version française ilboursa

الرئيس المدير العام للديوان التونسي للتجارة: خسائر متراكمة ب400 مليون دينار ولا خيار الا الترفيع في أسعار بعض المنتوجات

 

كشف الياس بن عامر الرئيس المدير العام للديوان التونسي للتجارة بان الديوان يعاني من خسائر مالية متراكمة منذ سنة 2012 بقيمة 400 مليون دينار جراء اقتناء منتوجات السكر والشاي والأرز والقهوة وبيعها بأقل ثمنها.

اعتبر الياس بن عامر الرئيس المدير العام للديوان التونسي للتجارة في حوار مع "البورصة عربي" ان الحل في معالجة جزء صغير من هذه المديونية، هو الترفيع في أسعار بعض المنتوجات التي يختص في توريدها لفائدة الصناعيين مع المحافظة على سعرها المدعم للمواطنين. واكد ان الديوان كمنشاة عمومية (أحدث سنة 1962) لا يزال يؤدي دورا اقتصاديا واجتماعيا في تونس من خلال توفير منتوجات أساسية يحتكر توريدها وبيعها وهي القهوة والشاي والسكر والأرز وعرضها بثمان مدعمة.

هل من فكرة عن مساهمة الديوان في تزويد البلاد بالمواد الأساسية في ظل الازمة الحاصلة حاليا؟

يحتكر الديوان توريد أربعة منتوجات أساسية وهي الأرز والسكر والقهوة والشاي بتوريدها وتوزيعها بأسعار تصل الى التونسيين مدعمة غير انه لاحظنا في الأيام الفارطة ارتفاع الضغط على هذه المواد خاصة السكر والأرز.

ويوفر الديوان الكميات بصفة عادية لحرفائه وهم تجار الجملة والمساحات التجارية الكبرى وان تاجر الجملة لا يمكن ان يتزود الا من خلال جملة من الشروط والمعايير المحددة من طرف وزارة التجارة وتنمية الصادرات لتامين الشفافية والاسترسال عند الحصول على المنتوجات وضمان وصولها الى المواطن لاحقا. وبالنسبة الى نسق تزويد السوق التونسية تمكن الديوان من توفير كميات من مادة السكر في شهر فيفري الماضي بلغت 29 ألف طن مقابل 22 ألف طن في نفس الفترة من السنة الماضية بزيادة بنسبة 36 بالمائة.

وبالنسبة الى الأرز فان معدل التزويد الشهري يتراوح بين 1700 طن ووصل معدل التوزيع خلال شهر مارس الجاري الى 2500 طن. واعتاد الديوان التونسي للتجارة ان يؤمن مخزون ما بين شهر ونصف وشهرين يغطي حاجيات الاستهلاك الوطني، وعلى سبيل الذكر بلغ المخزون ليوم 22 مارس 2022 من مادة القهوة 4350 طنا متوفرة بمخازن الديوان وبيع 100 طن من القهوة يوميا (ما يقارب مخزون ب 45 يوم). وبلغ مخزون الارز 2300 طن مع بيع معدل 1700 طن شهريا علاوة وصول شحنة جديدة ب 1500 طن تصل في بحر هذا الأسبوع الى تونس.

 حسب رأيك ما هي دوافع وأسباب ما حصل من نقص على مستوى توزيع هذه المواد في السوق التونسية؟

في الواقع اجتمعت عدة أسباب أدت الى تسجيل ضغط على منتوجات السكر والأرز والمعجنات منها بالخصوص حصول نوع من التخوف والهاجس لدى التونسيين خاصة في مطلع شهر مارس إثر اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وما قد يترتب عنها من تسجيل نقص في المواد.

ووجب التأكيد على ان هذه الوضعية غير مطروحة بالمرة على تونس لان تونس لا تقتني السكر والأرز من هاتين الدولتين. كما ان التخوف من قدوم رمضان وما يرافقه من عملية لتخزين المواد الغذائية في ظل الضغط المسجل على توفر منتوجات الأرز والسكر، ساهم بشكل كبير في حصول الضغط وارتفاع الطلب.

ومن ناحية اخرى فان من دواعي الضغط الحاصل ان ديوان التجارة يقوم بتزويد الصناعيين الذين يقومون بدورهم بتكوين مخزونات من هذه المواد لغاية التصنيع المواد الغذائية وخاصة السكر لضمان سير عمل وحداتهم. ووجب الإقرار أيضا بتفاقم مظاهر الاحتكار وما يرافقها من ممارسات مخلة بقواعد الشفافية والنزاهة على غرار فرض البيع المشروط باشتراط بيع السكر مع منتوجات أخرى.

