version française ilboursa

المرصد التونسي للاقتصاد: تونس قد تضطر الى فقدان سيادتها الجبائية لصالح الشركات العالمية الكبرى

حذَر المرصد التونسي للاقتصاد من خطورة امضاء تونس لاتفاقية دولية في مجال الضرائب قد تكون لها عواقب وخيمة على الموارد الجبائية للبلاد وقد تضطر تونس الى اقتسام عائداتها الجبائية مع الشركات العالمية الكبرى.

واكد المرصد اليوم خلال ندوة حوارية نظمها بمناسبة قرب توقيع الدول على ما اسماه اتفاقية "الصك المتعدد الأطراف لتطبيق قاعدة الإخضاع الضريبي المزمع فتحه للإمضاء بداية من يوم 2 أكتوبر 2023.

ونبه المرصد من تداعيات هكذا امضاء بما يهدد السيادة الجبائية التونسية ويقلص من مواردها الجبائية لفائدة الدول الغنية والشركات متعددة الجنسيات. وأوصى خبراء وباحثو المرصد التونسي للاقتصاد بضرورة إيقاف تونس لهذه الاتفاقية مع الترفيع في نسبة الضريبة على الشركات لتحمي عائداتها الجبائية.

وأقروا ان تونس تتجه نحو الامضاء اتفاقية "الصك المتعدد الأطراف لتطبيق قاعدة الإخضاع الضريبي" لأنها بمعية 138 بلد أمضت على بيان ما يعرف بحل الركيزتين في سنة 2022. ولكنه الامل الوحيد القائم وفق اعتقادهم يتثمل في معارضة البرلمان في إمكانية رفضه للاتفاقي حتى ولو أمضت تونس عليها بصفة مبدئية.

وأوضحت فتحية بن سليمان باحثة في السياسات العمومية في مداخلتها ان المرصد يشتغل منذ عدة سنوات على ملف العدالة الجبائية في تونس ويحرص على اصلاح الأنظمة الجبائية في البلاد، لافتة الى انه منذ سنة 2013 انجز المرصد العديد من الدراسات والبحوث عما إذا كان النظام الجبائي عادلا من عدمه ويحقق الحد الأقصى من العائدات الجبائية

وبينت انه منذ سنة 2019 تم الشروع في التحدث في جميع دول العالم عن اصلاح القواعد الضريبية الدولية التي تتحكم فيها منذ حوالي نصف قرن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والتي بالتعاون مع مجموعة العشرين اشتغلت على مسالة "حل الركيزتين" لمجابهة تنامي الاقتصاد الرقمي للحد من تآكل الوعاء الضريبي وتحويل الأرباح.

غير انها ابرزت ان هذه الاتفاقيات التي ستنبثق عن اصلاح القواعد الضريبية الدولية لا تحمي حقوق بلدان الجنوب والدول النامية خاصة، في حماية حقها في فرض الضريبة وحقوقها من العائدات الجبائية.

وتابعت الباحثة بالتفسير في هذا الصدد ان الركيزة الأولى من حل الركيزتين ان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تلزم كل الدول بعدم فرض ضريبة على الاقتصاد الرقمي في بلدانها في المقابل يقع اقتسام جزء من أرباح كبرى الشركات الرقمية بين جميع الدول، بمعنى انه يتم فرض ضريبة عليها في بلد المنشأ وغالبا يكون بلدا غنيا في المقابل ان بقية الدول تتحصل على جزء صغير من هذه العائدات.

اما الركيزة الثانية المعروفة "بالضريبة العالمية 15 بالمائة" فتحمل بدورها إشكالية تتمثل وفق المتحدثة في ان جميع الدول محمول عليها عدم فرض ضريبة لا تقل عن 15 بالمائة.

وفي حال فرض أداء بأقل من 15 بالمائة فان الفارق بين مثلا تونس وبلد المنشأ للشركات متعددة الجنسيات فان الضريبة الفعلية في تونس تتراوح بين صفر و10 بالمائة حسب احصائيات منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي والتنمية حينها تحصل تونس على 10 بالمائة والبقية (5 بالمائة) يتم تحويله الى الشركات المتعددة الجنسيات في بلد المنشأ.

وزادت فتحية بن سليمان في توضيح خطورة الوضعية بان تونس ستصبح تقتسم عائداتها الجبائية وتفقد حقوق فرض الضريبة مع الدول الغنية التي هي اصلا في غنى عن هذه العائدات. وعن اضرار وتداعيات دخول الضريبة الدولية حيز التطبيق عن الاقتصاد التونسي، قالت المتحدثة ان تونس سوف تخسر عائدات جبائية وموارد مالية بما يؤدي الى تراجع هام للموارد الجبائية التي تمكن من تمويل القطاعات الاجتماعية.

وتعيش القواعد الضريبية الدولية منذ سنة 2019 تغيرات مهمة تتمثل أولا في اتفاقية الضريبة العالمية التي تعمل عليها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة العشرين وثانيا في مبادرة هيئة ضريبية صلب الأمم المتحدة وهي مبادرة أطلقتها المجموعة الافريقية بدعم من منظمات مجتمع مدني تعنى بمسائل العدالة الجبائية.

وتأتي هذه المبادرة كرد على اتفاقية الضريبة العالمية التي تأسس لحيف جبائي على المستوى الدولي، ومسارها الذي تغيب عنه الشفافية والديمقراطية والتداعيات المحتملة لها على العائدات الجبائية لبلدان الجنوب.   

من باب الحرص على حقوق تونس الضريبية وعائداتها الجبائية انخرط المرصد التونسي للاقتصاد في حملة المناصرة لمبادرة هيئة ضريبية صلب الأمم المتحدة من خلال اعمال بحثية وملتقيات توعوية. وتشكل أنشطة هذه الحملة فرصة قيمة لخلق نقاش عمومي جدي حول العدالة الجبائية في تونس وتسليط الضوء على الفرص والمخاطر التي يمثلها مسار الإصلاح الضريبي بالنسبة للدول ذات الدخل المنخفض عموما وتونس خصوصا. 

 م.ز

تم النشر في 12/09/2023