مع انحسار موارد البلاد بسبب الاحتجاجات الاجتماعية وتداعيات فيروس كورونا المستجدّ على الحركة الاقتصادية، تأمل الحكومة التونسية أن تساهم مشاريعها الكبرى في تحقيق نسبة نمو أفضل خلال هذه السنة.
و يأتي حقل "نوارة " بصحراء ولاية تطاوين ، جنوب شرق البلاد، كأحد المشروعات المهمة التي تعول عليها حكومة هشام المشيشي لمضاعفة إنتاجها من الغاز الطبيعي والحد من العجز في إمدادات الطاقة في ظلّ التراجع المنتظر لنفقات دعم المحروقات سنة 2021 بحوالي 1.500 مليون دينار.
و ينجز المشروع بالشراكة بين شركة "أو إم في " النمساوية و المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، باستثمارات تبلغ نحو 3.5 مليار دينار. و تبلغ طاقة المشروع الإنتاجية 2.7 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا، ما يمثل 50% من الإنتاج الوطني للغاز.
و يسهم الحقل حاليا ب16.000 برميل مكافئ للنفط يوميا ؛ وسيمكن من خفض عجز الطاقة بنسبة 20%، وتخفيف العجز التجاري بنسبة 7%، وفق تصريحات حكومية.
بارقة أمل لآقتصاد منهك
أكد مدير إدارة المشاريع والتطوير بالمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية ، منجي النعيري، أنّ الحكومة التونسية حريصة على توفير مقوّمات إنجاح هذا المشروع الاستراتيجي بسبب دوره المحوريّ في تأمين الاستدامة الطاقيّة للبلاد والحدّ من توريد الغاز من الأسواق الخارجيّة.
و شدّد النعيري ، في تصريح لموقع " البورصة"، على أنّ تقليص العجز الطاقي “سينعكس إيجابا على عدد من المؤسسات الحكومية المتداخلة في قطاع المحروقات على غرار الشركة التونسية للكهرباء والغاز التي ستقلّص من استيراد الغاز من الجزائر و الذي يستنزف العملة الصعبة للدولة.
و تواجه ميزانية تونس لسنة 2021 - التي تحتاج قروضاً بنحو 19.5 مليار دينار- خطر الارتفاع المستمر لأسعار النفط في الأسواق العالمية و تجاوزه للسعر المرجعي للبرميل الذي بُني على فرضية لا تتجاوز حدود ال45 دولاراً، في الوقت الذي تعيش في البلاد انكماشا اقتصاديا غير مسبوق ، ونسب مديونية تقترب من حاجز ال 90% من حجم الثروة المنتجة.
و تعليقا على هذه النقطة، أوضح مدير إدارة المشاريع والتطوير بالمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية أنّ ارتفاع أسعار النفط يؤثّر سلبا على نفقات دعم المحروقات و لكنه يعود بالنفع على موازنة الشركة.
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي و وزير المالية السابق ، حسين الديماسي ، أنّ الحكومة التونسية يجب أن تستغل نجاح مشروع نوارة لآستقطاب الشركات النفطية الكبرى التي أبدى عدد منها رغبته في الاستثمار في البلاد.
و أضاف الديماسي ، في تصريح لموقع " البورصة" ، أنّ الحكومة أمام فرصة مناسبة لتحسين إدارة هذا المشروع الاستراتيجي الذي تعطّل إنجازه لعدة سنوات وهو ما حرم ميزانية الدولة من مداخيل هامّة.
و أبرز ذات المصدر أنّ تدهور مناخ الاستثمار في مجال الطاقة ألقى بظلاله على رخص الاستكشاف التي انخفضت أعدادها في السنوات الأخيرة.
مراحل إنجاز المشروع
اكتُشف حقل "نوارة" سنة 2006 بعد عمليتي حفر نجم عنهما إحداث ثماني آبار ناجحة سنة 2010، لتُسند إثرها رخصة امتياز استغلال "نوارة" إلى شركة "أو أم في" النمساوية من قبل وزارة الصناعة التونسية.
و في أفريل 2012، قامت الحكومة التونسية بتحوير مكان الوحدات و مسار خط الأنابيب حتى يشمل مدينة تطاوين بصفة أحادية حسب وصف شركة ""أو أم في" النمساوية لأنّ المسار الجديد - في نظرها - من شأنه أن يجعل المشروع "أكثر تعقيدا من الناحية التقنية و غير مجد اقتصاديا".
و وافقت الحكومة على مواصلة اتباع مسار الانبوب الاصلي مع بناء وحدة معالجة الغاز بولاية قابس في فيفري 2013. و في مارس 2014، أعلنت الحكومة عزمها بناء خط فرعيّ الى مدينة تطاوين تلبية للطلب المحلي من الغاز و سعيا إلى خلق فرص شغل بالجهة.
و في فيفري 2020، أعلن رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد عن انطلاق مرحلة الإنتاج بحقل نوارة للغاز الطبيعي متوقّعا أن يرفع المشروع النمو الاقتصادي للبلاد بنحو واحد بالمائة.
أشرف الشيباني
تم النشر في 04/02/2021