هل من فكرة عن عقود وشراءات الديوان من المواد في الأشهر القادمة؟

العقود التي أتمها الديوان التونسي للتجارة تمتد الى موفى شهر جوان القادم وان الشراءات المنجزة تأخذ بعين الاعتبار ضرورة توفر مخزونات بحوالي 45 يوما لتامين التزويد في ظروف حسنة وتجنب الضغط.

وبالنسبة الى مادة السكر يخرج الديوان على الأسواق العالمية لاقتناء مرة في الشهر السكر الأبيض (20 ألف طن) ومرة أخرى لشراء السكر الأسمر (30 ألف طن) ووضعه على ذمة الشركة التونسية للسكر بباجة لتكريره.علما وان تونس تستهلك  سنويا 360 ألف طن من السكر. ووجب التأكيد ان شراءات الديوان تتم بصفة شهرية بطريقة لتامين تغطية بأربعة أشهر على مستوى العقود المبرمة.

ما هي اهم الدول التي تقتني منها تونس السكر والقهوة والشاي والارز؟

الأمور تختلف حسب المنتوج مثلا تقتني تونس السكر عبر طلب عروض دولي أساسا من البرازيل لكن عملية الاقتناء تخضع الى مسار منظم من خلال المرور عبر شركات تجارة عالمية معروفة تتمتع بمصداقية في عملها وان المزودين الراغبين تزويد تونس يخضعون الى شروط مضبوطة ومحددة يوفرها مكتب دراسات مختص. وتقتني هذه الشركات من عند المزودين العالميين اذ تونس الأرز من تايلندا والشاي من الصين.

اجمالا يمكن الجزم بان وضعية التزويد بالمواد الأساسية سيكون متوفرا في الفترة القادمة في تونس؟

من موقعي أطمان جميع التونسيين على توفر المنتوجات من أرز وشاي وقهوة وسكر وبالكميات المطلوبة مع ضرورة عدم اللهفة لعدم ارباك السوق و ان مستويات المخزونات والتزويد لم تتغير بل تم تعزيزها في الفترة الاخيرة.

هل من فكرة عن الوضعية المالية للديوان على غرار ما تشهده بقية المنشات العمومية التونسية من صعوبات مالية كبيرة؟

يعاني الديوان التونسي للتجارة من مشاكل مالية منذ سنة 2012 إثر صعود الأسعار العالمية للمواد التي يقتنيها ما اضطر الدولة الى الحفاظ على دعم الأسعار على حساب ضخ اموال للديوان من اجل مواصلة قيامه بدوره التعديلي وتقوم الدولة بدورها الاجتماعي في دعم أسعار هذه المنتوجات التي تعد استراتيجية.

الديوان مرتبط شديد الارتباط بتطور الأسعار العالمية ويتأثر بها على مستوى توازناته المالية مثال ذلك التطور الهام في أسعار السكر المرتبط بأسعار البترول التي تتطور باستمرار لان السكر يقع تحويله الى محروقات بتصنيع مادة الإيثانول التي يقع استخدماها كوقود للسيارات وان سعرها عادة ما يكون منخفضا جدا بالمقارنة مع سع النفط.

كما ان هناك أسباب ظرفية ومناخية تؤدي الى زيادة أسعار المواد الغذائية العالمية الى جانب العوامل المتصلة بجائحة كوفيد اذ صعدت أسعار مادة السكر في الأسواق العالمية منذ نوفمبر 2021. ويشكو الديوان من خسائر متراكمة منذ سنة 2012 بقيمة 400 مليون دينار   وهو بالتالي الفارق بين السعر الحقيقي والسعر المدعم من الدولة وهو خيار اتبتعته الدولة لدعم المنتوجات بطريقة غير مباشرة. للحفاظ على المقدرة الشرائية للتونسيين.

