version française ilboursa

الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية تراكم خسائر مالية بنحو 900 مليون دينار

راكمت الشركة الوطنية للسكك الحديدة التونسية (عمومية) خسائر مالية قاربت 900 مليون دينار لتعكس بالتالي الوضعية المالية الحرجة التي تعاني منها جل المؤسسات العمومية في البلاد في السنوات الأخيرة.

ووفق مخرجات جلسة عمل حكومية خصصت للنظر في وضعية هذه الشركة فقد أظهرت البيانات المالية انه من المحتمل أن تبلغ الخسائر المالية المتراكمة 900 مليون دينار موفّى سنة 2021 ليتفاقم بالتالي العجز المالي للشركة الذي وصل الى 788 مليون دينار موفى 2020

وتجدر الإشارة الى ان بوادر اختلال التوازنات المالية بدأت تظهر خلال الفترة 2007-2010. وتبعا لتدهور النشاط ورقم المعاملات، شهدت نتائج الاستغلال انخفاضا متواصلا، مقابل ارتفاع متواصل للأعباء المالية، جراء القيام باستثمارات في المعدات لم تحقق الإنتاجية المرجوة.

وقد أدت الوضعية الماليّة الحرجة إلى اللجوء إلى المكشوف البنكي كخيار حتمي (حاليا 10 م.د، مقابل 9 م.د السقف المسموح به ومن المتوقع أنه قد وصل إلى 18 م.د موفّى أفريل 2022)، وذلك لتمكين الشركة من الإيفاء بالتزاماتها المتعددة، خاصّة العاجلة منها وقصيرة المدى.

الى ذلك ارتفاع مديونية الشركة، حيث بلغت ديونها تجاه مختلف الهياكل والمزودين في موفّى شهر أفريل 2022 ما قيمته 423 مليون دينار. ومن المنتظر ان تبلغ خدمة الدّين خلال الفترة 2022-2026 ما قيمته 397.8 مليون دينار

كما بلغ مجموع قروض الخزينة خلال سنتي 2020 و2021 ما قيمته 52,5 م.د توجهت أساسا لخلاص آجال القروض مما أثقل كاهل الشركة بارتفاع خدمة الدّين. وتفاعلا مع وضعية الشركة اكد ربيع المجيدي، وزير النقل، أن وضعية الشركة تتطلب عقد عدة جلسات وزارية لمعالجتها وضبط الرؤى المستقبلية للشركات النقل الوطنية عموما.

وأبرز ضرورة توفير الإمكانيات اللازمة لتوفير المعدات وذلك لمواصلة تأمين نشاط نقل الفسفاط، من جهة، وتجنّب الحوادث، من جهة أخرى. وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة، على غرار توفير 300 قاطرة لنقل الفسفاط، خاصة أنه يتم استعمال وسائل بدائية لصيانة المعدات والتي لا يمكن أن يتواصل استغلالها ما بعد سنة 2025، إلى جانب عدم مطابقة مواصفات القاطرات الجديدة مع السكة الحالية.

وأشار إلى وجود إشكال في منظومة الحماية الحالية خاصة في ظل غياب المعدات اللازمة لذلك، ما أدّى إلى تكرر حوادث سرقة المعدات بالمستودعات بصفة تكاد تكون يومية بسبب غياب معدات المراقبة الملائمة ما يدعو إلى استعمال طائرات الـ drone بالمستودعات الكبيرة التي تمتد على مساحات شاسعة أو بالخطوط البعيدة.

وأكد على ضرورة إيجاد حل للخط 13، خاصة في ظل وجود اتفاق نقل 7 آلاف طن مع شركة فسفاط قفصة، يمكن أن يبلغ 12 ألف طن يوميا. وشدد سمير سعيّد وزير الاقتصاد والتخطيط، على أنّ ّ الدولة لا يمكنها مواصلة تحمّل خسائر الشركة، بل يقتصر دورها في هذا المجال على الجانب الاجتماعي، متسائلا عن مدى قدرة الشركة على معالجة وضعيتها بمفردها وبيان الأسباب التي قد تحول دون ذلك.

وأشار إلى أنّ الشركة راكمت خسائر في حدود 900 م.د منذ سنة 2010 دون احتساب الفوائض، مستفسرا عن مدى إمكانية خلاص هذه الديون، خاصة أن الفائدة بالسوق الخارجية تصل إلى 15 بالمائة ما يحول دون إمكانية إسناد ضمان الدولة في مثل هذه الوضعية.

ومن جانبها أفادت سهام البوغديري نمصية، وزيرة المالية، بأنّ ملف معالجة وضعية المنشآت العمومية يندرج في إطار الإصلاحات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وأكّدت على أنّ الحلول الحينية المتمثلة في طلبات من قبيل "ضخ اعتمادات – تخلي عن ديون -التكفل بسداد أخرى... " لا تتضمن أيّة نظرة إصلاحية، ما يدعو إلى إعداد برنامج إعادة هيكلة كفيل بالخروج من التراكمات السلبية.

ولاحظت أنّ الدولة تتولى مرافقة كافة المنشآت العمومية التي تمرّ بصعوبات هيكلية، إلاّ أن ذلك لا يعتبر حلاّ جذريا، من ذلك الاعتمادات بقيمة 70 م.د التي تم رصدها في سنة 2022 للشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية، مشيرة إلى تفاعل الدولة مع الضمانات المطلوبة من الشركة، حيث تدخلت الدولة لفائدتها في شهر مارس 2022 لاستخلاص 40 م.د من شركة فسفاط قفصة.

وبينت نائلة نويرة القنجي، وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة، أنه تمت إضاعة عديد الفرص لإنقاذ الوضعية المالية للشركة، من خلال السماح بمواصلة نقل الفسفاط عبر الشاحنات، وهو ما أثّر اقتصاديا وبيئيا على حدّ السواء، ومذكّرة بأنّ نشاط نقل الفسفاط يمثل 60 بالمائة من رقم معاملات الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية.

وأشارت إلى إمكانية مراجعة تعريفة نقل الفسفاط وبناء علاقة جديدة بين الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية وشركة فسفاط فقصة والمجمع الكيميائي التونسي، ومبيّنة أنّ تهالك المعدات وعدم تجديدها وصيانتها يؤدي إلى ضياع الكميات المنقولة. وأفادت بأنه يتم التقدم في حلحلة الإشكالية المطروحة بخصوص توقف الخط 13.

وأكّدت على ضبط رؤية استراتيجية لقطاع النقل عموما تقوم على ترشيد الاستهلاك ووضع شبكة جديدة ملائمة للوضع الحالي، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الطاقة، ومقترحة إعداد عملية محاكاة لنتيجة الترفيع في التعريفات. وكشفت أنّ صندوق الإنماء السعودي أبدى موافقته على برنامج إعادة تأهيل معدّات الشركة.

مهدي الزغلامي 

تم النشر في 01/08/2022