version française ilboursa

المدير العام لمرصد الاندماج المالي : نحو تطوير المنظومة التشريعية لتحسين الخدمات البنكية وتقييم خطة الموفق الصرفي

كشف المدير العام لمرصد الاندماج المالي جمال بن يعقوب أن المرصد يعتزم القيام بدراسة المنظومة التشريعية لحماية مستهلكي الخدمات المالية على أساس مزيد تطويرها وتكريسها على المستوى العملي. كما أفاد في حوار مع موقع "البورصة عربي ، أن المرصد سيعمل على متابعة جودة الخدمات المالية ويعتزم في هذا الإطار برمجة إعداد دراسة ميدانية لقياس درجة رضا الحرفاء على الخدمات المالية  مع تقييم خطة الموفق المصرفي.

هل من فكرة عن المرصد وأهدافه ودوره في المنظومة المالية والمصرفية في تونس؟

أحدث مرصد الاندماج المالي بمقتضى قانون البنك المركزي التونسي عدد 35 لسنة 2016 على قاعدة توسيع مهام مرصد الخدمات البنكية المحدث سنة 2006. ويهتم بجمع البيانات والمعلومات المتعلقة بالنفاذ إلى الخدمات المالية ومتابعة جودتها التي تسديها المؤسسات الناشطة في القطاع المالي.

كما يهتم بوضع مؤشرات كمية ونوعية لقياس تكلفة الخدمات المالية ومدى استجابتها لحاجيات الحرفاء. ويقوم المرصد كقوة اقتراح بمساعدة الحكومة في وضع السياسات والبرامج للنهوض بمجال الاندماج المالي وفي هذا السياق أوكل له القيام بدراسات حول الخدمات المالية وجودتها وتنظيم استشارات قطاعية في الغرض

ومن مهام المرصد أيضا انه منير للساحة المالية بما ينشره من مؤشرات حول الخدمات المالية وطرق النفاذ اليها بتقديم معلومة مبسطة وسهلة الفهم لمستهلكي الخدمات المالية. وفي هذا الإطار أوكل له أن يصدر توصيات لجميع الناشطين في القطاع المالي لتحسين النفاذ للخدمات المالية.

ويتبين من خلال هذه المهام أن النموذج الاقتصادي لمرصد الاندماج المالي يقوم على ثلاث دعامات أولاها أن يكون عبارة عن مخبر للدراسات وللبحوث حول الخدمات المالية وهذه الدراسات ستكون في اغلبها ميدانية وثانيها تولى المرصد جمع المعطيات والمعلومات لتقديم تقارير ومؤشرات كمية ونوعية للسوق وللفاعلين سواء سلط تعديلية أو مسدي الخدمات المالية أو السلط العمومية المكلفة بوضع السياسات العامة للقطاع المالي. أما ثالث الدعامات فهو نشر الثقافة المالية التي تمكن من استهلاك خدمات مالية بمسؤولية ووعي.

ويقوم المرصد بهذه المهن الثلاث بتأطير وإشراف ورقابة من مجلس المرصد الذي يضم جميع الأطراف المعنية بالإدماج المالي والذي يرأسه محافظ البنك المركزي ويسانده في ذلك مجلس علمي يقدم له الاستشارة الفنية والتقنية حيث يضم أطرافا مختصة في الدراسات والبحوث والإحصاء وبالشراكة مع جميع الأطراف المكونة للمنظومة المالية والهياكل العمومية والخاصة المعنية بالإدماج الاقتصادي والمالي.

ووجب التأكيد بأن الغاية النهائية تظل على المساهمة الناجعة في توفير خدمات مالية في متناول جميع فئات المجتمع لا سيما الضعيفة منه لتحسين شروط عيشها وفي خدمة الاقتصاد الوطني لأجل تحقيق نمو مدمج لكل الشرائح والجهات باستخدام أمثل للوساطة المالية.

لقد ركزت كثيرا في تعريفك بالمرصد على أهمية الخدمات المالية والحال أن الخدمات البنكية والمالية في تونس أضحت تشكل مصدرا للتذمر من التونسيين، ما هو موقفك من هذه المسالة ؟

الانطباع العام أن الخدمات المالية والبنكية في تونس غير مرضية ولكن هذا الانطباع في نظري يحتاج إلى قياس علمي للوصول إلى معرفة دقيقة لدرجة رضا الحرفاء عن طبيعة هذه الخدمات حسب العمليات وسلم تقييمي قادر على الإحاطة بتصنيفها يمكن من معرفة مواطن الضعف والقوة.

