مع انطلاق حملة بيع زيت الزيتون بسعر 15 دينارا للقارورة الواحدة بسعة 1 لتر وما رافقها من اكتظاظ ولهفة وخاصة عناء في رحلة البحث عن قارورة زيت زيتون تونسي، تطفو على السطح ان "الذهب الأخضر" صار عصيا على التونسيين في بلد يحتل المراتب العالمية الثلاث الأولى في مستوى الإنتاج والتصدير.
وتعرف تونس في الأسابيع القليلة موجة من الغضب من التونسيين الذين عبروا عن غضبهم الشديد من الأسعار المشطة لهذه المادة الاستراتيجية للمواطنين. ويُعدَ زيت الزيتون المُلقَب "بالذهب الأخضر" مكونا رئيسيا في النظام الغذائي المتوسطي وخاصة في تونس لمذاقه ولفوائده الغذائية ولمنافعه الصحية.
وعبر العديد من المواطنين خاصة من الفئات المحدودة الدخل عن تذمرهم من غلاء أسعار زيت الزيتون بشكل غير مبرر في الوقت الذي بلغ الإنتاج مستويات هامة كان من المفروض ان تكون الاثمان معقولة ومناسبة.
وتعكس طوابير الانتظار الطويلة امام المساحات والفضاءات التجارية للحصول على قارورة زيت، حجم الازمات التي تطال العديد من القطاعات والمنظومات الفلاحية.
ومنذ شهر اوت بدأت أثمان زيت الزيتون في مختلف الأسواق تقفز من 18 الى 20 ثم 22 دينارا وهي أسعار من بقايا انتاج موسم 2022/2023 وسط تراجع العرض مقابل تزايد الطلب في انتظار دخول الصابة الجديد.
ولئن تفهم جل المواطنين ان بقايا الصابة تكون عادة أسعارها مرتفعة منتظرين ان يكون أسعار انتاج موسم 2023/2024 ارفق بحالهم الا ان العكس هو الذي حصل لتأخذ اثمان هذه المادة الاستراتيجية منحى متصاعدا.
وتراوح معدل سعر البيع بالتفصيل في ذروة الموسم 2022/2023 بين 14 و19 دينار للتر الواحد مقابل بين 9 و12 دينار للتر في موسم 2021/2022
انتاج هام
قدرت مصالح إدارة انتاج الفلاحي بوزارة الفالحة والصيد البحري والموارد المائية صابة زيت الزيتون لموسم 2023/2024 ب 200 ألف طن مقابل 180 ألف طن في الموسم الفارط بزيادة بنسبة 11 في المئة. وأظهر البيانات الإحصائية ان انتاج الزيتون للموسم الجديد قدر بنحو واحد مليون طن سينتج 200 ألف طن من زيت الزيتون.
ويتوزع الإنتاج حسب الجهات على 23 في المئة بالشمال و17 في المئة بالساحل و35 في المئة بالوسط الغربي و25 في المئة بالجنوب كما تأتى حوالي 55 في المئة من انتاج الزيتون من القطاع المروي. وبلغ انتاج تونس النهائي من صابة زيت الزيتون لهذا العام 180 ألف طن مقابل 240 ألف طن في موسم 2021/2022 بتراجع بنسبة 25 في المئة.
وبالنسبة الى تقدم موسم تصدير زيت الزيتون لهذا الموسم فقد بلغت حوالي 176 ألف طن بقيمة 3.1 مليار دينار منها 17.6 ألف طن زيت زيتون معلب بقيمة 367 مليون دينار و53 ألف طن زيت زيتون بيولوجي بقيمة 970 مليون دينار إلى جانب أن 89 في المئة من صادرات الذهب الأخضر هي من نوع البكر الممتاز.
انفراج منتظر
كمن جانبه افاد حامد الدالي الرئيس المدير العام للديوان الوطني للزيت ان الأسعار كانت منذ شهر جوان 2023 مناسبة في حدود 15 دينار للكلغ مشيرا الى ان الكلغ هي الوحدة المعتمدة في السوق العالمية. ولكنه استدرك بالتوضيح ان منذ شهر أكتوبر 2023 بدأت الاثمان ترتفع تدريجيا لتصل الى مستوى 28 دينارا.
وأرجع التهاب الأسعار بسبب موجة الحر والجفاف التي طالت أول منتج في العالم اسبانيا التي سجلها منتوجها تراجعا بنسبة 40 في المئة الامر الذي ادار كبار الموردين الى التزود من تونس عبر المصدرين الذي اقتنوا كميات كبيرة من المعاصر لغرض تصديرها الى دول الاتحاد الأوروبي.
وتجدر الملاحظة ان حوالي 80 في المئة من مبيعات تونس الخارجية من هذه المادة يتم تصدريها أساسا الى الاتحاد الأوروبي سائبا. وفي الاثناء قال حامد الدالي انه مع انطلاق الموسم الحالي شهدت الأسعار منحى تنازليا نسبيا لتتقلص الى معدل 23 دينارا للتر الواحد مقابل معدل سعر ب 27 دينارا في مطلع شهر نوفمبر الفارط.
قاعدة العرض والطلب
المنظمة الفلاحية الوطنية كان لها رأي مخالف في الملف من منظور دفاع عن المزارعين وأصحاب المعاصر، اذ نفى محمد النصراوي كاتب عام الجامعة الوطنية لمنتجي الزيتون باتّحاد الفلاحين أن تكون الأسعار المتداولة حول سعر لتر زيت الزيتون، للموسم القادم، تتراوح بين 28 و30 دينارا.
واعتبر ان الاخبار التي تحوم حول الموسم تعد وفق رايه من المضاربات المغلوطة سيما وان الموسم لا يزال في بدايته وقد انطلق موسم التحويل في مطلع الشهر الحالي.
واكد انه مثل كل موسم فلاحي تكون أسعار المنتوجات مرتفعة نسبيا بحكم الكميات القليلة من المحصول وسط ارتفاع الطالب الى حد الوصول الى التهافت والمضاربة بالأسعار.
ولاحظ أن زيت الزيتون، مادة استهلاكية تخضع لقاعدة العرض والطلب كغيرها من المواد، كما أنّ أسعار هذا المنتوج مرتبطة أساسا بعامل التصدير، حيث لم يتجاوز سعر اللتر الواحد 23 دينارا مفسرا أنّ قلة العرض وكثرة الطلب هي من أبرز أسباب ارتفاع سعر زيتون الزيتون ليس على المستوى الوطني فقط بل على المستوى العالمي كذلك.
وبيّن أنّ النقص في صابة الزيتون هي ظاهرة عالمية وهو ما يجعل تحديد الأسعار مرتبطا بالأسواق العالمية وبسعر التصدير مشيرا الى أن سعر زيت الزيتون يتماشى مع التسعيرة العالمية المتداولة.
م.ز
تم النشر في 19/12/2023