version française ilboursa

الدينار التونسي يواصل استقراره للعام الرابع على التوالي

مع اقتراب نهاية العام 2023 في ظل مشهد اقتصادي قاتم غلبت عليه المؤشرات السلبية، سجل الدينار التونسي استقرارا للسنة الرابعة على التوالي، فعلى عكس التوقعات حقق استقرارا أسهم في التخفيف من وطأة وتداعيات الازمة المالية.

واظهرت بيانات البنك المركزي التونسي ان الدينار واصل صمودها امام الهزات المتتالية للاقتصاد المتهالك والوضعية المالية الصعبة، في السنوات الأربع الأخيرة بعد فترة صعبة عصفت بالدينار التونسي قبل سنة 2019.

ويتداول سعر صرف الدينار اليوم في سوق تعاملات العملة ب 3.1 دينار للدولار الواحد و3.39 دينار للأورو وهي وضعية ظلت تقريبا منذ سنة 2019. وقال مروان العباسي محافظ البنك المركزي التونسي إن "الانخفاض الكبير للمخزون من العملة الأجنبية خلال سنتي 2017 و2018 (من 112 الى 70 يوم توريد) تزامن مع انخفاض سريع لقيمة الدينار التونسي بنسبة 40 بالمائة".

وأوضح في آخر خروج اعلامي له بمناسبة حوار مع أعضاء البرلمان التونسي في غرة نوفمبر ان الارتفاع الهام لحجم إعادة التمويل للسوق المالية خلال سنتي 2017 و2018 من زهاء 6 مليار دينار الى 17 مليار دينار تزامن مع تسارع انخفاض مخزون العملة الأجنبية الى اقل من 70 يوم توريد.

وفي المقابل تزامن التقليص التدريجي في حجم إعادة المويل للسوق الذي انطلق في عام 2019 مع ارتفاع المخزون من العملة الأجنبية الى مستوى 160 يوم توريد نهاية سنة 2020

السيطرة على الانخفاض

واكد المحافظ ان الرفيع في سعر الفائدة الرئيسية والتقليص من حجم إعادة التمويل هما العاملان الاساسيان وراء نجاح البنك المركزي في السيطرة على انخفاض الدينار وتامين استقراره منذ سنة 2019.

ولفت الى ان الارتفاع الهام في نسب الفائدة على الدولار والاورو منذ سنة 2022 (5.50 بالمائة بالنسبة الى الدولار حابيا و4 بالمائة على الأورو) قلص فارق نسب الفائدة مقارنة بالدينار مما يخفض في كلفة التغطية ويشجع على المضاربة في ظل تراكم التوقعات السلبية للمتعاملين الاقتصاديين.

وبالرغم من بقاء سعر صرف الدينار التونسي مستقرا في السنوات الأربع الأخيرة حذَر مروان العباسي محافظ البنك المركزي التونسي، من زيادة الكتلة المالية في البلاد بما يشكل خطرا على التضخم المالي من جهة وفقدان الثقة في الدينار التونسي من جهة أخرى.

كما شدد على وجوب تحسين جل المؤشرات الاقتصادية والمالية للبلاد حتى لا تكون لها تداعيات على السيولة وعلى العملة الأجنبية وخاصة مستوى سعر صرف الدينار التونسي. وأردف بالتوضيح انه رغم الظرف الاقتصادي العالمي والصراعات الجيوسياسية الراهنة، تمكن الاقتصاد التونسي ومن الصمود ولو نسبيا.

منحى تنازلي

انطلق المسار السلبي للدينار التونسي منذ 2011، بعد أن كان سعره لا يتجاوز 1.33 دينار مقابل الدولار في جانفي 2010 وتراجع إلى 1.51 دينار في مارس 2012، ثم إلى 1.66 دينار في ديسمبر 2013، وصولاً إلى 1.72 دينار في جويلية 2014، ليأخذ منعرجاً لافتاً منذ عام 2015، إذ تهاوى إلى 1.93 دينار في فيفري ثم 2.2 دينار في اوت 2016، و2.42 دينار في جويلية و2017، ليصل إلى السعر الأدنى التاريخي، وهو 3.02 دينار في أفريل 2019، ما مثل دافعاً للمخاوف على مستقبل العملة المحلية.

استرجاع التوازن

وعرف الدينار التونسي عرف انحدارا لافتا في سنتي 2017 و2018 إثر تصريحات وزيرة المالية آنذاك لمياء الزريبي ببلوغ مستوى قيمة 3 دنانير مقابل واحد أورو الامر الذي اجج المضاربة على العملة التونسية في سوق التعاملات ورفع من حجم المخاوف. وفي 2019 استرجع الدينار توازنه نسبيا من خلال تراجع حجم الدين، بسبب أن سياسة البنك المركزي كانت واضحة بالشروع في الترفيع التدريجي في الفائدة المديرية.

تجدر الإشارة الى ما بين 60 و70 بالمائة من المخزون العملة الاجنبية هو ودائع لغير المقيمين (الشركات الأجنبية غير المقيمة والتونسيين المقيمين بالخارج) مستغلين ارتفاع نسبة الفائدة لتحويل الأموال الى تونس للتونسيين بالخارج وإبقاء العملة في البلاد من طرف الشركات غير المقيمة

ويرتكز هذا المخزون على امرين اثنين، الأول ان نسبة الادخار في حدود 7 بالمائة والثاني ان نسبة الفائدة الرئيسية ب 8 بالمائة ما يعني ان هاتين النسبتين مشجعتين لغير المقيمين بحكم انها محفزة وتوفر عائدات هامة.

وسيلة تقنية مهمة

وفي علاقة بصمود الدينار فإن البنك المركزي لجأ الى الوسيلة التقنية الممكنة والتي تعطي نتيجة وهي الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية التي ولئن فرضت نوعا من الضغوط على المستوى الداخلي للمتعامل بالدينار، لكنَها بالمقابل توفر هامش تحرك مريح نسبيا على المستوى الخارجي.

ورغم الوضع الصعب فان سعر صرف الدينار التونسي حافظ على استقراره وتجاوز ازمة سنة 2018 لمَا صارت مضاربة كبيرة في تلك الفترة بشراء العملة الأجنبية مقابل الدينار بعد فقدان الثقة في العملة المحلية واستباق التوقعات بإمكانية بلوغ واحد أورو يساوي 4 دينارات.

يشار الى انه وفق مشروع قانون المالية لسنة 2024 فان أي تراجع في قيمة الدينار بنسبة 1 في المئة تجاه الأورو او الدولار فإن قائم الدين للدولة التونسية سيرتفع بقيمة 837 مليون دينار.

م.ز

تم النشر في 01/12/2023