والخدمات المالية متعددة ومتنوعة من خدمات الدفع أي فتح الحسابات وإدارة وسائل الدفع (الشيكات والتحويلات البنكية والبطاقات البنكية)وخدمات الوساطة المالية من الحصول على القروض وتقديم خدمات الادخار والودائع ووجب بالتالي تحديد متطلبات الجودة لكل منها والتي يجب أن تتوفر فيها وذلك بغاية الوصول إلى درجة مقبولة من إرضاء الحرفاء.

ما هو ريكم صراحة في جودة الخدمات البنكية؟

صراحة ومن خلال ممارسة النشاط المالي ومن خلال معرفتي بالمجال، ليس هناك رضا كبير عن الخدمات وتحتاج إلى تحسين وسنعمل على أن يكون هذا التحسين شاملا لمتطلبات الجودة عبر ضمان الشفافية في تقديم المعلومة للحرفاء من ذلك مثلا أن الشخص الذي يفتح حساب بنكي على البنوك أن تمده بمعلومات دورية ومفهومة عن حركة هذا الحساب ومنها الكشف الشهري حسب أنموذج يسهل فهمه وبشكل يمكنه من تحديد للعمولات البنكية التي تم خصمها وطبيعة العمليات التي تم القيام بها.

وسنعمل على أن تكون كشوفات الحسابات واضحة وسهلة الفهم لمختلف الحرفاء وان تكون العلاقة التعاقدية بين البنك والحريف مبنية على الوضوح والشفافية في تقديم المعلومات.

وفي حال حصول إشكاليات أو عدم رضا عن الخدمات البنكية لا بد أن تكون هناك قنوات وإجراءات لتقبل الشكاوى ومعالجتها معلومة وواضحة ومعروفة لدى الحرفاء وعلى البنوك دراسة هذه الشكاوى في آجال معقولة واتخاذ القرارات الصائبة بشأنها وإجابة الحرفاء وباختصار ايلاء الأهمية القصوى لهذا الجانب من العلاقة بغية استدامتها والحفاظ عليها بدل تركها للذهاب للقنوات المالية الموازية. 

يوجد فعليا هيكل يسمى الموفق المصرفي تم إحداثه منذ عدة سنوات لكنه لم يقم بدوره على أكمل وجه؟

تم منذ 2006 إلزام البنوك التجارية التونسية على إحداث خطة الموفق البنكي يتولى إيجاد الحلول وفض النزاعات بين الحرفاء والبنوك المتعاملين معها

والان نحن بصدد تقييم التجربة التي يبدو وأنها كانت محدودة في نجاعتها وفاعليتها ومما يمكن ملاحظته بأن هذه الآلية لا تزال مجهولة من قبل قطاع عريض من الحرفاء وقد مثل عدم الدراية بهذه الآلية لدراسة الشكاوى ومعالجتها قد أثر على الصورة التي يحملها الحرفاء عن البنوك من زاوية عد الاهتمام بالإشكاليات التي تحدث لهم ولابد من تحديد الطرق والوسائل الكفيلة بتطوير نجاعة هذه الآلية حتى تكون ذراع مهم لتحسين جودة الخدمات البنكية.

 علما وأن عديد التجارب البنكية العالمية تعتمد آلية الموفق البنكي كميزة تجارية ضمن سياسة تثبيت الحرفاء لديه للحفاظ على العلاقة عندما يشوبها بعض التوتر أو الخلاف وتجنب خسارتها إما بالقطع والذهاب للمنافسة أو خفض التعامل وحصره في معاملات بسيطة لا تحقق القيمة للبنك.

يفهم من تصريحك أن المرصد ومن خلاله البنك المركزي غير راض عن أداء عن خطة الموفق البنكي الموجود لدى مختلف البنوك التونسية؟

وجب التوضيح انه ستقع تقييم لعمل الموفق البنكي منذ إحداثه علما وان الرصد في مرحلته الأولية كان ويتابع سنويا الخدمات التي يسديها الموفقين البنكيين إلى جانب الالتزام بنشر تقرير سنوي يصدره المرصد (لما كانت تسميته مرصد الخدمات المالية قبل 2016) حول عمل الموفق البنكي.