كيف يمكن للديوان ان يجاري هذه الخسائر ويواصل نشاطه في ظل هذه الخسائر الكبيرة؟

هناك اليات على مستوى وزارة المالية للتكفل بهذه الخسائر وتأخذها الدولة على عاتقها ولكن الخسائر تظل مرسمة بالوثائق المحاسباتية للديوان. ووجب التوضيح في هذا الجانب ان هناك خيار من الدولة التونسية وليس خيار من الديوان بمواصلة دعم المواد الاستراتيجية للحفاظ على القدرة الشرائية للتونسيين من منطلق انه من الصعب في الظرف الراهن التخلي عن هذه المواد الاستراتيجية والسماح للقطاع الخاص بتوريدها والتي سيقع ترويجها بالسعر الحقيقي الامر قد لا يقدر عليه التونسيون.

هل هناك مخطط لمعالجة المديونية الكبيرة للديوان؟

في الواقع المخطط المباشر لمعالجة المديونية إما الترفيع في اسعار المواد الموردة التي يختص بها الديوان او ضخ الفارق مباشرة في ميزانية الديوان. ومن ضمن الحلول الأخرى التي يشتغل عليها الديوان هي التنويع في المنتوجات على غرار طريقة تعليب وتصنيف الشاي من اجل تحسين موارد الديوان باعتماد شاي احمر او اخضر من صنف 100 غرام ونوعيات جديدة تكون فيها الخسارة اقل او متوازنة.

وفي مجال السكر الموجه للاستعمال الصناعي فان المقترح هو الترفيع في سعره والاقتراب أكثر الى الأسعار العالمية ولكن هذه الفرضية سيتم تطبيقها بتدرج وعدم إقرار الأسعار الحقيقية مرة واحدة لان له تأثير غير مباشر على المنتوج النهائي (حلويات، بسكويت، شكلاطة، مشروبات غازية، المشروبات الساخنة كل المواد التي يكثر استعمال السكر فيها ...) الذي قد يكون سعره ارفع ما يؤثر على المقدرة الشرائية للتونسيين من جهة وتسجيل ارتفاع في نسبة تضخم مجموعة الأغذية.

كما لا يمكن معرفة التاريخ بالتجديد في اعتماد السعر الحقيقي لمنتوج السكر الموجه للاستعمال الصناعي خاصة في مثل هذه الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي تمر بها تونس من اجل الحفاظ على ديمومة المؤسسات وعدم اثقال كاهلها.

ماذا عن استراتيجية تطوير أداء الديوان التونسي للتجارة للخروج من دوره التقليدي؟

بالفعل فان الديوان بصدد اعداد دراسة في الغرض وتم الانتهاء من عناصرها المرجعية لتقييم الوضع الراهن والانشطة التي يمكن للديوان ان يدرجها ضمن نشاطه من منطلق ان الديوان عاجلا ام آجلا يجب ان ينوع انشطته.

ومن المرجح ان تفضي الدراسة الى إمكانية ان يتوجه نشاط الديوان نحو جملة من المحاور في السنوات المقبلة على غرار تجميع الشراءات وله دور في المعرض الدولية واحداث معارض في تونس بمواصفات عالمية وتم في الغرض الشروع في تجربة المنطقة الحرة اللوجستية في بن قردان باقتناء الأرض وربح الديوان التجربة في احداث المنطقة اللوجستية وتم حاليا الوصول الى تكوين الشركة التي ستتولى التصرف في المنطقة الحرة ببن قردان.

ويفكر الديوان أيضا في احداث منصة تجارية موحدة وتجميع كل المعلومات التجارية مع الاشتغال على جعل المراصد المحدثة تحت اشراف الديوان على غرار مرصد التجارة الخارجية والمرصد الوطني الأسعار والتزويد لتوفير المعلومة التجارية اللازمة. ومن المرجح ان تكون الدراسة جاهزة في افق سنة 2023 وتكون مخرجاتها جاهزة وتقرر التوجهات المستقبلية للديوان.

على ضوء ما تقدم كيف ترى مستقبل الديوان التونسي للتجارة؟

لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال لأنه مرتبط بعدة عوامل أهمها انتظار مخرجات الدراسة التي سيتم إنجازها والاهم من ذلك في نظري هو ان الديوان لا يمكنه الدخول في طور مستقبلي من دون ان يكون قد حقق توازناته المالية.

كما ان الحكومة تشتغل بالتوازي على القانون المنظم للمنشآت والهياكل العمومية والتفكير في إعطاء دور أكبر لمجلس الإدارة في رسم السياسات واخذ القرار ومنح الاستقلالية المالية لهذه المنشآت.

أجرى الحوار مهدي الزغلامي

تم النشر في 24/03/2022