذ مختلف المحاور وتجسيم الأولويات التي تضمّنها برنامج الإنعاش الاقتصادي وبرنامج الإصلاحات الكبرى فيما نصّت عليه من نقاط تتعلّق بضرورة معاضدة قطاع أملاك الدولة لتحقيق الأهداف ذات الصلة بدفع الاستثمار وتنقية مناخ الأعمال ودعم التنمية الاقتصادية عموما وهي محاور محلّ متابعة بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتخطيط.

كما ستمكّن عملية الجرد من الكشف عن العقارات المكلفة من حيث الصيانة دون حاجة تبرّر الاحتفاظ بها ويمكن بذلك وضعها على ذمّة عموم المستعملين والمستغلين وفق الصيغ القانونية بما يوفّر مصادر تمويل للميزانية العامة.

أولوية قصوى

واقر وزير أملاك والشؤون العقاري التونسي إنه يتم التعامل مع برنامج جرد وتقييم الأصول الثابتة المادّية للدولة كأولويّة قصوى ضمن نشاط الوزارة، وتجسيمه محلّ متابعة دوريّة من قبل رئاسة الحكومة. وتابع بالقول "اعتبارا لأهميّة برنامج جرد ممتلكات تونس وسعيا لتثبيت متطلّباته، تمّ تكريس ملامحه ضمن النصوص التشريعية التي نعمل عليها لا سيّما مشروع مجلّة أملاك الدولة، من خلال تضمينه عدد من المقتضيات ذات الصلة".

ومضى يضيف "لئن ستُمكّن أعمال الجرد والتقييم من إقامة موازنات الدولة وقوائمها المالية وفق النظام المحاسبي الجديد، فإنّها ستمكّن أيضا وزارة أملاك الدولة والشؤون العقّارية من إصلاح سجلاّت ضبط أملاك الدولة من خلال تحيين معطياتها وتطهيرها، بما يكسبها الجدوى والسيطرة على هذه الأملاك واستعادة حوكمة التصرّف فيها بما يدعم المردودية في التصرف فيها وإدارتها والشفافية في إجراءاتها والمساواة في الاستعمال والانتفاع بها".

جرد 71 ألف هكتار من العقارات

أسفر البرنامج الوطني لجرد وتقييم الأصول المادية الثابتة للدولة عن جرد، إلى حد الآن، 71 ألف هكتار من العقارات تقدّر قيمتها الجملية بحوالي 4 مليار دينار. وأوضح وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية، محمد الرقيق، خلال ندوة دولية نظمتها الوزارة، خصّصت لمنظومة التصرف في الرصيد العقاري، أن 80 في المئة من العقارات الدولية، التّي تمّ حصرها هي أراضي فلاحية.

وأضاف "عندما نتمكن من جرد كافة ممتلكات الدولة سيتم توظيفها بشكل جيّد وإدراجها في سجلات مكتوبة ورقمية ومن ثمّة إعداد قاعدة بيانات في هذا الشأن ستوضع على ذمّة المستثمرين". وختم الرقيق مداخلته بالتأكيد على، أنه يمكن للمستثمر النفاذ إلى قاعدة البيانات حتى يتعرف على العقارات، التّي تملكها الدولة، ويتقدم بطلب استغلال عقار سواء كان ذلك بالكراء أو بالشراكة أو عن طريق اللزمة أوغيرها.

مهدي الزغلامي

تم النشر في 24/02/2023