version française ilboursa

تونس الأولى إفريقيا في منتوجات الفلاحة البيولوجية لكن صفر ترويج في السوق المحلية

المتجول في اغلب أسواق التفصيل بتونس وخاصة المساحات والفضاءات التجارية الكبرى يلاحظ بالتأكيد الغياب الواضح للمنتوجات البيولوجية  أو حتى إحداث علامة مميزة لهذا المنتوج الهام الصحي ولسليم.

في الوقت الذي يتعاظم الاهتمام وخاصة الإقبال على المنتوجات البيولوجية ولا سيما الفلاحية منها ومدى مردودية توفيرها يكاد هذا المنتوج في تونس يكون منعدما باستثناء منتوجين اثنين وهما زيت الزيتون والتمور.

وعلى الرغم من أن تونس التي أقرت إستراتيجية وطنية للنهوض بالفلاحة البيولوجية منذ عقدين تقريبا حققت نتائج جد محترمة على الصعيدين العربي والإفريقي في المساحات وكميات الإنتاج، غير انه لم تقع المواكبة على مستوى الترويج في السوق المحلية بغياب لافت لهذا الصنف من المنتوج.

وتبرز المعطيات المستقاة من وزارة الفلاحة  انه وبالرغم من الحداثة النسبية لقطاع الفلاحة البيولوجية ،فقد شهد القطاع تطورا ملحوظا خاصة خلال السنوات الأخيرة حيث بلغت المساحات حوالي 325 ألف هكتار سنة 2019 أي بمضاعفة قدرها 20 مرة وذلك مقارنة بإحصائيات سنة 2000. 

و تحتل تونس المرتبة الأولى إفريقيا والمرتبة 23 عالميا على مستوى المساحات البيولوجية إلى جانب بلوغها للمرتبة الأولى عالميا على مستوى مساحة الزيتون البيولوجي والتي بلغت حوالي 251 ألف هكتار سنة 2019.

وتطور عدد المتدخلين في قطاع الفلاحة البيولوجية (منتجين ومحولين ومصدرين) من 294 سنة 2000 إلى 7190 سنة 2019.

غياب ثقافة استهلاكية

يقول رئيس الغرفة الوطنية للمساحات التجارية الكبرى الهادي باكور في تصريح لموقع "البورصة عربي"انه ليس هناك ثقافة استهلاكية كبيرة من التونسيين في اقتناء المنتوجات البيولوجية على الرغم من أن المساحات التجارية تطلب من المزودين الحصول على هذا النوع من المنتوجات .

كما اقر بان السوق التونسية لا توفر العديد من المنتوجات البيولوجية لتنويع العرض والاقتصار فقط على التمور وزيت لزيتون مبرزا أن أسعار المنتوجات البيولوجية الأخرى لا تزال باهظة نسبيا وصعبة المنال على التونسي مضيفا انحسار وجود بعض المنتوجات في تونس العاصمة وكميات قليلة جدا.

ولفت إلى أن جل المنتجين التونسيين الناشطين في المجال يحبذون ترويج منتوجاتهم في الأسواق الخارجية لأنها ذات قيمة مضافة عالية على مستوى الربحية وان الأسواق الخارجية تطلب هذا الصنف من المنتوج الفلاحي الذي يراعي العديد من الجوانب البيئية والصحية وعدم استعمال المبيدات الكيميائية.

وأفاد الهادي باكور، أن شريحة جد ضئيلة من التونسيين تطلب المنتوجات البيولوجية وهو ما يجعل عدم توفر كميات كبيرة منها في المساحات وبقية الأسواق التونسية. ونفى إمكانية انجاز عمليات نموذجية في الفضاءات والمساحات التجارية الكبرى للتعريف بالمنتوجات البيولوجية.

 قلة توفر المنتوج وعدم انتظام تواتره

ووفق المعطيات المستقاة من وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري فان عدم توفر المنتجات البيولوجية بالكميات المطلوبة في الأسواق وفي المساحات الكبرى يعود بالأساس إلى قلة توفر المنتوج وعدم انتظام تواتره وخاصة منها إنتاج الخضر والغلال.

كما  أن المنتجات البيولوجية مرتكز بالخصوص على زيت الزيتون والتمور والموجهة أغلبها للتصدير و أن وزارة الفلاحة وتنفيذا لمخطط التنمية للفترة 2020/2025 ،ستعمل على تطوير السوق الداخلية لهذه المنتجات.

وتم منذ سنة 2016 ضبط رؤية مستقبلية لتطوير هذا  القطاع  في أفق سنة 2030 وذلك من خلال إرساء أنموذج تونسي للفلاحة البيولوجية مدعوم بحوكمة أفضل للقطاع.

وتهدف  هذه الرؤية بالأساس إلى المساهمة في تنشيط وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال تنمية وتثمين هذا القطاع وذلك بتنمية منظوماته وإحداث مناطق نموذجية مختصة في الفلاحة البيولوجية وخلق مسالك سياحية بيولوجية بمختلف الجهات.

قطاع واعد و يعاني من الصعوبات 

وتظهر ذات المعطيات في المقابل انه وبالرغم من هذه الأفاق الواعدة والميزات التفاضلية للقطاع فإن العديد من العوامل تحول دون تطوره على أوسع نطاق من أهمها ضعف درجة الوعي واهتمام المستهلك التونسي بالجانب البيئي والسلامة الصحية للأغذية و ارتفاع تكاليف المراقبة والتصديق في الفلاحة البيولوجية لعدم توفر مخابر معتمدة في مجال تحليل الرواسب والكائنات المحورة جينيا .

و من بين العوامل التي تحول دون تطور الفلاحة البيولوجية في تونس أيضا ، عدم ملاءمة أولويات البحث والتجديد مع متطلبات وبرامج القطاع قصد تطويره و محدودية فرص التحول السريع إلى النمط البيولوجي الراجع إلى الاستعمال المكثف للمواد الكيميائية المصنعة لدى العديد من الفلاحين وتدني نسبة خصوبة التربة إلى جانب محدودية السوق المحلية للمنتجات البيولوجية.    

مهدي الزغلامي 

تم النشر في 02/03/2021