version française ilboursa

انهيار قطاع السياحة يفاقم انكماش الاقتصاد التّونسي

علي بن سعيد، صاحب مشروع سياحي في شط الجريد

 

أبرزت إحصائيات  رسمية نشرت الشهر الماضي، أن إيرادات قطاع السياحة في تونس انخفضت بحوالي 65 %، كما تقلّص عدد السيّاح بنسبة 78 % في 2020 في ضربة موجعة لاقتصاد البلاد بسبب تأثيرات جائحة فيروس كورونا. وأظهرت بيانات للبنك المركزي أن عائدات السياحة - التي تساهم بنسبة 8 % من الناتج المحلي الخام - تراجعت إلى ملياري دينار مقابل 5.68 مليارات دينار في العام الماضي.

وفي أكتوبر الماضي، قال وزير السياحة ،الحبيب عمار، خلال جلسة برلمانيّة خُصصت للحوار مع عدد من أعضاء الحكومة حول الوضع العام بالبلاد : "هذه الأزمة (فيروس كورونا) كان لها انعكاس مباشر على سوق العمل.. حيث خسرنا قرابة 50 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاع السياحة، ما يمثل 13% من مواطن الشغل الإجمالية للقطاع".

و توفّر السياحة ما يقارب 400 ألف فرصة عمل مباشر وغير مباشر، وحوالي مليون فرصة عمل في علاقة بالقطاع السياحي كما تعدّ واحدة من أبرز ثلاثة مصادر للعملة الصعبة في البلاد.

و أكّد مهنيون تحدثوا لموقع " البورصة " أنّ صناعة السياحة توقّفت بصفة شبه كليّة منذ مارس 2020 و أنّ القطاع سجّل أعلى نسبة بطالة خلال فترة انتشار الفيروس التّاجي.

و قال مدير عام نزل لايكو تونس، وسام السويفي، أنّ أزمة فيروس كورونا ألقت بظلال قاتمة على قطاع السياحة الذي هوت إيراداته بصفة كبيرة خلال سنة 2020، مرجّحا أن تتواصل الأزمة خلال هذه السنة بسبب تأخّر وصول اللقاحات و غياب استراتيجيّة واضحة لإنقاذ الموسم السياحي.

وأضاف السويفي ، في تصريح لموقع " البورصة" ، أنّ تداعيات الجائحة أجبرت نزله على خفض عدد العملة من 450 إلى 220 فقط، وأرغمت 80 % من النزل الشاطئيّة على إغلاق أبوابها  بعد أن  تكبّدت خسائر فادحة.

و بيّن ذات المصدر أنّ الإجراءات الحكوميّة لم تكن كافية  لتخفيف حدّة  الضرر الذي  لحق بهذا القطاع الحيويّ ، خصوصا أنّ المهنيين واجهوا الأزمة الأشد وطأة منذ عقود.

و أعلنت حكومة إلياس الفخفاخ (27 فيفري 2020- 2 سبتمبر 2020) في شهر أفريل 2020، عن جملة من الإجراءات لإنعاش القطاع السياحي، على غرار تخصيص ضمان ب500 مليون دينار من أصل مبلغ قيمته 1.500 مليون دينار لمنح قروض استثنائية لتمويل المؤسسات السياحية، و تأخير آجال دفع جانب من الضرائب، مشترطة أن تتضمن قائمة المنتفعين المؤسسات التي ستضمن بقاء العاملين فيها ودفع أجورهم.

و تمكّنت تونس من التعامل بنجاعة مع الموجة الأولى للجائحة و هو شجّعها على إعادة فتح الحدود نهاية شهر جوان في محاولة لضخّ جرعة أوكسجين في صناعة السياحة ، لكن تأثير القرار كان محدودا و عادت  البلاد لتسجل أرقاما قياسية في عدد المصابين بالفيروس.

و رجّح عضو المكتب التنفيذي لجامعة النّزل  المكلّف باللجنة الاقتصادية والاجتماعية ، جلال الدين الهنشيري، في تصريح صحفيّ، أن تستمر أزمة القطاع إلى النصف الثاني من عام 2021، مؤكدا أن 90 % من النزل والفنادق أوصدت أبوابها غير أنها تتجنّب الغلق النهائي لأسباب قانونية وأخرى لوجستية.

و على غرار النزل والفنادق، لم تكن المشاريع السياحيّة الصغرى بمنأى عن العاصفة بعد أن هجر السيّاح الأماكن السياحية التي تنتشر حولها محلات  الصناعات التقليدية. و إلى وقت قريب، كان علي بن سعيد يوظف ثمانية عمّال في استراحته الموجودة قبالة شطّ الجريد، لكنّه الآن يقف وحيدا بعد أن توقّف الزوّار عن ارتياد المكان.

و تابع علي في تصريح لموقع " البورصة"، أنّ الآفاق تبدو غامضة أمامه بعد أن توقّفت الرحلات إلى هذا المكان السياحيّ في إطار الإجراءات الاحترازية المشددة التي تطبقها الحكومة في مواجهة تداعيات الموجة الجديدة من فيروس كورونا. و أوضح بن سعيد أنّ امكانياته الماديّة لا تخوّل له الصمود طويلا، داعيا إلى إطلاق حزمة من الإجراءات للحفاظ على قوت صغار المهنيين.

و في السادس من فيفري الماضي ، أكد وزير السياحة الحبيب عمار بأن أزمة القطاع السياحي ستشهد انفراجا في شهر جوان المقبل، لافتا إلى أنّ  وزارته تعكف على إعداد خطة عمل لإعادة بريق القطاع السياحي ستكون جاهزة قريبا.

أشرف الشيباني 

تم النشر في 16/02/2021