امام الضغوطات الطاقية التي أضحت مفروضة على تونس المتمثلة أساسا في تفاقم عجر الميزان الطاقي الذي أرهق ميزانية الدولة بارتفاع فاتورة توريد المواد الطاقية بالعملة الصعبة، تعددت البرامج والاليات التي انتهجتها تونس في السنوات الأخيرة من اجل تقليص فاتورة الطاقة المتضخمة.
ومن ضمن البرامج الجديدة المعان عنها مؤخرا السماح للمؤسسات والمنشات العمومية التونسية بإنتاج الطاقة الكهربائية انطلاقا من الطاقات المتجددة عبر تركيز اللاقطات الفلطاضوئية بما يساعدها على التخفيف من استهلاكها للكهرباء وفق الأنظمة الكلاسيكية.
وفي هذا الاطار اعلن المدير العام للوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، فتحي الحنشي، ان تركيز هذا البرنامج من شانه المساهمة في التخفيض من الاستهلاك الطاقي بنسبة 20 بالمائة بهذه المنشات والهياكل العمومية. وأفاد أن تونس تستهدف تركيز30 ميغاواط من الطاقات المتجددة خلال الأربع سنوات القادمة (2021/2024) بالمنشات والوزارات العمومية قصد مساعدتها على التخفيض في الفاتورة الطاقية.
وأكد خلال ندوة حول برنامج الانتقال الطاقي في المنشآت العمومية نظمتها وزارة الصناعة والطاقة والمناجم بالتعاون مع الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة ان برنامج الانتقال الطاقي في المنشات العمومية يتضمن أساسا مشروعين، الأول يتضمن تركيز أنظمة لإنتاج الكهرباء من الطاقات الشمسية الفوطوضوئية في الوزارات والهياكل العمومية والثاني يتعلق بالنجاعة الطاقية.
وبين أن كلفة هذا البرنامج ستبلغ 200 مليون دينار منها 160 مليون دينار قرض من البنك الألماني للتنمية و40 مليون دينار مساهمة من صندوق الانتقال الطاقي والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة.
وستقدم الوكالة الإحاطة الفنية للمؤسسات والمنشات العمومية بمساندة من البنك الألماني للتنمية في كافة مراحل تنفيذ الاستثمارات انطلاقا من المرحلة الأولى (الدراسات الأولية) إلى غاية القبول النهائي للتجهيزات والاستغلال. وسيتم تنفيذ هذا البرنامج في المباني العمومية التي هي على ملك الوزارات والمنشآت العمومية ذات صبغة إدارية والمنشآت العمومية ذات صبغة غير إدارية.
ولبلوغ هذه الأهداف وتحقيق الانتقال الطاقي المنشود كان من الضروري تطوير المنظومات المؤسساتية والقانونية والمالية وتحديثها لتواجه التحديات التي تفرضها المرحلة القادمة. وقد صادقت تونس في سنة 2017 على قانون انتاج الكهرباء بواسطة الطاقات المتجددة الذي لقي معارضة شديدة من نقابات الشركة التونسية للكهرباء والغاز (الستاغ) التي رات ان هذا القانون يعد مدخلا للتفويت في الشركة وتخصيص مجال انتاج الكهرباء الذي ظل حكرا على الستاغ.
وبالمقابل تعتبر الحكومة ان تطوير الآلية القانونية المتعلقة بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة مكّنت من إحداث ديناميكية في ميدان الاستثمار في هذا المجال والمساعدة على بلوغ الأهداف المرسومة. ويأتي برنامج الانتقال الطاقي في المنشآت العمومية لتفعيل دور القطاع العمومي في تنفيذ الاستراتيجية الطاقية الوطنية وتنزيله على أرض الواقع.
وشهدت تونس خلال العقود الثلاثة الأخيرة تطورات كبيرة في المشهد الطاقي الوطني احدثت تغيرا جذريا في وضعيتها الطاقية، من بلد مصدّر تساهم الطاقة بشكل كبير في نموّه الاقتصادي إلى بلد مورّد تشكّل الطاقة عبئا كبيرا على ميزانها التجاري وموازناته المالية.
وتتمثل الوضعية الطاقية الجديدة في تفاقم العجز الطاقي الذي تم تسجيله منذ سنة 2000 والذي بلغ سنة 2020 قرابة 5,2 مليون طن مكافئ نفط وهو ما يمثّل 47% من إجمالي استهلاك الطاقة لنفس السنة. ويرجع هذا بالأساس إلى تقلّص الموارد الوطنيّة من النفط والغاز بصفة ملحوظة وتسجيل تزايد في الطلب على الطاقة الأوّليّة.
وعلى مدى العشر سنوات الماضية تجاوزت المبالغ المرصودة لدعم مختلف المنتجات الطاقية الـ18 مليار دينار وهو ما شكّل أعباء كبرى على ميزانية الدولة وضغوطات متناهية على المالية العمومية
مهدي الزغلامي
تم النشر في 12/04/2021