وفي إطار توسيع تجربة التوفيق المصرفي سنسعى إلى التوصية بالاستفادة من تجربة الموفق البنكي وتعميمها إلى مؤسسات التامين وقطاع القروض الصغرى.

انعقد يوم 15 مارس 2021 الاجتماع الأول لمجلس مرصد بإشراف محافظ البنك المركزي الذي شدد على ضرورة حماية مستهلكي الخدمات المالية، هل لك أن توضح هذه المسالة؟

بداية لا بد من التنويه بالمناخ الايجابي الذي دار فيه هذا الاجتماع برئاسة السيد محافظ البنك المركزي و جميع الأعضاء حيث وقفت  على إرادة الجميع في التعاون و التضامن و العمل المشترك لدفع الاندماج المالي و الدور الفاعل الذي يمكن أن يلعبه المرصد في هذا المجال أما  بخصوص حماية مستهلكي الخدمات المالية.

 فالتجربة العالمية تؤكد أن  حماية المستهلكي أصبحت من أولويات السلط الرقابية للقطاع المالي  وان حماية مستهلكي الخدمات المالية تعتمد على عدة آليات منها توفير المعلومة الواضحة والدقيقة و السهلة و اعتماد السرعة و السلامة في الانجاز  و توفير المتابعة لما بعد الانجاز في حال حدوث إشكالات حيث يمكن ذلك من تكوين  علاقة بين الطرفين مبنية على الثقة والتفاهم وان الإشكاليات التي يمكن أن تقع فان الحماية تستدعي وجود آليات لفض الإشكاليات بشكل ودي وترضي الحريف عل أساس الاحتواء التجاري الذي يخدم مصلحة الحريف أولا بموضوعية و نزاهة و تجرد.

ووجب التأكيد في هذا الإطار على وجود تشريعات ملزمة للبنوك ولقطاع التامين وقطاعات إسناد القروض الصغرى على توفير المعلومة الدقيقة والصحيحة والحرص على انجاز المعاملات في كنف الشفافية ومراعاة مصلحة الحريف.

ما هي إستراتيجية عمل المرصد لمزيد تطوير الخدمات المالية والبنكية في تونس؟

سنقوم قريبا على مستوى المرصد بدراسة المنظومة التشريعية المؤطرة للخدمات المالية من زاوية حماية مستهلكي الخدمات المالية للوقوف على مدى تضمنها للقواعد والإجراءات الضامنة لحماية الحرفاء وبالتالي التقدم بتوصيات لتطوير المنظومة التشريعية للخدمات البنكية لمزيد توفير الضمانات القانونية لمستهلكي الخدمات المالية الكفيلة بالحفاظ على مصالحهم وحمايتهم من كل الخروقات التي قد تحدث.

كما سنسعى إلى برمجة إعداد دراسات ميدانية أخرى لقياس درجة الرضا على الخدمات المالية يشكل علمي وموضوعي في كل العمليات التي تشملها وذلك بالتعاون مع شركاء المرصد من المعهد الوطني للإحصاء إلى الهياكل المهنية والهياكل العمومية البحثية.

وسيحرص المرصد ضمن المسارات التي يشتغل عليها لدفع الاندماج المالي والمساعدة على النهوض برقمنة الخدمات المالية وندعو الدولة بان تكون القاطرة في مجال النهوض بالرقمنة عبر رقمنة الدفوعات المتعلقة بالخدمات العمومية والساحة المالية مدعوة كذلك باستغلال الإمكانات التي تتيحها التكنولوجيات الحديثة لتحسين الخدمات المالية في ما يخص تامين المعاملات المالية والتقليص من استعمال التداول النقدي للأموال.

والرهان على رقمنة الخدمات المالية هو رهان وطني للمرور إلى اقتصاد مهيكل ماليا تضطلع فيه الوساطة المالية بدور مركزي ومحوري في استقطاب السيولة النقدية وتوجيهها نحو تمويل الاقتصاد والهدف هو الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الشرائح والفئات في كل الجهات لاستقطاب معاملاتهم مهما كان صغرها دفعا وادخارا وتمويلا استناد إلى خدمات تستجيب لحاجياتهم بكلفة معقولة.

مهدي الزغلامي

تم النشر في 25/03/2021