تواصل رئاسة الحكومة ووزارة المالية وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون المالية للسنة القادمة والذي سيكون مفصليا ومحوريا على مستوى المقاربة والتصورات من منطلق انه سيكون أول مشروع قانون مالية في تنفيذ الخطة الخماسية التنموية الجديدة للبلاد 2026/2030.
والثابت ان المخطط التنموي الجديد لتونس عرف عملية إعداد مغايرة لما سبق من خلال الاعتماد على منهج تصاعدي ينطلق من المستوى المحلي، ثم الجهوي، فالإقليمي، وصولا إلى المستوى الوطني
ومن الطبيعي جدا ان يعكس مشروع قانون المالية الجديد فلسفة لرئيس الدولة في ضرورة أن يترجم أهداف المخطط التنموي الجديد لا سيما في الابعاد الاجتماعية التي ما انفك يوصي بها الرئيس قيس سعيد.
وتتجلى هذه الابعاد الاجتماعية في تكريس دور الدولة في توفير الشغل والاحاطة بالفئات الهشة والضعيفة وإعادة صياغة دور القطاع العام لا سيما في قطاعات ومرافق حيوية على غرار النقل والصحة والتربية والتعليم. كما أن مشروع هذا القانون يعد تجسيدا لسياسة الدولة وخياراتها الكبرى والتي تتمحور أساسا حول الملاءمة بين العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي.
ومن هذا المنطلق فان مشروع قانون المالية الذي اوشكت الحكومة على الانتهاء من اعداده فيما يخص التصورات والاهداف والمحاور العامة على ان يقع مواصلة تعميق النظر في مسالة التوازنات المالية ولا سيما إيجاد الموارد المالية الضرورية لتجسيم الابعاد الاجتماعية خاصة في جانب فتح الباب للانتدابات الجديدة في القطاع العام والوظيفة العمومية.
عمليا يبقى أمام الحكومة شهر ونصف للانتهاء من اعداد مشروعي المالية والميزانية للسنة القادمة باعتبار انه دستوريا الحكومة مطالبة بإيداع المشروعين الى مجلس نواب الشعب في اجل أقصاه يوم 15 أكتوبر من كل سنة.
وبحسب آخر التحديثات بخصوص ملامح مشروع قانون المالية لسنة 2026 فان الحكومة تراهن على 11 محورا في المشروع الجديد سيتم بلورتهم عبر إجراءات تفصيلية يتعين وجوبا إيجاد الموارد المالية والحوافز اللازمة لتجسيمها في المشروع.
وتتعلق هذه المحاور بتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية وأساسا من خلال التشغيل والحد من البطالة عبر تكريس برنامج انتدابات جديدة في الوظيفة العمومية خلال سنة 2026.
وتجدر الإشارة في هذا الخصوص ان الحكومات المتعاقبة لحوالي عشر سنوات اقر نوعا من التقشف في مجال الانتدابات في الوظيفة العمومية بتجميد هذه الانتدابات والاقتصار فقط على بعض المجالات الحيوية على غرار الامن والصحة وبدرجة اقل التعليم اذ لم يتعد برنامج الانتدابات حوالي معدل 11 ألف وظيفة.
ومن بين المحاور التي سيتم تفعيلها في قانون المالية مواصلة تجسيم برنامج تسوية عملة الحضائر ومقاومة التشغيل الهش ومنع المناولة الى جانب إقرار إصلاحات تشريعية تدعم العمل اللائق وتضمن الحماية الاجتماعية مع مساندة الفئات الهشة والأسر ذات الدخل المحدود والعمل على ادماجها الاقتصادي وتحسين ظروفها المعيشية.
ومن جهة أخرى ستركز محاور مشروع قانون المالية للسنة القادمة على تحسين جودة الخدمات وتقريبها إلى المواطن وخاصة فيما يتعلق بالصحة والتعليم والنقل فضلا عن دفع الاستثمار العمومي مع تنمية عادلة في تناسق مع مخطط التنمية للفترة 2026 – 2030 ومع تنويع مصادر تمويل الاستثمار.
وتقرر أيضا دفع الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة الذي يشهد تأخرا لافتا مقارنة مع ما تعرفه الدول المجاورة لتونس لحركية بارزة على مستوى تطوير قطاع الطاقات المتجددة من بناء محطات عملاقة هذا وينتظر ان يتضمن قانون المالية الجديد محورا قديم جديد وهو العمل على ادماج الاقتصاد الموازي مع السعي الى الاستثمار في التنمية العادلة اعتمادا على نتائج أعمال المجالس المحليّة والجهويّة ومجالس الأقاليم في إعداد مخطط التنمية 2026-2030.
م.ز
تم النشر في 21/08/2025